خاص

لا يتوقف المبعوث الأميركي إلى سوريا توم برّاك من الحديث عن لبنان وسوريا، بصيغة واحدة وهي صيغة الضمّ إما بأن يكون لبنان تحت "وصاية" النظام السوري الجديد" أو عودة لبنان إلى سوريا بصيغة "بلاد الشام" باعتبار أن لبنان "دولة فاشلة" وكرّر هذا الكلام مرات عدة أمام الوسائل الإعلامية، ولكن هل هذا الكلام فعلاً هو دلالة حقيقية لما تريده إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حال فشل عهد الرئيس جوزاف عون بحصر السلاح بيد الدولة أو يعبّر عن وجهة نظره فقط؟

في هذا الخصوص يوضح الكاتب السياسي زياد الصافي لـ "وردنا" حقيقة الموقف الأميركي من هذا الطرح قائلاً:" ان الموقف الذي عبّر عنه توم برّاك لا يعكس حقيقة الموقف الأميركي من الملف اللبناني، أو نية لدى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب باتخاذه في أي وقت لاحق".

يشير الصافي إلى أن ما يُكرّره برّاك دائماً عن الوحدة بين لبنان وسوريا أو ضم لبنان إلى سوريا، هو نابع من الخلفية التي تربى ونشأ فيها توم برّاك باعتبار أن أصله من زحلة وهو من الطائفة الكاثوليكيّة التي بمعظمها نقلت نفوذها من سهل حوران وطرطوس واللاذقيّة والداخل السوري إلى منطقة زحلة في سنة 1800 فضلاً عن وجوده الآن في تركيا لأخذ وجهة نظرهم بهذا الخصوص من ناحية أن هذه المناطق كانت تحت سيطرة السلطنة العثمانية ثم باتت تحت سيطرة سوريا فيما بعد، ومن هنا أتت مقولة "بلاد الشام" التي دائماً ما يكرر هذه العبارة في تصريحاته عندما يتطرق إلى سوريا ولبنان.

ويشدد على أن السياسة الأميركية ليست بصدد تحديد أي سياسة محددة لتنتهجها على الصعيد اللبناني، فالأميركيون يسمعون وجهات نظر جميع القوى السياسية في لبنان، وموقفهم واضح سواء تجاه وقوفهم إلى جانب الدولة أو في مسألة الإسراع بحصر السلاح بيد الدولة،ولكن من ناحية أخرى هناك مشكلة إسرائيل الأساسية اليوم وهي "حزب الله" التي ستبقى مستمرة في سياسة ضربه في التوقيت التي تراه مناسباً من دون أن تأخذ أي شيء يتعلق بلبنان والدولة بعين الاعتبار بالرغم من أنها تفضل أن يأتي نظام بلبنان يقوم بالتطبيع معها ولكن بحال لم يحدث هذا الأمر ستكمل الضربات حتماً.

ويكشف أن الأميركيين لديهم خيارات كثيرة بشأن لبنان منها أن يتم تسليم لبنان بالكامل إلى حزب الله باعتبار أن الدولة فشلت في أن تفرض سيادتها، بحال تعهد "الحزب" نفسه بعدم القيام بأي حرب تذكر مع إسرائيل، وأن لا يسبب أي ضرر لسوريا ولكن هذه التعهدات من الصعب أن يقبل بها "الحزب" أو إسرائيل نفسها، أما الخيار الثاني وهو تنفيذ ما تم تطبيقه بزمن حافظ الأسد وهو دخول "النظام السوري الجديد" لضبط الإيقاع داخل لبنان، وهذا الأمر فعلياً غير قابل للتطبيق بسبب أنه يوجد فقط توم برّاك واحد داخل الإدارة الأميركية، فهناك كلبنانيين الكثيرين الذين يدورون بفلك الرئيس دونالد ترامب أبرزهم السفير الأميركي ميشال عيسى ومسعد بولس وهؤلاء خلفيتهم تختلف عن خلفية توم برّاك فهم حكماً سيرفضوا طرح برّاك بشكل مطلق ناهيك عن اللبنانيين في أميركا الذين شاركوا بالقرار 1559 الذين سيرفضون أيضاً هذا الأمر.

على الصعيد السوري فيؤكد الصافي أن الرئيس السوري أحمد الشرع نفسه حكماً سيكون من الرافضين لهذا الأمر شكلاً ومضموناً فهو لا يستطيع أن يحمل لبنان كعبئاً إضافياً فوق الأعباء التي يتحملها في سوريا منذ استلام الحكم فهناك الكثير من المناطق بالداخل السوري لا زالت خارج سيطرة الدولة عمليّاً بدءاً من الساحل السوري مروراً بالمناطق الكردية وصولاً للسويداء والجنوب السوري الذي لا زال خارج سيطرته بسبب وجود فلول نظام الأسد وإيران فيه وعمليات التهريب هناك لا زالت مسمتمرة، فضلاً عن عملية بناء الجيش التي لا زالت مسمتمرة، وهذا سبب رئيسي سيجعله يرفض الدخول في "الوحل اللبناني"، والخيار الثالث وهي أن تقوم إسرائيل هي بالمهمة وهذا أمر مستحيل نظراً للوقت الذي ستستغرقه، ففي حال قررت إسرائيل ضرب الحزب بشكل كامل فهي حكماً ستصل للمناطق شمال لبنان والهرمل وهذه العملية ستسغرق إسرائيل سنوات وستعرضها لخسائر قوية.

ويعتبر أن الحل الوحيد هو "التعفن" أي أن ينهار هيكل الدولة بنفسه، كما حصل في سنوات حكم نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى حين سقوطه في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، وبحال حاول نظام الرئيس السوري أحمد الشرع الدخول إلى لبنان فسينعكس هذا الدخول عليه بشكل سلبي نظراً للعدوات التي ستنتظره بالداخل اللبناني أو مع معظم اللوبي اللبناني الموجود في الولايات المتحدة الأميركية سواء من السنة أو المسيحيين.

ويختم الصافي حديثه لـ "وردنا" مشدداً على أن الحل الأخير هو "التعفن" من خلال عدم القيام بأي شيء يذكر، وحينها إنا تتعفن "الدولة" أو يتعفّن "الحزب" نفسه أي "وقوع الهيكل فوق رأس الجميع" تماماً كما حصل مع نظام بشار الأسد في سوريا بأيامه الأخيرة باعتبار أن الإدارة الأميركية لديها حدود للمساعدة وهي دائماً وقفت إلى جانب لبنان في جميع الأزمات التي مرّ بها، ولكن بحال استمرت السلطة السياسية بعملية التغاضي عن ما يفعله "الحزب" فمن المؤكد أن الإدارة الأميركية ستتفرج على عجز السلطة في لبنان لتتآكل وينهار الهيكل وبناء نظام لبناني اصلاحي جديد".

يقرأون الآن