لبنان

استنفار لصون ورقة التأمين الأميركية وسط تصعيد إسرائيلي

استنفار لصون ورقة التأمين الأميركية وسط تصعيد إسرائيلي

في ظلّ تباطؤ المسارات الإصلاحية والسيادية، يجد لبنان نفسه أمام ثلاثة سباقات متسارعة تتقاطع في التوقيت والمصير. أولها، انتهاء مهلة تسجيل المغتربين مساء اليوم، وسط ضغط نيابي متزايد لضمان حقهم في الاقتراع، وإزالة الحواجز السياسية، لا سيما من بوابة رئاسة البرلمان، تمهيدًا لإدراج قانون الانتخاب أمام الهيئة العامة، ثانيها، تزخيم الاتصالات الرسمية والدبلوماسية لمعالجة الأزمة الطارئة مع الإدارة الأميركية. أما السباق الثالث، والمرتبط مباشرة بنتائج النقطة السابقة، فيتمثل باتساع دائرة الاستهدافات الإسرائيلية وإنذارات الإخلاء جنوبًا، ما ينذر باقتراب ساعة الصفر المضبوطة وفق توقيت تل أبيب.

في موازاة المشهد المتشابك، وتفاديًا لتعرّي الدولة بالكامل أمام الخارج وسقوط ورقة التأمين الأميركية، علمت "نداء الوطن" أن الاتصالات تواصلت أمس على أعلى المستويات في محاولة لاحتواء تداعيات إلغاء المواعيد التي كانت مقرّرة لقائد الجيش العماد رودولف هيكل في واشنطن، بعدما بات ثابتًا لدى المستوى السياسي في لبنان، أن الرسالة الأميركية سياسية بالكامل، وجرى إيصالها إلى المعنيين في السلطة عبر البريد العسكري بهدف الضغط في ملف حصرية السلاح وتنفيذ القرارات الحكومية والدولية ذات الصلة. وتؤكد المعطيات أن التركيز على شخص العماد هيكل لن يحوّله إلى كبش محرقة في خضم الانقسام السياسي العمودي حول هذا الملف، وأن المؤسسة العسكرية لن تُزج في لعبة الاتهامات المتبادلة.

وتقاطعت المعلومات مع ما سبق أن أشار إليه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، حول الجهات التي "تبخ السم" في الخارج، إذ يُنتظر أن يخصّص الرئيس عون مداخلة في مستهل جلسة مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم في بعبدا، لتوضيح خلفيات ما يجري والتشديد على تحصين المؤسسة العسكرية في هذا الظرف الدقيق.

كما تبيّن أن السفارة الأميركية في بيروت كانت محور الاتصالات السياسية والدبلوماسية التي تكثفت بالأمس لإعادة وضع الأمور في نصابها، في موازاة دور مماثل اضطلعت به السفارة اللبنانية في واشنطن على خط المعالجة وشرح ملابسات ما حصل. ووفق المعطيات المتوافرة، فإن الموقف الأميركي حازم وواضح: لا تسوية ممكنة من دون سحب السلاح غير الشرعي من كامل الأراضي اللبنانية قبل نهاية العام الجاري، بالتوازي مع استمرار الاتصالات المباشرة مع إسرائيل لصياغة تسوية شاملة تطول الملفات الأمنية والحدودية العالقة.

في سياق جلسة مجلس الوزراء اليوم، ورغم خلو جدول الأعمال من بنود سياسية ساخنة، علمت "نداء الوطن" أن الحملة التي شنها محور "الممانعة" من طهران إلى "حزب الله"، ضد حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، "قد" تفرض نفسها على طاولة النقاش. وتشير المعلومات إلى أن عددًا من الوزراء سيشدّد على ضرورة دعم الإجراءات التنظيمية التي يتخذها مصرف لبنان، لما لها من دور أساسي في تنظيم القطاع المالي وضبطه.

استهداف "حماس" يحرّك سلاح المخيمات

وإذا كانت السلطة لا تزال عاجزة عن نزع سلاح "حزب الله" في جنوب الليطاني وخارجه، فإن الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مخيم عين الحلوة مساء الثلثاء وأسفرت عن مقتل 13 عنصرًا من حركة "حماس"، أعادت ملف السلاح الفلسطيني إلى دائرة الاهتمام القصوى، وفق معلومات رسمية لـ "نداء الوطن". ولفتت إلى أن العملية الإسرائيلية، أثارت استياءً فلسطينيًا واسعًا، في ضوء استخدام "حماس" المخيمات كدروع بشرية ومنصّات لتحرّكها العسكري، ما يعرّض أمن اللاجئين للخطر. في المقابل، يُرتقب تحرّك جديد للدولة اللبنانية، خصوصًا بعدما رفضت "حماس" الالتزام بقرار جمع السلاح الصادر عن الحكومة والمدعوم من السلطة الفلسطينية. وتشير المعطيات إلى اتجاه نحو رفع وتيرة الإجراءات الرسمية ضد "حماس"، بعدما تبيّن من خلال الغارة أن نشاطها العسكري في الداخل اللبناني يشهد تصاعدًا لن يُسمح باستمراره.

الساعات الأخيرة لتسجيل المغتربين

انتخابيًا، علمت "نداء الوطن" أن عدد المغتربين المسجلين، حتى مساء أمس، أي قبل 24 ساعة من انتهاء المهلة، وصل إلى 120 ألفًا. وكان النواب الموقعون على عريضة قانون الانتخابات أكدوا في بيان أمس، أن إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في أيار التزام دستوري لا يقبل التأجيل، وأن ضمان ذلك يبدأ بإدراج مشروع القانون المُعجّل المقدم من الحكومة على جدول أعمال الهيئة العامة فورًا.

إسرائيل تلوّح بتوسيع عملياتها

أفادت هيئة البث الإسرائيلية بوجود مؤشرات على المستوى العسكري تشير إلى أن الهجمات الحالية ضد "حزب الله" لا تحقق الأهداف المرجوة، ما يعزز التقديرات بضرورة تنفيذ عمليات أوسع نطاقًا. وفي السياق، ذكرت الهيئة أن "الحزب" يعمل على إعادة تأهيل قدراته العسكرية، ما يرفع من احتمالية أن يُقدم الجيش الإسرائيلي على شن هجمات في مناطق كان يتجنبها سابقًا. وكان الطيران الإسرائيلي شن غارات على عدة بلدات في جنوب لبنان، قال إنها استهدفت "مستودعات أسلحة"، بعيد توجيهه تحذيرات للسكّان بإخلاء مبانٍ.

شبكة سرية لـ "الحزب" في أوروبا

كشف الادعاء الفيدرالي الألماني عن شبكة اتصالات سرّية ومتطورة يديرها "حزب الله" في أنحاء متعدّدة من أوروبا، تُعنى بتهريب كميات ضخمة من الأسلحة وقطع الغيار والطائرات المسيّرة إلى لبنان. ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، بدأت خيوط الشبكة تتكشف أثناء التحقيق مع المواطن اللبناني "فاضل ز." (35 عامًا)، الذي يُحاكم أمام المحكمة الإقليمية في مدينة تسيله شمال ألمانيا. وتشير لائحة الاتهام إلى انتمائه إلى "الحزب"، ودوره المحوري في تسهيل عمليات نقل طائرات مسيّرة ذات طابع عسكري إلى الداخل اللبناني.

يقرأون الآن