مقالات

خاص "وردنا"- التصعيد مرتبط بزيارة البابا... ما بعدها ليس كما قبلها

خاص

لبنان بأسره يترقب زيارة البابا لاوون الذي سيصل الى بيروت بعد ظهر الأحد المقبل، حاملا في يده حمامة سلام سيطلقها في سماء الوطن علّها مع صلواته وتضرعاته تنشل بلد "الرسالة" من تحت أنقاض الحروب المتلاحقة والدمار، وتزرع الأمل والرجاء في النفوس للاستمرار والتجذر في أرض الاجداد التي لا بد انها ستثمر ذات يوم سلاما واستقرارا وطمأنينة وخيرات وفيرة.

زيارة البابا الذي "سيحمل رسالة سلام، لكنه لا يملك الحلول أو العصا السحرية، انما على اللبنانيين تحمّل مسؤولياتهم لبناء دولة فعلية" كما قال البطريرك الماروني بشارة الراعي في مقابلة مع "وردنا"، تأتي في لحظة روحية يحتاج اليها اللبنانيون للصلاة على نية السلام الذي ربما يتحقق بعجيبة سماوية بعدما فشلت المساعي على الارض. كما يزور الحبر الاعظم بلد الأرز، الصغير في حجمه والكبير في تجذره التاريخي، والفريد بتعايشه، وهو يمر بمحطة مفصلية تحدد مستقبله كما مستقبل أبنائه، ويعاني من واقع سياسي خطير مفخخ بكل أنواع الألغام وسط تغيرات كبيرة تشهدها المنطقة تحت عنوان "السلام" الذي يعمل على تحقيقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب. 

 مصر تسعى لتجنيب لبنان التصعيد بعد زيارة البابا

على أي حال، الكواليس الديبلوماسية والسياسية، والرسائل العربية والغربية، تنطوي على تحذيرات من ارتفاع منسوب خطر التصعيد على لبنان، وبات كثيرون على قناعة ان المواربة لم تعد مجدية، وقرار الحرب اتخذ بانتظار ساعة الصفر حتى ان الوساطة التي تقوم بها مصر لتجنيب لبنان الكأس المرة، تصطدم بكثير من العراقيل، وما حذر منه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في بيروت من عملية إسرائيلية كبيرة وتدميرية براً وجواً يصب في إطار الأجواء السلبية. 

وفي هذا الاطار، لفت المحلل السياسي المصري طلعت طه في حديث لموقع "وردنا" الى ان تواصل وزير الخارجية المصري مع دولة لبنان بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي يأتي في إطار الوقوف الى جانب لبنان في أزمته الحالية خصوصا انه يتعرض لاعتداءات اسرائيلية متواصلة، ومصر ترفض أي نوع من هذه الاعتداءات على لبنان ومنشآته. أتوقع أن يكون هناك بعض الضربات التي ستحصل بعد زيارة البابا الى لبنان. لذلك، تسعى مصر بشكل حثيث لتجنيب لبنان التصعيد الاسرائيلي الذي سيستمر من أجل الضغط على الدولة اللبنانية لإزاحة حزب الله من المشهد العسكري بمعنى تجريده من السلاح، وتوقيع اتفاقية بعدم التعرض لاسرائيل. والرئيس الاميركي دونالد ترامب تحدث عن الجناح العسكري للحزب، ما يعني انه من الممكن أن يتحول الحزب الى حزب سياسي.

وفي الذكرى السنوية الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، يزداد جو التعبئة والتحريض والتصعيد في التصريحات الايرانية والاسرائيلية المتعلقة بلبنان، وليس آخرها ما نقلته صحيفة "جيروزالم بوست" عن مسؤولين إسرائيليين بأن صبر تل أبيب وواشنطن بدأ ينفد، بالاضافة الى الاجتماع الأمني الطارىء الذي دعا اليه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمناقشة التطورات على الجبهة الشمالية مع حزب الله. كما ان ما قاله مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي عن "اغتيال القيادي في حزب الله هيثم الطباطبائي الذي نُفذ بانتهاكٍ لسيادة لبنان، وان خرق الكيان الصهيوني لوقف إطلاق النار أظهر للجميع النتائج الكارثية لنزع سلاح الحزب"، ما استدعى ردا من قبل المسؤولين اللبنانيين.

مهلة زمنية للتصعيد غير واقعية

وسط كل هذه الضبابية، تتسرب معلومات بأن رفع مستوى التصعيد بات مرتبطا بإنتهاء زيارة البابا الى لبنان أي مطلع الشهر المقبل، وان اسرائيل لن تنتظر  مهلة آخر السنة التي أُعطيت للحكومة لجمع السلاح ليس فقط من الجنوب انما من كل لبنان. 

لكن النائب السابق علي درويش أشار في حديث لموقع "وردنا" الى انه حسب الاتصالات وبعض المطلعين على لقاءات الموفدين الى لبنان من غير الواقعي توصيف الامر وكأن هناك مهلة زمنية للتصعيد من قبل اسرائيل. لا شك ان هناك تهديدات قابلة للتنفيذ، لكن حتى اللحظة ليس هناك من معطى يدل على تاريخ معين. مصر تلعب دورا أكثر تقدما من المرحلة السابقة، وهي تتمتع بعلاقة جيدة مع الدول الخليجية والولايات المتحدة الاميركية كما انها دولة مركزية. وهنا لا بد من الاشارة الى أمرين: مبادرة رئيس الجمهورية وما قاله عن تطبيق القرار 1701، وموقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اعتبر ان الوضع في لبنان هش، وهذا يدل على اننا امام مفترق اما ان نقوم بعملية تسوية معينة، والعامل الزمني أصبح ضاغطا أو الانزلاق الى حرب أوسع.

وكشف درويش ان الزيارات المصرية الى بيروت تندرج في اطار الدفع باتجاه انضاج تسوية تشمل الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب، وآلية دعم الجيش اللبناني ليكون قادرا على تطبيق القرار 1701. إذا، مصر تسعى الى الدفع باتجاه التسوية وآلية تطبيقها بشكل أسرع وأكثر فعالية. 

يقرأون الآن