دولي

عجز أقاليمي ونقص في العمالة… هل يقترب الاقتصاد الحربي الروسي من الانهيار؟

عجز أقاليمي ونقص في العمالة… هل يقترب الاقتصاد الحربي الروسي من الانهيار؟

حذّر الكاتب والخبير في الصناعات الدفاعية روبن إف. جونسون، مدير الأبحاث في مؤسسة كازيمير بولاسكي البولندية، من أن آلة الحرب الروسية تواجه أخطر أزماتها المالية منذ بدء الغزو الواسع لأوكرانيا في فبراير 2022، مشيراً إلى أن مؤشرات الانهيار بدأت تظهر بوضوح في مصانع السلاح والأقاليم الفيدرالية التي أصبحت عاجزة عن دفع رواتب العاملين والمجندين.


وقال جونسون، في مقاله المنشور في موقع مجلة "ناشونال سيكيورتي جورنال"، إن الدفاعات الاقتصادية التي بدت ثابتة في السنوات الأولى للحرب بدأت تتصدع بفعل توسّع غير مسبوق في الإنتاج العسكري وتراجع قدرة المناطق الروسية على تمويل الحوافز المالية للمجندين الجدد.


ووفق دراسة استشهد بها الكاتب من صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فقد تضاعف عدد مصانع إنتاج السلاح في روسيا من 2000 إلى 6000 مصنع منذ عام 2022، ما أدى إلى انخفاض البطالة إلى مستوى تاريخي بلغ 2.8%، لكنه تسبب في استنزاف كبير لموارد الدولة والعمالة المتخصصة.


وأشار جونسون إلى أن هذه المصانع تواجه حالياً نقصاً حاداً في العمالة الماهرة والمكوّنات المستوردة بسبب العقوبات، إضافة إلى أزمات سيولة تمنعها من دفع الرواتب. وذكر مثالاً مصنع ياروسلافل لبناء السفن الذي عجز عن دفع رواتب 850 عاملاً منذ سبتمبر بعد توقّف وزارة الدفاع عن تحويل مستحقّاتها التعاقدية.


وأضاف أن العقوبات المفروضة منذ عام 2019 أدت إلى قطع التمويل الخارجي وإعاقة قدرة المصانع على الحصول على قطع الغيار، ما فاقم الوضع الإنتاجي والعسكري.


وأوضح الكاتب أن تدفّق المجندين إلى الجيش الروسي يعتمد تقليدياً على المناطق الفقيرة، حيث تعد الرواتب العسكرية أعلى من متوسط الدخل المحلي. لكن المفاجأة، وفقاً له، أن الحوافز المالية للمجندين تُدفع من ميزانيات الأقاليم وليس من الميزانية الفيدرالية، الأمر الذي أصبح غير ممكن مع تفاقم العجز المالي.


وكشف المقال أن إقليم ياكوتيا أعلن توقّف جميع المدفوعات العسكرية بعد استنزاف موارده، علماً أن المكافأة الواحدة لدى توقيع عقد الخدمة كانت تبلغ 29 ألف دولار. ونقل عن وزير المالية الإقليمي إيفان أليكسييف قوله: "للأسف، هذه هي الحقيقة التي نعيشها."


وذكر جونسون أن 724.8 مليار روبل من العجز سُجّلت في الأقاليم الروسية مجتمعة حتى سبتمبر الماضي، فيما أعلنت مناطق أخرى مثل تتارستان وتشوفاشيا وماري إل وبيلغورود خفضاً كبيراً أو إلغاءً كاملاً لمكافآت التجنيد.


ويرى الكاتب أن توقف هذه الحوافز سيؤدي إلى تراجع خطير في قدرة الجيش الروسي على تعويض خسائره البشرية، خاصة مع استنزاف القوى العاملة المدنية بفعل تحويل العمال إلى مصانع السلاح، وهجرة المعارضين، وفقدان الكثير من الشباب في الجبهات.


واختتم جونسون مقاله بالتحذير من أن الأزمة المالية التي تعصف بقطاع الدفاع والأقاليم الروسية تمثل "جرس إنذار" يهدد قدرة موسكو على مواصلة الحرب بالوتيرة الحالية، قائلاً:

"حين تجف الخزائن، تتجمد الجبهات… ومع اتساع العجز المالي، تبدو آلة الحرب الروسية في طريقها إلى تباطؤ قد يغيّر مسار الصراع بأكمله."

يقرأون الآن