أكد الرئيس بشار الأسد خلال المحادثات الموسعة مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن " العلاقات السورية الإيرانية غنيّة بالمضمون، غنيّة بالتجارب وغنيّة بالرؤية التي كوّنتها، ولأنها كذلك كانت خلال الفترات العصيبة علاقة مستقرّة، وثابتة بالرغم من العواصف الشديدة، السياسية والأمنـية التي ضربت منطقة الشرق الأوسط”.
بدوره قال الرئيس رئيسي: "سوريا، حكومة وشعباً، اجتازت المصاعب الكبيرة، واليوم نستطيع القول بأنكم قد عبرتم، واجتزتم كل هذه المشاكل، وحققتم الإنتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فُرضت ضدكم".
ووقع الرئيسان إتفاقية تعاون طويلة المدى تشمل مذكرة تفاهم بشأن التعاون النفطي.
وكان الأسد ورئيسي، بحثا العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وسبل تطويرها، كما تناولت المباحثات التطورات في منطقة الشرق الأوسط، وانعكاس التغيرات العالمية على المنطقة، وتوحيد الجهود من أجل استثمار هذه التغيرات لصالح البلدين وشعوب المنطقة.
واستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، بعد أن جرت للرئيس الإيراني مراسم استقبال رسمية لدى وصوله إلى قصر الشعب في دمشق.
وعزف النشيدان الوطنيان للجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية، بعد ذلك جرى استعراض حرس الشرف، وصافح الرئيسان بشار الأسد وإبراهيم رئيسي أعضاء الوفدين الرسميين.
وكان قد وصل الرئيس الإيراني، اليوم الأربعاء، إلى مطار دمشق الدولي، في أول زيارةٍ يقوم بها رئيس إيراني إلى سوريا منذ اندلاع الحرب في البلاد سنة 2011، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية. وسيجري مع الرئيس السوري بشار الأسد، مباحثاتٍ سياسيةٍ وإقتصاديةٍ موسعةٍ، يليها توقيع إتفاقيات.
وتراصّت الأعلام الإيرانية والسورية على طريق المطار، استعدادا لوصول رئيسي والوفد المرافق له الذي يضم وزراء: النفط والدفاع والخارجية والاتصالات. وكشفت وسائل إعلام رسمية سورية إن الزيارة ستستغرق يومين.
وتأتي زيارة رئيسي في وقت تعيد فيه إيران والسعودية بناء علاقاتهما بعد توتر استمر سنوات. كما تضع دول عربية، عزلت سوريا بسبب قمعها للمحتجين في 2011، خارطة طريق لإنهاء الحرب الدائرة منذ 12 عاما، وإنهاء عزلة دمشق عربيا.
وفي السياق، رحّب رئيسي، بإعادة علاقات الحكومة السورية بمختلف بلدان العالم، ولا سيما بلدان المنطقة.
وشدد على إن "طهران تعتمد سياسة التوجه إلى دول الجوار، وقرارها هو إقامة علاقات جيّدة معها، لرفع مستوى العلاقات في المجالات السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية كافةً".
وأشار رئيسي في مقابلةٍ خاصةٍ عبر "الميادين"، إلى أنّ "إيران لديها علاقات، وإرتباط وأخوّة مع البلدان الإسلامية كافةً، وهذه من أولوياتها".
واعتبر أنّ "سوريا كانت على الدوام في محور المقاومة، ووقفت وصمدت في وجه الإعتداءات، ومواقفها كانت على الدوام، تحظى بدعم إيران".
ورأى إن "الولايات المتحدة الأميركية، من خلال خلق (داعش)، وعبر إثارة الفتنة في سوريا، كانت تسعى لتقسيم سوريا، وزرعت كثيرًا من الفرقة والخلافات داخلها"، مؤكدا أن " الولايات المتحدة حرّضت البلدان العربية ضد سوريا، والبلدان العربية أيضًا سعت لتصفية حساباتها مع دمشق، واعتقدت أن سوريا سوف تنهار، وظنّت أنها ستكسر الخط الأمامي للمقاومة، وعلّقت آمالاً كثيرة على ذلك".
وتابع رئيسي: "صمدت إيران، وربما هي الدولة الوحيدة التي دعمت الدولة السورية، ووقفت في وجه كل الفصائل التكفيرية وجميع الحركات الإنفصالية، وحتى في وجه بعض بلدان المنطقة، التي سعت لتقسيم سوريا".
وبحسب الرئيس الإيراني، فإنّ "الظروف، اليوم، تباينت بصورةٍ كبيرةٍ في سوريا، والرئيس بشار الأسد، هو جدير بالتقدير، لأنه صمد مع الشعب السوري"، لافتا إلى أنه "في ذلك اليوم الذي دعمت طهران سوريا، كان لبنان و(حزب الله)، والشعب السوري وإيران معًا، وسعوا كي يمنعوا تقسيم سوريا".
أمّا في شأن العلاقات بين إيران وسوريا، فأكّد أنّ "هذه العلاقات ستستمر"، موضحا أن زيارته إلى دمشق "تأتي في إطار العلاقات بين البلدين، وفي إطار دعم جبهة المقاومة".
وشدّد رئيسي على عدة أمور تتعلق بسوريا، أبرزها:"سيادة الحكومة السورية على الأراضي السورية كافةً، وضرورة مغادرة القوات الأميركية سوريا بسرعة"، مشيرا إلى " إننا على استعداد للتعاون مع الشعب والحكومة في سوريا، ولدينا في إيران طواقم فنية وشركات ذات كفاءة عالية، قادرة على أن تؤدي دورًا مهمًا في إعادة إعمار سوريا".
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، وصف الزيارة بأنها "نجاح لدبلوماسية الحكومة في استكمال عملية التكامل الإقليمي".
من جهته، اعتبر نائب مدير مكتب رئيس الجمهورية للشؤون السياسية محمد جمشيدي، إن "زيارة رئيسي إلى سوريا إستراتيجية وتاريخية"، وقال :"الوثائق التي سيتم التوقيع عليها بين الرئيسين الإيراني والسوري ذات بعد إقتصادي".
ورأى أنّ "قيمة هذه الزيارة تكمن في أنها تدل على الإنتصار الإستراتيجي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة".
هذا، وزوّدت طهران حكومة الأسد بخطوط إئتمان، وفازت بعقود أعمال مربحة في قطاعي الاتصالات والتعدين من بين قطاعات أخرى.
وبالتوازي مع ذلك، ترسّخ الوجود العسكري الإيراني في البلاد. وقتلت ضربة صاروخية إسرائيلية على دمشق في شباط/ فبراير الماضي، خبراء عسكريين إيرانيين. ويعتقد أن طهران استغلّت تدفق المساعدات بعد زلزال مدمّر وقع في شباط/ فبراير، لنقل أسلحة لسوريا.
ولم يعترف الأسد علنا بأن قوات إيرانية، قاتلت إلى جانبه خلال الحرب الأهلية السورية، وقال إن طهران تنشر فحسب مستشارين عسكريين على الأرض.
رويترز