خاص

مرت سنة منذ انطلاق معركة "ردع العدوان"، التي أسقطت نظام آل الأسد بعد سنوات طويلة من جبروته على السوريين، والذين لم تسلم أغلب الدول العربية من بطشه وشره، رغم تفاوت هذا الشرّ بحسب الظروف التي حكمت علاقة نظام الأسد مع تلك الدول.

عندما أعلنت "هيئة تحرير الشام" عن انطلاق معركة "ردع العدوان"، تحوّلت أنظار المجتمع الدولي، والعربي بشكل خاص، إلى الداخل السوري لمراقبة مجريات المعركة وتطوراتها، دون أن يتوقع الكثيرون أنها ستكون بداية نهاية حقبة عائلة حكمت السوريين بالحديد والنار، وامتد شرها ليشمل سوريا بأسرها.

الكثيرون ممن كانوا ينتظرون سقوط نظام الأسد منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، لم يتصوروا أن الوقت قد حان لتحقيق هذه اللحظة التي طال انتظارها. فمنذ أحداث 2011، كان المنتظرون يصابون بخيبات أمل كبيرة نتيجة الظروف الإقليمية التي عزّزت النفوذ الإيراني في المنطقة العربية، وكان آخرها التدخل الروسي في عام 2015 لإنقاذ بشار الأسد وتثبيت حكمه المتهالك، بعد أن اقتربت فصائل المعارضة السورية آنذاك من القصر الرئاسي، الى حان الوقت لمعركة "ردع العدوان".

كما لم يكن متوقعًا أيضًا سرعة تخلي روسيا وإيران عن نظام بشار الأسد، وهو ما تجلّى في استسلام جنود الأسد بسرعة، حتى أن القتال في معظم المناطق لم يكن يُذكر. فقد كانت رحلة فصائل المعارضة السورية من إدلب إلى حلب سريعة جدًا، لدرجة لم يكن أحد يتوقعها قط.

جاءت عملية "ردع العدوان" مباشرة بعد تدمير إسرائيل لقدرات حزب الله، الذي كان العمود الفقري لصمود النظام طوال سنوات الحرب، واستنزاف القوات الأوكرانية لقدرات الجيش الروسي، الداعم الجوي الرئيسي له. انسحبت قوات النظام دون أن تشهد حماة أو حمص أو دمشق أي اشتباكات جديرة بالذكر.

أطلقت هيئة تحرير الشام على العملية اسم "ردع العدوان"، وقالت إنها هجمت ردًّا على تكثيف قصف النظام السوري، المدعوم روسيًا وإيرانيًا، للمناطق السكنية في ريف حلب الغربي.

في يوم الجمعة 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، دخلت قوات المعارضة إلى مدينة حلب واستولت على معظم أنحاء المدينة وسط انهيار قوات النظام والموالين له. بعد أيام، في يوم الخميس 5 ديسمبر، أعلنت فصائل المعارضة سيطرتها على مدينة حماة، رابع أكبر مدن سوريا، الواقعة في وسط البلاد.

وفي يوم السبت 7 ديسمبر، أعلنت الفصائل سيطرتها على مدينة درعا في جنوب البلاد، ثم في الساعات الأولى من يوم الأحد 8 ديسمبر، أعلنت السيطرة الكاملة على مدينة حمص، ثالث أكبر مدن سوريا. وبهذا، أصبحت أربع مدن تحت سيطرة الفصائل خلال 24 ساعة، نتيجة غياب أي معارك تذكر مع جيش النظام الذي فضّل عناصره عدم القتال، وهي: حمص، درعا، القنيطرة، والسويداء. كما أعلنت الفصائل سيطرتها على مدينة القصير بريف حمص قرب الحدود اللبنانية، وتحرير أكثر من 3500 معتقل من سجن حمص المركزي، وبدأت التمهيد لتطويق العاصمة دمشق وحصارها.

في الساعات الأولى من يوم الأحد 8 ديسمبر 2024، انسحبت قوات النظام من العاصمة دمشق، وتمكنت فصائل المعارضة من تحريرها. وبثّ التلفزيون الرسمي السوري مقطعًا مصورًا يظهر سيطرة المعارضة على دمشق، وسقوط نظام بشار الأسد وهروبه بعد 24 عامًا من حكم سوريا، مع إطلاق جميع المعتقلين. وبذلك، أنهت عملية "ردع العدوان" حكم آل الأسد لسوريا الذي دام 54 عامًا، لتبدأ مرحلة جديدة بإدارة سورية أعادت البلاد إلى الحضن العربي والدولي بعد سنوات من العزلة.

يقرأون الآن