السودان

مذيعة سودانية عن أهوال الحرب: قتلوا أطفالي وهكذا نجوت..

مذيعة سودانية عن أهوال الحرب: قتلوا أطفالي وهكذا نجوت..

تجرعت مذيعة سودانية تدعى عرفة أدوم، مرارة الحرب على مصراعيها، حين كانت الشاهد على مقتل أبنائها الثلاثة وبتر آذان بقية أفراد الأسرة، لتفر وهي حامل من دارفور السودانية سيرا على الأقدام، حيث أنجبت رضيعا عند المعبر الحدودي مع تشاد.

تحكي لـ"بي بي سي" عما اختبرته في الاشهر الدموية الاخيرة منذ بدء الحرب في 15 نيسان/ابريل: "لقد أنجبته على الطريق. لم تكن هناك قابلات ولا أحد يدعمني. كان الجميع يفكر في نفسه. كان الجميع يركضون لإنقاذ حياتهم".

وكانت التقتها المراسلة في مخيم للاجئين يسكنه عشرات الآلاف من الأشخاص في ضواحي المدينة التشادية: "خرج الرضيع، ولففته. لم أفكر في أي شيء آخر. واصلت السير إلى مدينة أدري".

ونقلت عن المذيعة البالغة من العمر 38 عاما أنها سارت في الشمس الحارقة لمسافة 25 كيلومترا، من مسقط رأسها في الجنينة مع أربع بنات لها، بينما قطع زوجها، من أجل سلامته، طريقا أطول وأكثر صعوبة للوصول إلى المخيم.

وقالت أدوم: "عندما وصلت إلى الحدود، وجدت نفسي منهكة ومرهقة حتى وضعت طفلي".

وأشارت الى أنها تركت وراءها أيضا جثث ثلاثة من أطفالها الذكور، وكانت أعمارهم بين ثلاث وسبع وتسع سنوات، موضحة أنهم قتلوا على الميليشيات.

وفي المخيم نفسه، حكى الشيخ محمد يعقوب، وهو رجل دين مسلم ذو نفوذ، وزعيم المساليت، والذي أصبح لاجئا في مدينة أدري ما جرى معهم: "حاولنا الدفاع عن أنفسنا، لكنهم كانوا يستخدمون أسلحة كبيرة جدا".

وأضاف: "في منطقتنا، فقدنا 82 شخصا في غضون ثلاث ساعات".

فقدت أطفالها

وقالت أدوم في روايتها إن أطفالها الصبية قتلوا في جامعة الجنينة، والتي لجأوا إليها قبل أن تقصفها قوات الدعم السريع والجنجويد وتضرم فيها النيران.

وأضافت: "أصيب أبنائي الثلاثة بالقذائف وفقدوا حياتهم في المكان نفسه".

وقالت إن العديد من أفراد أسرتها الممتدة قتلوا أيضا، بما في ذلك والد زوجها، الذي "تحطمت" ساقيه، وقطعت إحدى أذنيه، ثم "أطلقوا الرصاص عليه، مما أدى إلى مقتله".

بعد ذلك هربت أدوم وزوجها مع بناتهما، لكنه سلك طرقا خلفية لتجنب المرور عبر حواجز الطرق التي يقودها أفراد قوات الدعم السريع التي كانت - وفقا للعديد من اللاجئين - تقتل رجال المساليت والفتية، وأحيانا عن طريق سكب البنزين عليهم وإشعال النار فيهم.

التقى الزوجان في مخيم للاجئين، حيث احتضن زوجها المولود الجديد، الذي يحمل اسم محمد، لأول مرة، ويرى فيه الوالدان أنه نعمة بعد فقدان الصبية الثلاثة.

وتشير المراسلة الى أن زوجة الشيخ، رخية أدوم عبد الكريم، أخبرتها بدورها أنها كانت حاملا أيضا، لكنها فقدت طفلها في اليوم التالي للوصول إلى أدري، وهي رحلة شاقة تركتها جائعة ومرهقة وضعيفة.

وقالت: "بدأت أنزف، ثم أصبت بالصداع، وكان الدم ينزف طوال الوقت. ثم ولد الجنين عند الفجر".

كان المستشفى مكتظ بالمرضى، معظمهم من النساء والرضع والأطفال، وبعضهم مصاب بطلقات نارية.

قالت نعيمة علي، إحدى المريضات، إنها أصيبت هي وابنها البالغ من العمر تسعة أشهر برصاص قناص تابع لقوات الدعم السريع أثناء فرارهم من قريتهم.

وكان الصبي على ظهرها، عندما أصابته رصاصة في ساقه، و"أنا أصبت في جانبي، وفقدت كليتي".

وقالت: "كنا ننزف ولم يساعدنا أحد"، مشيرة إلى أنها هي أيضا واصلت الفرار سيرا على الأقدام حتى وصلت إلى المخيم.

قوات الدعم السريع مدربة ومسلحة بشكل جيد

وقال الشيخ يعقوب: "ما يحدث أسوأ مما حدث في 2003"، مشيرا إلى أن أشهر شخصيات المساليت من أطباء ومحامين قتلوا.

كانت السيدة أدوم، مقدمة البرامج في إذاعة الجنينة المتوقفة الآن، محظوظة للبقاء على قيد الحياة، عندما داهمت قوات الدعم السريع مكتب الإذاعة في الأيام الأولى من الحرب.

وقالت: "دخلوا وحطموا كل المعدات ونهبوا ما في وسعهم".

الآن تعيش أدوم في كوخ مبني بالعصي وقطع الملابس، ولا تعرف ما إذا كانت ستتمكن من العودة إلى المنزل.

وقالت وهي تحمل طفلها البالغ من العمر ثلاثة أسابيع بين ذراعيها "جئنا كلاجئين. مات الكثيرون على طول الطريق. لكن كان علينا أن نستمر في التحرك".

واستبعد لاجئ آخر العودة، قائلا "لمن أعود؟ أنا هنا منذ أسابيع، ورائحة الجثث المتعفنة في شوارع الجنينة لا تزال عالقة في أنفي".

يقرأون الآن