أعلن وسطاء في بيانين يوم الجمعة الماضي، وفي ساعة مبكرة من يوم السبت عن إن "قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية الفريق أول محمد حمدان دقلو، مستعدان لاتخاذ خطوات لتهدئة التوتر بين قواتهما".
وحذر الجيش يوم الخميس الماضي "من مواجهة محتملة بين قواته وقوات الدعم السريع بعد نشر وحدات تابعة لها، في إشارة علنية إلى خلافات طويلة الأمد تعرقل جهود عودة الحكم المدني".
وكانت "قوات الدعم السريع" التي أطاحت مع الجيش بالرئيس السابق عمر البشير في 2019، قد بدأت اعادة نشر وحداتها في العاصمة الخرطوم، وأماكن أخرى وسط محادثات بدأت الشهر الماضي لدمج القوات شبه العسكرية في الجيش بموجب خطة انتقالية تفضي إلى انتخابات جديدة.
ويشغل دقلو، المعروف في السودان باسم حميدتي، منصب نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم الذي يرأسه البرهان.
وأكدت مصادر مقربة من البرهان ودقلو يوم الجمعة الماضي "إنهما ما زالا على خلاف حول من سيتقلد منصب القائد العام للجيش خلال فترة الاندماج التي ستمتد عدة سنوات. وتقول قوات الدعم السريع إن "القائد ينبغي أن يكون الرئيس المدني للدولة وهو ما يرفضه الجيش".
وأدى الخلاف بين الجيش و"قوات الدعم السريع" إلى تأخير التوقيع النهائي على اتفاق مع الأحزاب السياسية وتشكيل حكومة مدنية.
وبعد التحذير الذي أطلقه الجيش السوادني يوم الخميس الماضي، تقدم عدد من الأطراف على الصعيدين المحلي والدولي بعروض للوساطة، منهم وزير المالية جبريل إبراهيم وحاكم إقليم دارفور مني مناوي وعضو مجلس السيادة مالك عقار، وهم ثلاثة من قادة المعارضة السابقين الذين تقلدوا مناصب بعد اتفاق السلام في عام 2020.
وقال الثلاثة في بيان يوم الجمعة الماضي :"بعد حوار صريح وجاد، أكد لنا الأخ القائد التزامه التام بعدم التصعيد واستعداده للجلوس مع أخيه رئيس مجلس السيادة وإخوته في قيادة القوات المسلحة السودانية في أي وقت ومن غير قيد أو شرط بغية الوصول إلى حل جذري للأزمة، يحقن الدماء ويحقق الأمن والطمأنينة للعباد والبلاد".
وفي بيان منفصل في ساعة مبكرة من صباح السبت، أشار الوسطاء الى " إنهم اجتمعوا مع البرهان الذي وجدوا لديه استعدادا للإقدام على أية خطوة تعين على حلحلة الإشكال الطارئ بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وإعادة الأمور الى نصابها الطبيعي".
وأضافوا: "نطمئن المواطنين الكرام بأن الأزمة في طريقها الى زوال".
واعتبرت مصادر في الجيش لـ"رويترز" إنه "من أجل تهدئة التصعيد، يجب على قوات الدعم السريع سحب أفرادها المتمركزين قرب مطار عسكري في مدينة مروي الشمالية وأن تكون تحركاتها بالتنسيق مع الجيش وضمن الحدود القانونية".
وقالت مصادر من "قوات الدعم السريع" لـ"رويترز" يوم الجمعة الماضي:" التحركات جاءت بالتنسيق مع البرهان".
قلق وخوف في الشارع السوداني
وأعرب عدد من المواطنين لـ"رويترز" عن تخوفهم من الحديث "عن مواجهة محتملة بين الجيش وقوات الدعم السريع، ومشاهدة العربات المدرعة والشاحنات العسكرية في شوارع الخرطوم".
وألقى كثيرون منهم باللوم على كلا الجانبين. وقالت نفيسة سليمان وهي تجلس في محل لبيع الخضروات: "ديل بيتصارعوا في السلطة وفي نهب الدولة، نحن بنتصارع في الأكل والشراب والتعليم والعلاج".
ولفت عصام حسن (35 عاما) الى "اننا نعيش في حالة خوف من التوتر بين العسكريين الذين من المفترض ان يحموا المواطن، أصبحوا أكبر خطر عليه. يجب وقف هذه المهزلة. الجيش هو جيش السودان، ومن المفترض ان يكون الدعم السريع تحت سيطرته. لا يوجد بلد فيها أكثر من جيش".
وانضمت قوى "الحرية والتغيير"، التحالف المدني الرئيسي في السودان، إلى لجان المعارضة المؤيدة للديمقراطية والنقابات العمالية، في اتهام حزب "المؤتمر الوطني" المنحل في السودان، الذي كان يرأسه البشير، والذي لا يزال له وجود داخل الجيش، "بخلق الفتن" في بيان مشترك نادر.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال مسؤول في حزب "المؤتمر الوطني" المنحل لـ"رويترز": "الحزب يزيد من تحركاته للوقوف في وجه هذا الاتفاق المعلّق".
وشاركت قوى "الحرية والتغيير" في اتفاق لتقاسم السلطة مع الجيش و"قوات الدعم السريع" بعد الإطاحة بالبشير، ولكن الانقلاب العسكري على الحكومة المدنية في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 أتاح فرصة لعودة أنصار البشير إلى الحياة العامة مرة أخرى.
وقال حميدتي:" عودة أنصار البشير للساحة، جعلته نادما على الانقلاب ودفعته لدعم الاتفاق لبدء مرحلة انتقالية جديدة".
رويترز