وأضافت إنّ التفتيش المركزي أدار أخيراً عجلة تحقيقاته، وبدأ تقصّي الحقائق من المصدر، أي من وزارة الصحة، خصوصاً بعد التغريدة التي نشرها ممثل البنك الدولي في لبنان ساروج كومار جاه، والتي أكّد من خلالها أنّ «البنك الدولي قد يجمّد تمويله دعم اللقاحات في لبنان»، مناشداً «الجميع، بغض النظر عن منصبكم، التسجيل عبر المنصّة وانتظار الدور».
جوهر المشكلة بحسب مصادر موثوقة يكمن في الـ «data» التي تصل الى وزارة الصحة، والتي تتضمن اسماء طالبي اللقاحات في القطاعات التي أُعطيت اولوية التطعيم كما كبار السن. وتشير الى أنّ بعض النقابات تتلاعب بأولويات التلقيح، فتضع اشارة «high risk» أمام اسماء غير مستحقيها. وهذا الخلل يمكن أن يحصل أيضاً، خصوصاً في حال دوّن أحد على المنصّة أنّه مريض في القلب على سبيل المثال أو السكري أو اي مرض مزمن، لا يخضع لأي سؤال أو يُطلب منه إبراز مستند لتأكيد ذلك؟ وتالياً، فإنّ المسؤولية جماعية بالنسبة الى هذا الموضوع، ولا تُختصر فقط على جهة واحدة.
كذلك، تلحظ المصادر تفاوتاً في ارقام المسنين بين منطقة وأخرى، حيث تخطّى عدد المواطنين طالبي اللقاح فوق الثمانين سنة في بيروت وجبل لبنان التوقعات، وهو عدد كبير بالنسبة الى المناطق والمحافظات الأخرى التي تعمد الى تلقيح المواطنين دون السبعين سنة، بحجة عدم وجود أعداد كبيرة من المسنين لديها.
وأكّدت المصادر عينها لـ «الجمهورية»، أنّ عدد المسؤولين السياسيين الذين تلقوا اللّقاح لا يقتصر على الأسماء التي نُشرت، بل هناك كثير من الذين تلقّوا اللقاح «في السرّ» وبعيداً من الاعلام. اضافة الى ذلك، فقد تمكنت مرجعيات سياسية من تلقيّ اللّقاح مع القريبين منها، بعيداً عن «شوشرات» مواقع التواصل الإجتماعي، حرصاً منها على تفادي أيّ إحراج قد يشكّله استخدام الهاتف، أو أي فضيحة مرتقبة.
لكنّ اللقاحات الضائعة لم تعطَ جميعها للمسؤولين السياسيين والقريبين منهم، فالمصادر عينها تشير الى أنّ اللّقاحات لا تُوزّع بطريقة عادلة على المستشفيات، وتضع علامات استفهام كبيرة على الحصص المعطاة لـ»مستشفى الرسول الأعظم»، وتسأل من خلفها عن دور «الهيئة الصحية لحزب الله» بإعطاء لقاحات لأشخاص غير مسجّلين على المنصّة.
فضيحة أخرى، تتعلّق بالتوزيع غير العادل للقاحات، فبعض المستشفيات تصلها لوائح تضمّ أسماء تتخطّى عدد اللّقاحات المعطى لها، ما يسبّب حرجاً لها امام المواطنين الذين يحضرون وفق الموعد المحدّد في الرسالة النصية المرسلة من المنصّة. وفي السياق علمت «الجمهورية» أنّ بعض المستشفيات سيرفع الصوت قريباً لتبيان ملابسات ما يجري من خروقات.
في المقابل، تحصل مستشفيات أخرى على فائض لقاحات نسبة الى عدد المسجّلين في اللوائح التي وصلتها. وعلى سبيل المثال، فقد وصل الى إحدى المستشفيات 6 عينات من اللقاح (كل عينة 11 جرعة)، لتطعيم 62 اسماً وردت اسماؤهم ضمن اللائحة، وفي عملية حسابية يبقى لدى هذه المستشفى 4 جرعات غير مسجّلة، هنا تتعدّد الخيارات أمام المستشفيات، فمنها من يعطيها لأطقمها الطبية، وبعضها يجيرها لأسماء أفراد مسجّلين على لوائح الإنتظار لديها، فيما يبادر البعض الآخر الى اعطائها لذويه أو أصدقاء له.
وتتوالى الاسئلة ايضاً عن الاسباب التي تمنع وزارة الصحة من ضبط آلية التوزيع ونشر الاسماء وفق جدول يومي، على غرار الجداول التي تصدر عن نسبة الإصابات بكورونا وتوزيعها على المناطق، وبالتالي تقطع الطريق أمام كثير من الشكوك التي يروّج لها البعض، خصوصاً في ما يخص ارقام اللقاحات التي لم تُسجّل عبر المنصة، وهنا من المفترض أن تكون وزارة الصحة على بينة من الامر، عبر ربط المستودع حيث توجد اللقاحات بالمنصة، وبالتالي تكون آلية ضبط العدد واضحة ومدونة، حيث يتمّ تسجيل الكمية التي خرجت يومياً من مستودعات الوزارة لتوزيعها على المستشفيات، ويتمّ إعلام الرأي العام بها، وتأكيد شفافية الوزارة التي تشدّد على ضرورة أن يكون كل شيء واضحاً أمام المواطن.