لبنان

براك يروّج لـ"الفرصة الأخيرة" ويحدد 6 شروط لمنع الحرب

براك يروّج لـ

على وقع التصعيد الإسرائيلي المستمر بنسب متفاوتة منذ إعلان وقف إطلاق النّار قبل عام، تستمرّ الحركة السّياسيّة الدّبلوماسيّة ناشطة في اتجاه ​لبنان​ ومحليًّا، في محاولة منع انزلاق الوضع إلى الحرب الّتي تهدّد إسرائيل بشنّها. وأشارت صحيفة "الجمهوريّة" إلى أنّ "في هذا الإطار، تندرج زيارة وزير الخارجية المصرية ​بدر عبد العاطي​، الذي وصل إلى بيروت مساء أمس، ليبدأ اليوم جولته على المسؤولين اللبنانيين، في زيارة تأتي بعد المقترحات التي كان حملها إلى لبنان قبل أسابيع مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، على أن يبحث فيها وتُبحث فيها القاهرة لاحقاً مع الجانب الإسرائيلي".

ولفتت إلى أنّه "يُرتقب اليوم أن تتركّز الأنظار سياسياً إلى المحادثات التي سيجريها عبد العاطي مع المسؤولين اللبنانيين، حيث انّها ترتدي أهمية خاصة، نظراً إلى التوقيت والسياق السياسي اللذين تتمّ خلالهما". وكشفت معلومات متوافرة من مصادر دبلوماسية للصّحيفة، أنّ "الوزير المصري يحمل ورقة للنقاش مع أركان السلطة والقوى السياسية كافة، وقد تشمل "​حزب الله​" أيضاً، وهي تشكّل استكمالاً للأفكار التي حملها قبل فترة اللواء رشاد، بل هي تأطير لها في مبادرة متكاملة".

بانتظار لقاء وزير الخارجية المصري مع "حزب الله"

في السّياق، أفادت معلومات صحيفة "الأخبار"، بأنّه "لم تُسجَّل في الساعات الماضية أي تطوّرات على مستوى الاتصالات، بانتظار ما سيكشف عنه وزير الخارجية المصرية بدر عبد العاطي، الذي وصل إلى بيروت أمس، ويبدأ اليوم جولة على الرؤساء الثلاثة، إضافة إلى اجتماع طلب عقده مع قيادة "حزب الله".

وذكرت الصّحيفة أنّ "الجهات الرسمية تبلّغت مساء أمس، موعد زيارة جديدة للموفدة الأميركية ​مورغان أورتاغوس​ إلى بيروت، في اليوم التالي لانتهاء زيارة البابا لاوون الرابع عشر". وأوضحت مصادر متابعة لـ"الأخبار"، أنّ "الكلام الأميركي مع لبنان الرسمي متوقّف حالياً، وأنّ كلمة السرّ للمرحلة المقبلة سيتبلّغها رئيس الجمهورية ​جوزاف عون​ من السفير الأميركي المعيّن حديثاً ​ميشال عيسى​، الذي نُقِل عنه أنه سيشدّد على أنّ واشنطن تنتظر تنفيذ القرارات التي اتّخذتها الحكومة في 5 آب الماضي 2025، وأنّ التنفيذ بالنسبة إلى الإدارة الأميركية أهمّ من القرار نفسه، وأنّ الموقف الأميركي حاسم ولا تراجع عنه".

أمّا بالنّسبة إلى الرّسالة الّتي تلّقاها الرّئيس عون من نظيره الأميركي دونالد ترامب، بمناسبة عيد الاستقلال، فأكّد مطّلعون لـ"الأخبار"، أنّ "الرسالة بروتوكولية لا أكثر، شأنها شأن الرسائل التي تلقّاها الرئيس عون من عدد من الدول، وآخرها من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي"، محذّرين من "منحها حجماً إعلامياً مبالغاً فيه أو اعتبارها مؤشراً إيجابياً على تبدّل النظرة الأميركية تجاه لبنان".

وكشفت مصادر لصحيفة، أنّ "الرئيس عون كان يشكو قبل ساعات من وصول الرسالة، من عدم تلقّيه أي جواب أميركي على مبادرته الأخيرة، وأنّ المعطيات المتوافرة تشير إلى أنّ إسرائيل غير معنية بالتفاوض أو الوصول إلى حلّ".

وشدّدت "الأخبار" على أنّ "اللافت هو النشاط المكثّف للدبلوماسيين الأجانب في بيروت، الذي يأخذ طابع التهويل الفعلي. فبينما تخلو اللقاءات الرسمية للسفراء من أي حديث مباشر عن خطورة الوضع، تحمل الجلسات الأهمّ، تلك التي تُعقد بعيداً عن الإعلام، معطيات بالغة الحساسية".

وأضافت أنّ "آخر ما تسرّب في هذا السياق، ما نُقل عن السفير البريطاني في لبنان هايمش كاول، بأنّ "الأجواء في إسرائيل سلبية جدّاً، وكانت هناك تحضيرات لتوجيه ضربة كبيرة إلى لبنان قد لا تقتصر على أهداف تابعة لحزب الله"، وهو أثار بلبلة واسعة لدى أوساط سياسية سارعت إلى جمع المعلومات، خصوصاً أنه تلاقى مع "تحذيرات على شكل نصائح" نقلتها المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة جانين بلاسخارت، ومفادها أنّ "إسرائيل، في حال تعرّضها لعمليات من جانب حزب الله، قد تقدم على ضربة واسعة تستهدف مراكز تابعة للدولة اللبنانية وليس حزب الله وحده".

وعلمت "الأخبار" من مصادر دبلوماسيّة، أنّ الأميركيين "يتعمّدون ضخّ الأخبار المتعلّقة بالوضع الأمني، وهم أنفسهم من يكرّر القول إنّ إسرائيل حصلت على تفويض أميركي- غربي يتيح لها القيام بما تراه مناسباً لمواجهة تهديدات حزب الله".

وبيّنت المصادر أنّ "إسرائيل تبحث في احتمال شنّ حملة جوّية واسعة جدّاً على لبنان، تكون أشدّ وأقسى ممّا جرى في السابق"، وأنّ المسألة باتت مسألة وقت فقط، وأنّ الاعتبار الوحيد القابل للتأثير حالياً هو موعد زيارة البابا إلى لبنان".

برّاك يُروِّج لـ"الفرصة الأخيرة": 6 شروط لمنع الحرب

على صعيد متصل، أشارت صحيفة "الأخبار" إلى أنّ "من دون أيّ مقدّمات، تنظر الولايات المتحدة إلى علاقتها مع رئيس الجمهورية جوزاف عون وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، من زاوية واحدة لا غير: نزع سلاح حزب الله! ومنذ ما لا يقلّ عن خمسة أشهر، يتصرّف الأميركيون على أساس أنّ الوقت حان ليُنفِّذ عون تعهّداته في ما يخصّ الحزب، وأنّ المهلة التي طلبها قد انتهت".

ولفتت إلى أنّ "النقاش لم يعد يدور حول اتخاذ الحكومة قراراً بحصر السلاح، بل حول كيفية تنفيذ هذا القرار، مع تبدّل جوهري في المقاربة الأميركية، يقوم على أنّ واشنطن لا ترى نفسها مضطرة إلى الحصول من إسرائيل على خطوات ميدانية يطالب بها لبنان، بل تعتبر أنّ المسألة محصورة في ما يتوجّب على لبنان أن يقوم به".

وركّزت الصّحيفة على أنّ "مع تلبّد الغيوم في سماء العلاقة بينه وبين الأميركيين، بدا أنّ رئيس الجمهورية دخل في أزمة حقيقية مع الإدارة نفسها لا مع الموفدين فقط. فبعد الصدمة التي تلقّاها من المبعوثة الأولى مورغان أورتاغوس وطريقة تعاطيها، عاد وواجه النهج ذاته مع المبعوث الجديد توم برّاك، الذي كان صريحاً في التعبير عن تغيّر رأيه في الرئيس عون بعد كل زيارة يقوم بها لبيروت، حتى بات يجاهر بأنّ "الحوار الفعّال" يتمّ اليوم مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي".

وأوضحت أنّ "براك لم يقطع التواصل مع الرئيس عون، بل حافظ على خطوط اتصال مفتوحة مع محيط رئيس الجمهورية، مستفيداً من علاقة الصداقة التي تربطه برجل الأعمال السوري- اللبناني- الأميركي جمال دانيال، صديقه في الأعمال وصاحب العلاقات الجيدة في لبنان، الذي تعهّد لعون بإبقاء قنوات الاتصال قائمة، وأمَّن خطاً مباشراً بين برّاك وجان عزيز، بصفته مستشاراً سياسياً للرئيس".

كما أفادت بأنّه "يتردّد أن برّاك كان أكثر صراحة في محادثاته مع عزيز، على أمل أن ينقل الأخير الأجواء كما هي إلى عون، خصوصاً بعد تعثّر "دبلوماسية الأوراق" التي جاء بها برّاك إلى بيروت، والتي أضاف إليها بنوداً تتعلق ب​الإصلاحات المالية​ والاقتصادية، بعدما بدا واضحاً التباين بينه وبين أورتاغوس حيال هذه الملفات".

وذكرت "الأخبار" أنّ "مع مرور الوقت، بدا أن برّاك وقع أكثر فأكثر في شِباك المصالح الإسرائيلية، وصار يُعبّر بوضوح عن قناعته بأن الخرق الحقيقي في الجدار يبدأ من حسم ملف السلاح. ومع ذلك، لم يكن الرجل مرتاحاً إطلاقاً لما تفعله إسرائيل في سوريا. وقد انتقدها قبل أيام قائلاً لمقرّبين، عقب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة لجنوب سوريا، إن الأخير "يتعمّد إذلال الرئيس السوري أحمد الشرع، رغم أن الأخير يتعاون معنا إلى أبعد الحدود".

وشدّدت على أنّ "هاجس برّاك بات في كيفية إيصال رسالة إلى عون وبري ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام وقائد الجيش، مفادها أن الأمور تغيّرت تماماً، وأن على لبنان "التعامل بواقعية" وإدراك أن "هناك أموراً كثيرة تغيّرت وتفرض نفسها على الجميع". ومع أنه أقرّ مراراً بأن إسرائيل لا تساعده لا في لبنان ولا في سوريا، تبنّى السردية الإسرائيلية من دون نقاش، فصار يكرّر الرواية عن "تعاظم قوة حزب الله في لبنان"، وينتقد رئيس الحكومة والجيش اللبناني بالقول إنهما "لا يفعلان شيئاً في مواجهة هذا التعاظم"، قبل أن ينتقل دفعة واحدة إلى طرح ما تمّ التعارف عليه كعرض "الفرصة الأخيرة" على القيادة الرسمية في لبنان".

وأضافت أنّ "لدى برّاك، كما لدى مسؤولين أميركيين آخرين، رواية حول زيارة الرئيس عون إلى نيويورك، ومفادها أنه كانت معروضةً على عون زيارة البيت الأبيض، لو أنه التزم شخصياً، ومن خلال الحكومة، ببرنامج عمل محدّد مع جدول زمني لنزع سلاح حزب الله في كل لبنان، وليس فقط جنوب نهر الليطاني".

إلى ذلك، أشارت الصحيفة إلى أنّه "يحلو لبرّاك تذكير الجميع بـ"النّموذج السّوري"، متحدّثاً عن موقع لبنان في المشهد الإقليمي والدولي. ويقول عن الشرع: "لم يهتم لكل الكلام الدبلوماسي، فهو يعرف المطلوب، وذهب إلى مفاوضات مباشرة وعلنية مع إسرائيل، فرددنا له الجميل بأن وفّرنا له المزيد من الحصانة، وفتحنا الأبواب أمام حكومته للسير قدماً نحو مرحلة تُخرِج سوريا نهائياً من دائرة العزلة".

وتابعت أنّ "برّاك لا يتوقف عند هذا الحد، فهو يحرص على التأكيد أنه يتشارك مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في العديد من الأمور، أبرزها كيفية العمل لإتمام صفقة. لكنه يضيف: "رئيسي ليس طويل البال، وصبره ينفد بسرعة، وعلى لبنان أن يفهم ذلك، ويقتنص الفرصة الأخيرة"، مبيّنةً أنّه "عندما يُسأل مباشرة عن مقصده، يجيب مشيراً إلى ما بات يُعرف اليوم بـ"الشروط الستة"، وهي:

- أولاً: على لبنان أن يتصرّف بواقعية، والاعتراف بأن اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 27 تشرين الأول 2024 قد سقط، وأن الأحداث أثبتت عدم فعاليته، وبات من غير المُجدي النقاش حوله.

- ثانياً: على لبنان أن يفهم أن المطروح الآن هو الانخراط في محادثات مباشرة بين وفدين لبناني وإسرائيلي برعاية أميركية، على أن يكون التمثيل اللبناني عالي المستوى وحاصلاً على تفويض علني من الحكومة، حتى لو اختار رئيس الجمهورية من يمثّل لبنان. كما يجب على لبنان الاقتناع بأن "المحادثات التقنية" ليس لها مكان على طاولة البحث.

- ثالثاً: يمكن للبنان أن يحقّق من خلال المفاوضات المباشرة، أكثر بكثير مما يمكن أن يحقّقه عبر المحادثات بالواسطة. وإذا كان المسؤولون اللبنانيون يهتمون بمصالح بلادهم، فعليهم مراجعة الاتفاق الذي أبرموه مع إسرائيل بشأن الحدود البرية، حيث أسفر عن الاعتراف بحصص إضافية لإسرائيل ومنحها نفوذاً وحرية حركة واسعة، مقابل طموحات لبنانية بعوائد غير مضمونة وتقييد حرية العمل في البحر.

- رابعاً: الاتفاق بين اللبنانيين على أن الوقت قد حان للتخلّص من حالة حزب الله، مع التركيز على الجناح العسكري، وأن واشنطن مستعدّة، بالتعاون مع دول عربية مثل السعودية وقطر والإمارات، لتوفير تمويل ضخم يساهم في خلق "مخرج مشرّف" للحزب، وتحويله إلى حزب سياسي؛ مع الحفاظ على نفوذه من خلال برامج إعمار واسعة في المناطق التي تضمّ جمهوره.

- خامساً: الحصول على إقرار من حزب الله بالتخلّي عن السلاح، ووضع خطة تشرف عليها الولايات المتحدة تتضمّن جدولاً زمنياً لنزع السلاح، على أن تبدأ المرحلة بإعلان الحزب نفسه التخلّي عن العمل العسكري ضد إسرائيل. عندها، ستساعد أميركا لبنان على التحوّل إلى دولة مكتملة الأركان، تديرها مؤسسات واحدة في ال​سياسة​ والأمن والاقتصاد.

- سادساً: اقتناع الأفرقاء اللبنانيين، سواء السياسيين أو أصحاب النفوذ في القطاعين المالي والنقدي، بضرورة الاستماع إلى مطالب ​صندوق النقد الدولي​، ووضع آلية تجعل لبنان منخرطاً في تلبية الشروط العالمية للنشاط المالي، وهو ما سيمكّنه من إطلاق برنامج شامل لمكافحة الفساد".

خليل إلى الرياض

إلى ذلك، اعتبر مصدر سياسي بارز لـ"الجمهوريّة"، في توصيفه للمرحلة الحاليّة، أنّ "الرجعة إلى الوراء امر مستحيل. كل اللعبة أصبحت على المكشوف، والوقائع الميدانية تغيّر الخيارات، وتفرض إعادة تموضع حساسة ودقيقة، فالمنطق يقول إنّ هناك فريقاً سياسياً في لبنان أصبح في موقع حرج، لكنه مستمر في المواجهة ولن يقبل الاستسلام، صحيح انّه فَقَد أوراق قوة كبيرة، لكن هذا لا يعني انّه انتهى؛ او يمكن تجاوزه في صياغة الحلول".

وأوضح أنّ "التطور المستجد يكمن في انّ النقاش اصبح متقدّماً جداً مع الجهات السياسية المعنية، وانّ الأفكار جارٍ تطويرها بالمباشر، على أساس مقاربات مختلفة كلياً عن أي مرحلة سابقة، وهذا ما استدعى زيارة المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل لطهران، الذي يستعد في الخطوة التالية لزيارة الرياض، في استكمال لنقاش جدّي بدأ يتطور في محاولة للخروج من المراوحة القائمة ومبنية على تعزيز عمق العلاقات العربية؛ خصوصاً مع الطائفة الشيعية".

وأكّد المصدر أنّ "حزب الله ليس بعيداً من هذه الأفكار، خصوصاً انّه سبق أن مدّ يده للحوار مع السعودية، كما انّ ​إيران​ لن تعرقل، على العكس، ستلعب دوراً بارزاً في هذا السياق"، مركّزًا على أنّ "الأمور إذا ما سارت في شكل صحيح ونيات سليمة، فإنّ الحل يمكن ان يسبق التصعيد الكبير المحتمل الذي يهدّد به العدو".

يقرأون الآن