سوريا

"نيويورك تايمز" تكشف عن تفاصيل حياة الأسد وعائلته في روسيا

كشفت صحيفة "​نيويورك تايمز​"، في تحقيق لها، عن تفاصيل حياة الرئيس السوري السابق ​بشار الأسد​ وعائلته في ​روسيا​، وذلك بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024.

ولفتت الصحيفة إلى أنّ "على مدى أكثر من خمسة عقود، كان اسم عائلة الأسد مرادفًا للاستبداد. واليوم بات أفراد العائلة لاجئين فارّين يعيشون في ​موسكو​".

وذكرت أنّه "من خلال شهود وأصدقاء للعائلة، وإشارات رقمية تركتها حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي يصعب تتبعها، كشف مراسلو صحيفة "نيويورك تايمز" لمحاتٍ عن حياةٍ من الترف والإفلات من العقاب".

وظهرت تفاصيل عن حياة عائلة الأسد في إطار تحقيق الصحيفة حول أماكن وجود 55 من كبار مسؤولي النظام السوري السابق. وأصرّ الأشخاص الذين تحدثوا إلى الصحيفة - بمن فيهم أصدقاء للعائلة وأقارب ومسؤولون سابقون - على عدم الكشف عن هوياتهم خوفًا على سلامتهم.

وقالت الصحيفة، إنّه "بحسب قريبٍ للعائلة وصديقين لها وضابطين سابقين من الفرقة الرابعة التي كان يقودها ​ماهر الأسد​، بدأ المنفى الفاخر لعائلة الأسد منذ اللحظات الأولى لفرارهم إلى موسكو عبر طائرات خاصة ومواكب سيارات. وقد تحدث جميعهم مع أفراد من عائلة الأسد أو أقاموا معهم أو التقوهم".

وذكرت أنّه "تحت حراسة مشددة من أجهزة الأمن الروسية، أقامت عائلة الأسد أولًا في شقق فاخرة تديرها سلسلة "فور سيزونز"، وقد تصل تكلفتها إلى 13 ألف دولار في الأسبوع. ومن هناك انتقل الأسد وعائلته إلى بنتهاوس من طابقين في برج "فيديريشِن"، وهو ناطحة السحاب نفسها التي يقع فيها مطعم "سيكستي". ولاحقًا نُقل الأسد إلى فيلا في ضاحية روبليوفكا المعزولة غرب موسكو، وفقًا لمسؤول سوري سابق على اتصال بالعائلة، ومعارف آخرين، ودبلوماسي إقليمي أبلغه مسؤولون روس".

وأوضحت صحيفة "نيويورك تاميز"، أنّه "تُعدّ المنطقة التي انتقلها إليها الأسد مقصدًا للنخبة الروسية، وتضم مجمع تسوق يُعرف بـ"قرية الرفاهية". ولا تزال أجهزة الأمن الروسية تحرس الأسد وتشرف على تحركاته"، بحسب المسؤولين السابقين والدبلوماسي الإقليمي، وقد أُمرت العائلة بعدم الإدلاء بتصريحات علنية.

وكشفت أنّ "في شباط، تحركت السلطات الروسية سريعًا، بحسب ثلاثة مسؤولين سابقين آخرين، عندما كتب ​حافظ الأسد​، نجل بشار الأسد، عن هروب العائلة على وسائل التواصل الاجتماعي وشارك مقطع فيديو له وهو يتجول في موسكو. ومنذ ذلك الحين لم ينشر شيئًا".

وقال مصدران للصحيفة إنهما "شاهدا ماهر الأسد عدة مرات، واضعًا قبعة بيسبول منخفضة على عينيه، في ناطحة سحاب لامعة في حي الأعمال بموسكو حيث اعتقدا أنه يقيم". وذكر صديق للعائلة أنه "يعيش في مباني "كابيتال تاورز" في ذلك الحي.

ولفتت "نيويورك تايمز"، إلى أنّ "في حزيران، ظهر في مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي في مقهى الشيشة العصري "مياتا بلاتينوم" داخل "أفيمول"، وهو مجمع تسوق وترفيه قريب".

وأوضحت أنّه "أثناء وجوده في السلطة، وُجّهت إلى ماهر والقوات التي كان يقودها اتهامات بإطلاق النار على متظاهرين عُزّل، وفرض حصارات الاستسلام أو الجوع، وإدارة شبكة إقليمية لتهريب المخدرات قُدّرت أرباحها بمليارات الدولارات".

وكشفت الصحيفة أيضًا أنّ "في تشرين الثاني الماضي، دعا بشار الأسد أصدقاء ومسؤولين روسًا إلى فيلا في الضواحي لحفل فاخر احتفالًا بعيد ميلاد ابنته زين الثاني والعشرين، وفقًا لقريب، وضابط سابق في النظام، وصديق للعائلة حضر أبناؤه أو أصدقاؤه المقربون الحفل. كما احتفلت ابنة ماهر وابنة عم بشار، ​شام الأسد​، بعيد ميلادها الثاني والعشرين ببذخ، على مدار ليلتين في منتصف سبتمبر، في مطعم فرنسي مُذهب يُدعى "باغاتيل" في دبي، ثم على متن يخت خاص".

وأوضحت الصحيفة أنّ "حسابات المرأتين على وسائل التواصل الاجتماعي مضبوطة على الخاص، وبأسماء مستخدمين لا تُظهر هويتهما بوضوح. لكن "التايمز" عثرت على هذه الحسابات وأكدت صحتها عبر نصائح من أقارب وأصدقاء للعائلة، ثم فحصت صورًا ومقاطع فيديو من منشورات عامة لأصدقائهن على إنستغرام. وأظهر أحد المنشورات من عيد ميلاد شام الأسد بالونات ذهبية على شكل الرقم 22 محاطة بهدايا في أكياس من علامات فاخرة".

وأشارت إلى أنّه "أظهر عيد ميلاد شام الأسد في دبي ثراء آل الأسد في المنفى بعد تركهم سوريا في خراب اقتصادي".

وبحسب صديقين لعائلة الأسد وضابطين عسكريين سابقين لا يزالون على اتصال بماهر الأسد أو بدائرته، أبرم كبار آل الأسد اتفاقًا خاصًا مع مسؤولين إماراتيين يسمح لأبنائهم بالإقامة في البلاد، وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز".

وبعد أسابيع فقط من سقوط النظام، عادت ​زين الأسد​ إلى دراستها في فرع جامعة السوربون في أبوظبي، وهي جامعة فرنسية مرموقة، وفقًا لأصدقاء للعائلة وزميل دراسة. وقال الزميل إنها كانت تُرافق في الحرم الجامعي بحراس شخصيين كبار البنية ومهيبين.

ولم يرحّب جميع الطلاب السوريين بعودتها. ففي محادثة جماعية، قال أحد الطلاب لزين الأسد إنها "غير مرحب بها"، بحسب شخصين قالا إنهما شاهدا التبادل.

وبعد ذلك بوقت قصير، أُغلقت المحادثة بالكامل، ولم يعد الطالب يُرى في الحرم الجامعي. وقال قريب للطالب إنه خضع للاستجواب من السلطات ​الإمارات​ية، ثم غادر الجامعة لاحقًا جزئيًا بسبب هذه الواقعة.

وقال الزميل إن زين الأسد لم تحضر الدروس خلال جزء من فصلها الأخير. لكنها تسلمت شهادة في حزيران من معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، حيث كانت مسجّلة أيضًا. وأظهرت صور التخرج حضور إخوتها ووالدتها.

إلى ذلك، أوضحت الصحيفة أنّ "في المنفى، يُقال إن بشار الأسد وشقيقه اتبعا نهجين مختلفين في التعامل مع من خدموهما سابقًا. فقد كان ماهر الأسد أكثر سخاءً نسبيًا مع أقرب ضباطه، وفقًا لقائدين سابقين وصديق للعائلة على اتصال به. وقالوا إنه يرسل أموالًا لمساعدة الحلفاء القدامى على العثور على شقق أو بدء مشاريع صغيرة في حياتهم الجديدة. لكن المساعد الشخصي لبشار الأسد تُرك عالقًا في موسكو من قبل رئيسه السابق، وفقًا لصديقين للمساعد وزميل له قالوا إنهم تحدثوا معه".

وكان المساعد، الذي شملت مهامه حمل حقائب الأسد وفتح الأبواب له، من بين القلة القليلة التي اصطحبها الأسد في فراره السري إلى موسكو في كانون الأول 2024.

وأُمر المساعد بالانضمام على نحو مفاجئ إلى درجة أنه لم يتمكن من إحضار جواز سفره أو حزم المال والملابس، بحسب الأصدقاء والزميل. رافق المساعد الأسد إلى شقق "فور سيزونز" الفاخرة، حيث طُلب منه مشاركة جناح منفصل مع مساعدين آخرين للأسد. وفي صباح اليوم التالي، سلّمهم أحد موظفي الفندق فاتورة باهظة للغاية، بحسب الأصدقاء والزميل. وأصيب المساعدون الثلاثة بالذعر وحاولوا مرارًا الاتصال بالأسد. لكن الأسد لم يُجب.

وبجسب الصحيفة، فقد تدخل مسؤولون روس في نهاية المطاف، عارضين نقل المساعدين إلى موقع عسكري يعود إلى الحقبة السوفيتية مع ضباط آخرين أدنى رتبة من النظام. لكن المساعد الشخصي المفلس رتّب بدلًا من ذلك عودته إلى سوريا. وهو يعيش الآن بهدوء مع عائلته في قرية جبلية، آملًا في تجنب لفت الانتباه، بحسب الأشخاص الثلاثة الذين لا يزالون على اتصال به. وقد رفض التحدث إلى "التايمز" عندما تواصلت معه عبر وسيط.

يقرأون الآن