كشفت وثائق البنتاغون شديدة السرية التي تسربت عبر الإنترنت في الأسابيع الأخيرة، والتي وصفت بالخرق الأمني الكبير، مدى الجهد الذي بذلته الاستخبارات الأميركية لجمع معلومات عن شركائها الرئيسيين وخصومها ومنافسيها - بما في ذلك الصين، بحسب مقالة نشرها مكتب "سي أن أن" في هونغ كونغ، بقلم مراسلة الشؤون الصينية سيمون مكارثي.
توضح مكارثي في تقريرها، أن العديد من الوثائق متعلقة بميدان المعركة في أوكرانيا والجهود الحربية الروسية، ويظهر بعضها مدى اختراق الولايات المتحدة لوزارة الدفاع الروسية ومنظمة " فاغنر غروب" الروسية، مشيرة الى أن: "بعض مسؤولي الاستخبارات يحشدون للصين، الدولة التي اعتبرتها واشنطن أخطر تحد طويل الأمد للنظام الدولي".
وقامت "سي أن أن" بمراجعة 53 وثيقة مسربة، ويبدو أن جميعها قد تم إعدادها في الفترة ما بين منتصف شباط/فبراير وأوائل آذار/مارس.
والعديد من الوثائق، التي يؤكد المسؤولون الأميركيون أنها أصلية، تحمل علامات تشير إلى أن ذراع استخبارات هيئة الأركان المشتركة، المعروفة باسم "جي 2" هي التي جمعتها.
وتحتوي الوثائق التي استعرضتها "سي أن أن" على إشارات إلى الأنشطة الروسية أكثر من الصين، مع متابعة مدى تورط الصين المحتمل في الحرب في أوكرانيا.
الصين وأوكرانيا
تتعلق إحدى الإشارات الرئيسية للصين بحجم القلق الأميركي طويل الأمد من أن - الشريك الاستراتيجي الروسي الوثيق - ستقدم الدعم للجهود الحربية التي يبذلها الكرملين في أوكرانيا.
وورد في إحدى الوثائق، أن الصين يمكن أن تستخدم الضربات الأوكرانية على أهداف في عمق روسيا "كفرصة لتصوير الناتو باعتباره المعتدي، وقد تزيد من مساعدتها لروسيا إذا رأت أن الهجمات كانت كبيرة".
وجاء في الوثائق، أن "الصين سترد بقوة أكبر وعلى الأرجح ستزيد من حجم ونطاق العتاد العسكري الذي ترغب في تقديمه لروسيا، إذا أصابت الضربات الأوكرانية موقعًا ذا قيمة استراتيجية عالية، أو بدا أنها تستهدف كبار القادة الروس". وأنه "من المحتمل أن تنظر بكين إلى هجوم أوكراني كبير يستخدم أسلحة الولايات المتحدة أو أعضاء الناتو، على أنه مؤشر على أن واشنطن كانت مسؤولة بشكل مباشر عن تصعيد النزاع" ويمكن أن يكون "مبررًا إضافيًا للصين لتزويد روسيا بمساعدات فتّاكة" بحسب الوثيقة.
وأشارت مكارثي الى أن وثائق البنتاغون المسربة، بقيت منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي على الرغم من مخاوف الأمن القومي الملحة. وكشفت أن المسؤولين الأميركيين حذروا بكين بشكل متكرر وعلني من عواقب تقديم المساعدة لروسيا في مجهودها الحربي، ولاسيما لجهة اعلانها السابق باحتمال تقديم مساعدات "فتاكة" إلى الكرملين.
وأشارت "سي أن أن " إلى أنها تواصلت مع الخارجية الصينية للتعليق بخصوص تعزيز العلاقات الاقتصادية مع روسيا خلال العام الفائت، إلا أنها لم تلق ردا.
وبينت الوثائق أن مسؤولين أميركيين أبدوا عدم رغبتهم في منح أوكرانيا أنظمة صواريخ بعيدة المدى، بسبب مخاوف من أن كييف ستستخدمها لضرب داخل روسيا. لكن أوكرانيا تعهدت بعدم استخدام الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة للقيام بذلك. ولم تعلق على الأسئلة المرتبطة بتورطها في العدد المحدود للهجمات التي وقعت داخل روسيا أو شبه جزيرة القرم، التي تحتلها روسيا منذ بداية الحرب. كذلك، لم تعلق بكين علنًا على تسريب الوثيقة، باستثناء بعض التغطية حولها في وسائل الإعلام المحلية، بما في ذلك مقال في النشرة الخارجية من صحيفة "بيبولز دايلي" الناطقة بلسان الحزب الحاكم.
وجاء في المقال: "في السنوات الأخيرة، على الرغم من الفضائح التي تنطوي على مراقبة الولايات المتحدة لحلفائها، مما أدى إلى عدة حالات من الضجة العامة الدولية، يبدو أن الولايات المتحدة ما زالت لا تتوقف عن تكرار هذا الأمر".
المعلومات الاستخبارية بخصوص الصين
تُظهر الوثائق مدى مراقبة الولايات المتحدة لتطوير الأسلحة الصينية والنشاط البحري. وتشير إحدى هذه الوثائق إلى اختبار طيران أُجري في 25 شباط / فبراير على صاروخ "دي أف 27 المطور" ، والذي تصفه بأنه مركبة انزلاقية فرط صوتية متعددة المهام من فئة الصواريخ الباليستية متوسطة المدى. وتقول الوثيقة إن السلاح لديه "احتمال كبير" لاختراق نظام الدفاع الصاروخي الأميركي.
وبينت أن تلك الصواريخ المزودة بمركبات انزلاقية تفوق سرعة الصوت لتقطع مسافة أكثر بخمس مرات عبر الفضاء ويمكنها المناورة أثناء الطيران، مما يجعل إسقاطها شبه مستحيل، وفقًا للخبراء. وتعتبر الصين من بين الدول الأكثر تقدما في العالم لجهة برامج تطوير الأسلحة الفرط صوتية.
استخبارات الإشارات
وتضمنت وثائق أخرى، معلومات حول كيفية تفاعل الدول مع الصين لجهة استخدام استخبارات الإشارات، أي جمع المعلومات الاستخباراتية عن طريق اعتراض الإشارات.
توضح مكارثي: "تتضمن معلومات الإشارات الاتصالات التي يتم اعتراضها ويتم تعريفها على نطاق واسع من قبل وكالة الأمن القومي على أنها معلومات استخبارية مستمدة من الإشارات والأنظمة الإلكترونية المستخدمة من قبل أهداف أجنبية، مثل أنظمة الاتصالات والرادارات".
وذكرت إحدى الوثائق المنسوبة إلى تقرير استخباراتي، أن وزارة الخارجية الأردنية خططت في أواخر شباط/فبراير لطمأنة بكين بشأن اهتمامها بعلاقة اقتصادية مستمرة، بعد أن اشتكت بكين من عدم مشاركة الشركات الصينية في إطلاق شبكة "جي 5" في البلاد.
وفي وثيقة أخرى، تبيّن أن نيكاراغوا كانت تتفاوض مع شركة صينية لبناء ميناء في المياه العميقة على ساحلها الكاريبي، وعزت هذه المعلومات إلى استخبارات الإشارات. وأوضحت الوثيقة نفسها، من دون تقديم مصدر، أن نيكاراغوا "ربما ستنظر في عرض وصول بحرية بكين مقابل استثمار اقتصادي". وأضافت أن الصين لم تعلن عن تطلعاتها للحصول على قواعد خارجية أو وصول عسكري في البلاد.
وأشارت مكارثي إلى أن وزارة العدل الأميركية لا زالت تحقق في كيفية وصول الوثائق إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وتعمل على تقييم مدى تأثيرها على الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها.
للاطلاع على التحقيق على موقع CNN اضغط هنا
CNN