دولي

الجفاف يهدد عاصمة إيران… والأمطار تنقذها مؤقتًا

الجفاف يهدد عاصمة إيران… والأمطار تنقذها مؤقتًا

كادت العاصمة الإيرانية طهران، التي يقطنها أكثر من 10 ملايين نسمة، أن تصل إلى ما يُعرف بـ“اليوم صفر” المائي، في ظل تراجع حاد في تساقطات الأمطار وانخفاض مخزون السدود إلى مستويات غير مسبوقة، لولا الأمطار الأخيرة التي خففت مؤقتًا من حدة الأزمة.


وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن مستويات المياه في السدود المحيطة بطهران انخفضت في وقت سابق من هذا الشهر إلى نحو 10% من طاقتها الاستيعابية، فيما تراجعت معدلات هطول الأمطار بنحو 90% مقارنة بالمتوسطات التاريخية، نتيجة موجة جفاف حادة ضربت البلاد خلال السنوات الماضية.


وعانى سكان طهران خلال الفترة الأخيرة من انقطاعات متكررة في المياه وانخفاض كبير في ضغطها داخل المنازل، وسط دعوات رسمية لترشيد الاستهلاك. وفي نوفمبر الماضي، حذّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من أن السلطات قد تضطر إلى إخلاء أجزاء من المدينة في حال استمرار الجفاف وعدم هطول الأمطار.


ورغم أن التساقطات الأخيرة ساهمت في تخفيف الضغط على إمدادات المياه، إلا أن الصحيفة حذّرت من أن طهران ليست سوى واحدة من مدن كبرى عديدة حول العالم تقترب من “اليوم صفر”، وهو المصطلح الذي شاع عام 2017 عندما كادت مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا أن تنفد من المياه بشكل كامل.


وفي ظل تسارع وتيرة الاحترار العالمي، ترى الصحيفة أن نفاد المياه في طهران وعشرات المدن الأخرى المعرضة للجفاف بات مسألة وقت، مشيرة إلى أن الحلول المقترحة، مثل نقل العاصمة الإيرانية، قد تشكل تشتيتًا عن جوهر الأزمة.


وأضافت أن تقييد النمو السكاني وترشيد استهلاك المياه يعدان أكثر حكمة من اللجوء إلى حلول هندسية معقدة ومكلفة، مؤكدة أن المدن القادرة على الصمود أمام الضغوط البيئية هي تلك التي تتكيف في حجمها وسلوكها مع بيئتها الطبيعية.


وتتحمل التغيرات المناخية جزءًا من مسؤولية الأزمة، إذ يسخن الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران، بمعدل يعادل ضعف المتوسط العالمي، كما تغيرت أنماط هطول الأمطار، مع تقلص فصل الشتاء وتراجع الغطاء الثلجي في جبال زاغروس والبرز.


لكن الصحيفة شددت على أن المناخ ليس العامل الوحيد، إذ تعاني البنية التحتية للمياه في إيران من نقص مزمن في الاستثمارات، إلى جانب انتشار الحفر غير القانوني لمئات الآلاف من الآبار المستخدمة في الزراعة والصناعة.


كما ساهم التحضر السريع والنمو السكاني الكبير في تفاقم الأزمة، حيث ارتفع عدد سكان طهران من نحو 700 ألف نسمة في أربعينيات القرن الماضي إلى قرابة 10 ملايين اليوم، وهو ما وصفه الرئيس الإيراني بأنه نمو غير مستدام، مقترحًا نقل العاصمة إلى منطقة أخرى.


إلا أن هذا المقترح يواجه تحديات كبيرة، أبرزها الكلفة المالية الضخمة التي قد تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، في وقت تعاني فيه إيران من ضغوط اقتصادية حادة بسبب العقوبات والتضخم. وخلصت الصحيفة إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن مثل هذا المشروع قد يستنزف موارد نادرة كان من الممكن توجيهها لمعالجة جذور أزمة المياه، عبر تحسين إدارة الموارد المائية، وضبط تسعيرها، والحد من الإفراط في استخدامها في القطاع الزراعي، والسيطرة على التوسع الحضري غير المنظم.


يقرأون الآن