يزور ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان البيت الأبيض لإجراء مباحثات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بهدف تعزيز التعاون القائم منذ عقود في قطاعي النفط والأمن، فضلا عن توسيع العلاقات في التجارة والتكنولوجيا وربما حتى الطاقة النووية.
هذه الزيارة هي الأولى لولي العهد في ظلّ الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد انقطاع سعودي – أميركي دام لسنوات طويلة بسبب الجفاء الذي حدث في عهد جو بايدن، ومع كل ما مرّ به الشرق الأوسط من حروب ومصاعب وعلى هذا الأساس تعتبر هذه الزيارة مهمّة على مختلف الأصعدة ومن الممكن أن تساهم في مسار التهدئة والسلام الذي أرساه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد وقف النار في غزة، وسيكون لها انعكاسات كبيرة على ملفات الشرق الأوسط مع الحفاظ على الثوابت التي تتمسك بها المملكة العربية السعودية وأولها قيام دولة فلسطينية على حدود يونيو 1967 قبل أي شيء آخر.
يشير المحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي بهذا الشأن في حديثه لـ"وردنا" إلى أن "زيارة صاحب السموّ الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وليّ العهد ورئيس مجلس الوزراء، إلى الولايات المتحدة الأميركية، والقمة التي سيعقدها مع الرئيس دونالد ترامب، هي زيارة تاريخية، لأنها ستُأسس لمستقبل العلاقات بين البلدين الكبيرين للعقود المقبلة، استنادًا إلى المكتسبات الجديدة التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية، ووفقًا لرؤية المملكة 2030 وطبيعة العلاقات السعودية– الأميركية".
ويتابع آل عاتي "يتوجّه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد انقطاع دام ثمانية أعوام، وذلك في وقت يُعدّ من أفضل الأوقات السياسية للمملكة العربية السعودية؛ إذ تغيّرت منطقة الشرق الأوسط نحو الأفضل عبر الاتفاق السعودي–الإيراني برعاية صينية، وعودة سوريا إلى محيطها العربي، واستعادة الدولة اللبنانية سيادتها على كامل التراب اللبناني، إضافة إلى انتهاء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، وحصول القضية الفلسطينية على اعترافات دولية تجاوزت مئةً وتسعةً وخمسين صوتًا مؤيدًا للاعتراف بدولة فلسطينية".
ويضيف أن "سموّ وليّ العهد يتوجّه اليوم وهو يقف على أرض صلبة من الاستقرار الذي أسهم في رسم ملامحه في الشرق الأوسط ومن المؤكد أن هذه الزيارة ستؤسس لمرحلة جديدة من التعاون السعودي–الأميركي في المجالات الاقتصادية، ولاسيما الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي، والاستثمار في التقنية، وتوطين العديد من الأسلحة الدفاعية والتقنية المتقدمة التي تسعى السعودية إلى تحويلها إلى رافدة من روافد اقتصادها الوطني".
ويعتبر أنه "من المنتظر أن يجري سموّ وليّ العهد مباحثات معمّقة مع الرئيس الأميركي تتناول القضية المركزية بالنسبة للمملكة العربية السعودية، وهي القضية الفلسطينية، وسبل التوصل إلى حلول وفق القرارات الشرعية الدولية، من شأنها أن تمنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، والمتمثلة في اعتراف إسرائيل بالدولة الفلسطينية وهذه النقطة ما تزال تمثل موضع تباين في علاقات البلدين".
ويختم آل عاتي حديثه لـ "وردنا" مؤكداً "ستواصل المملكة العربية السعودية تمسّكها بمبدأ حلّ الدولتين، وستواصل رفضها لأي تقارب مع إسرائيل ما لم تعترف بقيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا يعني أن السعودية تقف اليوم على أرض صلبة ومتمسكة بهذا الموقف، الذي من شأنه أن يحدث فارقًا لصالح القضية الفلسطينية. ولذلك أستبعد أي تنازل من جانب السعودية في هذا الصدد، وستواصل المملكة تمسكها بحلّ الدولتين، وضرورة قبول إسرائيل قيام دولة فلسطينية قبل أيّ خطوة تطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل."


