الأجواء السياسية في البلد تشير الى ان منسوب التشاؤم بالتصعيد الاسرائيلي على لبنان انخفض، لكن هذا لا يعني ان شبح الحرب أصبح خيارا مستبعدا، وما أشارت اليه صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إلى أن تقديرات تل أبيب تتوقع تحرّك الجيش الإسرائيلي بعد تحسن الأحوال الجوية وانقضاء أعياد الميلاد ورأس السنة، بهدف استكمال عملية نزع سلاح "الحزب" خير دليل، كما ان الجيش الإسرائيلي رفع مستوى الجاهزية والاستعداد على الحدود الشمالية لمواجهة أي تحرك محتمل.
هذا، وتشهد بيروت حركة ديبلوماسية عربية وغربية تصب في إطار منع الانزلاق نحو الحرب بحيث ان الموفدين يثنون على الخطوات الايجابية التي يقوم بها لبنان خصوصا بعد تعيين السفير سيمون كرم رئيسًا لوفد لبنان في اجتماعات "الميكانيزم"، وإعادة تحريك ملف التفاوض وفق معطيات جديدة، وهذا ما يفسر زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت الذي يحمل في جعبته مبادرة ربما تساهم في المسار التفاوضي خصوصا ان فرنسا لديها علاقات جيدة مع كل الاطراف في لبنان، ومن بينهم "حزب الله". هذه العودة بعد فترة ابتعدت فيها باريس عن المشهد السياسي اللبناني، تأتي بتنسيق مع واشنطن، وستظهر مفاعيلها من خلال إعادة تحريك ملف مؤتمر الدعم الدولي للجيش المطالب بنتفيذ خطة الحكومة بإنهاء حصر السلاح في جنوب الليطاني، ثم في المناطق الاخرى وصولا الى كامل الأراضي اللبنانية بما فيها المخيمات الفلسطينية حيث تجري الاتصالات المكثفة بين الفصائل والقوى السياسية والأمنية اللبنانية للانتهاء من هذا الملف تحت ضغط دولي كبير.
الحراك الفرنسي الذي جاء بتنسيق مع الدول العربية الفاعلة في الساحة اللبنانية، ومنها السعودية ومصر وقطر، وبموافقة أميركية، يتم بالتوازي مع معلومات تحدثت عن ان تركيا دخلت على خط التفاوض بين الضاحية ودمشق وبين دمشق وطهران، وربما تلعب دورا في هذا السياق كالدور الذي لعبته في اتفاق وقف اطلاق النار في غزة، لكن مصدر مطلع أكد في حديث لموقع "وردنا" انه حتى الآن لم يظهر أي دور لتركيا في مسار التفاوض، ولم تدخل في اطار الوساطة، واذا كان هناك أي مسعى في هذا السياق، فالاكيد انه لا يزال في مراحله الاولى أو يتم ضمن حلقة ضيقة، ولم يصل الى مستوى يمكن الحديث عنه. أما فيما خصّ زيارة لودريان، كشف المصدر ان زيارة المبعوث الفرنسي تمحورت حول 3 نقاط أساسية: مسألة التفاوض واستعداد فرنسا لدعمها، والتحضير لمؤتمر دعم الجيش، والتشديد على انتظام دور المؤسسات الدستورية، وبالتالي، إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وعدم تأجيلها تحت أي ظرف من الظروف.
وفيما كشف المصدر لموقعنا ان هناك حديث في الكواليس السياسية عن إمكانية توسيع فريق التفاوض، بإضافة شخصيتين: واحدة سنية وأخرى شيعية في لجنة "الميكانيزم"، لفت النائب عبدالرحمن البزري في حديث لموقع "وردنا" الى ان ما عرفناه من الزملاء الذين التقوا لودريان انه لا يحمل اقتراحات جديدة انما يستمع الى آراء اللبنانيين، والجولة استطلاعية حول كافة المسائل كما انها مقدمة لمبادرات فرنسية مقبلة أهمها مؤتمر دعم الجيش بالشراكة مع السعودية والولايات المتحدة الاميركية، ولودريان سيلتقي مسؤولين كبار في هذا الاطار. أي تفاوض يجب أن يكون مبنيا على النقاط الاساسية التالية: وقف العدوان واعادة الاسرى والانسحاب من النقاط المحتلة وتسهيل عودة الاهالي الى قراهم والعودة الى خطوط الهدنة. الكل متفق على هذه النقاط الاساسية التي تشكل أساس التفاوض.
وعن دور الجانب التركي المحتمل، قال البزري: نعرف ان الجانب التركي كان ناشطا في المحادثات واتفاق وقف اطلاق النار في غزة،لكن ليس لدينا اطلاع ان كان الاتراك دخلوا على خط الحل اللبناني.
اما الوزير السابق ريشار قيومجيان، فلفت الى ان زيارة لودريان تهدف الى التحضير لمؤتمر دعم الجيش، ولم يتطرق مع المسؤولين الى ملف التفاوض، ولم يحمل أي مبادرة في هذا الاتجاه. الكثير من الدول تحاول الدخول على خط الازمة في لبنان، أو تلعب دور الوسيط في مسار التفاوض، لكن تركيا ليست لاعبا اساسيا في هذا الملف بحيث ان الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية واسرائيل هم الذين يلعبون دورا فاعلا، ولا أعتقد ان تركيا لديها قدرة التأثير. لسنا في جو دخول الجانب التركي في وساطة مع "حزب الله".


