منوعات آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

فيروز في عيد ميلادها... صوتٌ يعلو فوق الحزن وذاكرةٌ لا تنكسر

فيروز في عيد ميلادها... صوتٌ يعلو فوق الحزن وذاكرةٌ لا تنكسر

في عيد ميلادها، لا تقف فيروز عند حدود عامٍ جديد في رزنامة العمر، بل عند مفترق إنساني عميق تتقاطع فيه المجد مع الفقد، والخلود الفني مع وجع الأمّ التي ودّعت ابنها زياد الرحباني، الموسيقار والمتمرّد الجميل الذي كان امتداداً لروحها، ومرآةً أخرى لصوتها المختلف.


فيروز، التي شكّلت وجدان أجيالٍ كاملة، تدخل عيدها هذا العام بثوبٍ أكثر صمتاً، ولكن بهيبة أكبر. فقدان زياد لم يكن خسارة عائلية فحسب، بل خسارة ثقافية وفنية كبرى للبنان والعالم العربي. ومع ذلك، بقيت فيروز ـ كما عوّدت جمهورها ـ سيّدة الكبرياء الهادئ، التي تعرف كيف تحوّل الألم إلى سكينة، والدمعة إلى صلاة.


من صوتها وُلد الصباح، ومن حنجرتها صاغ لبنان صورته الأجمل. غنّت للوطن حين خانه الجميع، واحتضنت الناس حين ضاقت بهم الحروب. ومع زياد، دخلت في مرحلة جديدة من الجرأة الموسيقية والعمق الإنساني، فأعاد تشكيلها فنياً، وأضاف إلى أسطورتها بعداً معاصراً لا يشبه أحداً.


اليوم، وهي تطفئ شمعة عيدها وسط فراغ تركه الغياب الثقيل، تحضر أغانيها كملاذٍ أخير للذاكرة. “بحبك يا لبنان” تصبح أكثر وجعاً، و”سألوني الناس” أكثر صدقاً، وكأنها باتت تروي حكايتها الشخصية لا مجرّد أغنية.


فيروز لم تكن يوماً مجرّد صوت، بل وطنٌ صغير يسكن القلوب. وفي حزنها النبيل، تذكّرنا أنّ العظماء لا ينهزمون، بل يزدادون عمقاً، وأنّ الأمومة، حين تجتمع بالفن، تصنع وجهاً آخر للقداسة.


في عيدها، نقف أمام فيروز لا لنبارك فقط، بل لنقول لها شكراً... لأنّها منحتنا الجمال، وعلّمتنا كيف يسمو الإنسان حتى وهو مجروح.


كل عام وفيروز بخير،

وصوتها باقٍ... مهما اشتدّ الغياب.

يقرأون الآن