يعني العقم أنك لم تتمكني من الحمل بعد عام من المحاولة. لكن، إذا زاد عمر المرأة عن 35 عامًا، عندها يتم تعريف العقم على أنه فشل الحمل بعد 6 أشهر من المحاولة. ويطلق مصطلح العقم الأولي على المرأة التي لم تكن قادرة على الحمل على الإطلاق من البداية، بينما يقال عقم ثانوي على المرأة التي نجحت في حملها مرة واحدة على الأقل في الماضي.
ووفقًا للقسم المسؤول عن صحة المرأة، يمكن أن يُعزى حوالي ثلث حالات العقم إلى عقم الإناث بينما تمثل مشاكل الرجال ثلث حالات العقم الأخرى. وقد يكون سبب الثلث المتبقي من الحالات هو مزيج من عقم الذكور والإناث، أو قد لا يكون هناك سبب معروف.
علامات عقم الإناث
يمكن أن يشكل طول دورة الحيض (35 يومًا أو أكثر)، أو قصره (أقل من 21 يومًا)، أو عدم انتظام الدورة الشهرية أو غيابها علامات على نقص الإباضة، وهو ما قد يرتبط بالعقم عند النساء، وقد لا تكون هناك أي علامات أو أعراض ظاهرية أخرى.
أسباب عقم الإناث
أولا- اضطرابات الإباضة
تعزى 25 بالمائة تقريبًا من حالات العقم إلى اضطرابات الإباضة، والتي تعني عدم انتظام الإباضة أو عدم حدوثها على الإطلاق، ويمكن أن يحدث هذا بسبب عيوب في تنظيم الهرمونات التناسلية بواسطة ما تحت المهاد (Hypothalamus) أو الغدة النخامية، أو بسبب مشكلات في المبيض نفسه، ومن أمثلة اضطرابات الإباضة ما يلي:
- متلازمة تكيس المبايض
في متلازمة تكيس المبايض، تحدث تغيرات معقدة في ما تحت المهاد، والغدة النخامية، والمبايض، ما يؤدي إلى اختلال توازن الهرمونات، وهو ما يؤثر على عملية الإباضة، وترتبط متلازمة المبيض متعدد التكيسات بمقاومة الأنسولين والسمنة، ونمو الشعر الزائد على الوجه أو الجسم، وحب الشباب، وتعد هذه المتلازمة السبب الأكثر شيوعًا في العقم عند النساء.
- اضطراب عمل الغدة ما تحت المهاد
يتم إنتاج الهرمونين المسؤولين عن تحفيز عملية الإباضة كل شهر - وهما الهرمون المنبه للحويصلات (FSH) والهرمون الملوتن (LH) - بواسطة الغدة النخامية بنمط محدد خلال دورة الحيض، ويمكن أن يؤدي الإجهاد البدني أو النفسي الزائد، أو زيادة أو انخفاض وزن الجسم بشكل كبير، أو اكتساب الوزن أو فقدانه بشكل ملحوظ أخيرًا إلى الإخلال بهذا النمط والتأثير على عملية الإباضة، ويعد عدم انتظام الدورة الشهرية أو غيابها العلامة الرئيسية لهذه المشكلة.
- فشل المبيض المبكر
يحدث هذا الاضطراب عادةً بسبب استجابة مناعية ذاتية حيث يقوم الجسم بمهاجمة أنسجة المبيض عن طريق الخطأ، أو بسبب الفقد المبكر للبويضات من المبيض نتيجة مشكلات وراثية أو عوامل بيئية مثل العلاج الكيميائي، ويؤدي هذا إلى فقد القدرة على إنتاج البويضات بواسطة المبيض، بالإضافة إلى انخفاض إنتاج الأستروجين لدى من هم تحت سن الأربعين.
- فرط البرولاكتين
في حالات أقل شيوعًا، يمكن أن تتسبب الغدة النخامية في زيادة إنتاج البرولاكتين (فرط برولاكتين الدم)، ما يقلل من إنتاج الأستروجين وقد يسبب العقم، ويرجع هذا في معظم الأحيان إلى وجود مشكلة بالغدة النخامية، ولكنه قد يرتبط أيضًا بأدوية تتناولينها لعلاج أمراض أخرى.
ثانيا: تلف قناتي فالوب
عند تلف قناتي فالوب أو انسدادهما، يمنع هذا الحيوانات المنوية من الوصول للبويضة أو يمنع مرور البويضة المُخصبة إلى الرحم، ويمكن أن تتضمّن أسباب تلف أو انسداد قناة فالوب ما يلي:
- مرض التهاب الحوض، وهي عدوى تُصيب الرحم وقناتي فالوب نتيجة الإصابة بالمتدثرة، أو مرض السيلان أو غير ذلك من العدوى المنقولة جنسيًا.
- جراحة سابقة في البطن أو الحوض، بما في ذلك جراحة الحمل المنتبذ، والتي تنغرس فيها البويضة المُخصبة وتبدأ في النمو في قناة فالوب بدلاً من الرحم.
- السل الحوضي، وهو السبب الرئيسي في العقم بوقي المنشأ على مستوى العالم، على الرغم من قلة انتشاره في الولايات المتحدة.
ثالثا: انتباذ بطانة الرحم
يحدث انتباذ بطانة الرحم عندما تنغرس وتنمو الأنسجة التي عادةً ما تنمو داخل الرحم في أماكن أخرى، ويمكن أن يتسبب هذا النمو الزائد للأنسجة - والاستئصال الجراحي له - في الإصابة بندوب، ما قد يسد البوق ويمنع البويضة والحيوانات المنوية من الاتحاد.
أيضًا يمكن أن يؤثر هذا على بطانة الرحم، ما يعرقل عملية غرس البويضة المخصبة، كما ثبت أيضًا أن هذه الحالة تؤثر على الخصوبة بطرق غير مباشرة، كأن تتسبب في إتلاف الحيوان المنوي أو البويضة.
رابعا: أسباب تتعلق بالرحم أو عنق الرحم
يمكن أن يؤثر عدد من الأسباب المتعلقة بالرحم أو عنق الرحم على الخصوبة عن طريق إعاقة غرس البويضات أو زيادة احتمال حدوث الإجهاض، ومنها:
- انتشار الزوائد اللحمية أو الأورام الحميدة (الأورام الليفية أو الأورام العضلية) في الرحم، ويمكن أن تُضعف بعض أنواع تلك الأورام الخصوبة عن طريق سد قناتي فالوب أو عرقلة غرس البويضات، ولكن، تتمكن العديد من النساء ممن لديهن أورام ليفية أو زوائد لحمية من الحمل.
- أيضًا يمكن أن تعرقل ندوب انتباذ بطانة الرحم أو التهاب الرحم من عملية غرس البويضات.
- كما يمكن أن تتسبب عيوب الرحم الموجودة منذ الولادة، مثل تشوه شكل الرحم، في مشكلات تتعلق بإمكانية الحمل أو الحفاظ عليه.
- ويمكن أن يحدث تضيق عنق الرحم بسبب تشوه وراثي أو تلف بعنق الرحم.
- وفي بعض الأحيان لا يتمكن عنق الرحم من إنتاج أفضل نوع من المخاط للسماح للحيوانات المنوية بالانتقال عبر عنق الرحم إلى داخل الرحم.
خامسا: العقم غير المُبرر
في بعض الحالات، لا يتم التوصل على الإطلاق إلى سبب العقم، ويُرجح أن مزيجًا من عدة عوامل بسيطة لدى كلا الزوجين هو الذي يكمن وراء مشكلات الخصوبة غير المُبررة هذه، وعلى الرغم أنّ من المُحبط عدم الحصول على إجابة محددة، إلا أنّ هذه المشكلة قد تزول من تلقاء نفسها بمضي الوقت.
من هن النساء الأكثر عرضة للمعاناة من العقم؟
- التقدم في العمر وخاصة بعد سن الـ35 والأربعين.
- التدخين، حيث يزيد التدخين من خطر الإجهاض والحمل المنتبذ، كما يُعتقد أيضًا أنّه يعمل على تقدم عمر مبايضكِ واستنفاد بويضاتك بشكل مبكر، ما يقلل من قدرتكِ على الحمل، لذا أقلعي عن التدخين قبل البدء في علاج الخصوبة.
- السمنة، تعيق عملية الإباضة الطبيعية، وقد تبين أن الوصول لمؤشر كتلة جسم (BMI) صحي يزيد من وتيرة الإباضة واحتمال الحمل.
- العدوى المنقولة جنسيًا.
- شرب الكحول والمواد غير المشروعة.
كيف يتم التوصل لسبب عقم الإناث؟
إذا لم تتمكني من الحمل في غضون فترة معقولة من الوقت، فالتمسي المساعدة من طبيبكِ لمزيد من تقييم العقم وعلاجه.
- اختبارات هرمونات الإباضة بالإضافة لهرمونات الغدة الدرقية والغدة النخامية التي تتحكم في عملية الإنجاب
- تصوير الرحم وقنوات فالوب باستخدام صبغة، للبحث عن أي انسداد أو تشوهات في الرحم. ولدى قلة من النساء، يمكن أن يُحسن الاختبار نفسه من الخصوبة، ربما عن طريق تنظيف وفتح قناتي فالوب.
- اختبار مخزون البويضات.
- سونار البطن والحوض، لرؤية التفاصيل داخل الرحم التي لا يمكن رؤيتها في التصوير العادي بالموجات فوق الصوتية.
- وتبعًا لما تعانينه من أعراض، قد يطلب الطبيب إجراء تنظير الرحم أو تنظير البطن (Laparoscopy). كما تساعد الاختبارات الوراثية في تحديد ما إذا كانت هناك عيوب وراثية هي السبب في العقم أم لا.
علاج عقم الإناث
تعتمد كيفية علاج العقم لديكِ على سببه، وعمركِ، ومنذ متى وأنتِ تعانين من العقم، وتفضيلاتك الشخصية. ونظرًا لأن العقم من الاضطرابات المعقدة، فإن علاجه ينطوي على التزامات مالية، وجسدية، ونفسية، وزمنية كبيرة، وعلى الرغم من عدم احتياج بعض النساء سوى لطريقة أو اثنتين من طرق العلاج لاستعادة خصوبتهن، إلا أنكِ قد تحتاجين لعدة أنواع مختلفة من طرق العلاج قبل تمكنكِ من الحمل.
أولا: تحفيز الإباضة باستخدام أدوية الخصوبة
وقد تتضمن أدوية الخصوبة ما يلي:
1. كلوميفين سترات (Clomiphene citrate)
يُؤخذ عقار كلوميفين سترات (كلوميد، وسيروفين) (Clomid, Serophene) عن طريق الفم ويعمل على تحفيز الإباضة عن طريق حث الغدة النخامية على إطلاق المزيد من الهرمون المنبه للحويصلات والهرمون الملوتن، واللذين يحفزان نمو حويصلات المبيض التي تحتوي على البويضات.
2. الجونادوتروبين (Gonadotropins)
عوضًا عن تحفيز الغدة النخامية لإطلاق المزيد من الهرمونات، تعمل هذه الأدوية التي تُعطى عن طريق الحقن على تحفيز المبيض مباشرةً، وتتضمّن هذه المجموعة أدوية مثل جونادوتروبين انقطاع الطمث البشري human menopausal gonadotropin - hMG (ريبرونيكس ومنوبور Repronex, Menopur) والهرمون المنبه للحويصلات FSH (جونال إف، وفوليستيم إيه كيو، وبرافيل Gonal-F, Follistim AQ, Bravelle)، وتعمل جميع هذه الأدوية السابقة على تحفيز إنتاج بويضات متعددة.
أيضًا يُستخدم نوع آخر من أدوية الجونادوتروبين، وهو هرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشري human chorionic gonadotropin (أوفيدريل وبريجنيل Ovidrel, Pregnyl)، لإنضاج البويضات وتحفيز إطلاقها في فترة الإباضة.
3. ميتفورمين (Metformin)
يُستخدم عقار ميتفورمين (جلوكوفاج Glucophage وغيره) عندما يُعرف أو يُشتبه في كون مقاومة الأنسولين السبب وراء العقم، والذي عادة ما يحدث لدى النساء اللاتي يتم تشخيصهن بمتلازمة المبيض متعدد التكيسات، ويساعد ميتفورمين في تحسين مقاومة الأنسولين، وهو ما يمكن أن يزيد من احتمال حدوث الإباضة.
4. ليتروزول (Letrozole)
ينتمي عقار ليتروزول (فيمارا) إلى فئة من الأدوية يُطلق عليها اسم مثبطات الأروماتاز وهي تعمل بطريقة مشابهة للكلوميفين، وقد يحفز عقار ليتروزول عملية الإباضة، ولكن لا يُعرف بعد تأثير هذا الدواء على مراحل الحمل المبكرة، لذا فهو لا يُستخدم لتحفيز الإباضة بنفس كثرة استخدام الأدوية الأخرى.
5. بروموكريبتين (Bromocriptine)
قد يُستخدم عقار بروموكريبتين (بارلوديل وسايكلوست Parlodel, Cycloset) عندما تكون مشاكل الإباضة بسبب زيادة إنتاج البرولاكتين (فرط برولاكتين الدم) بواسطة الغدة النخامية.
ما مخاطر استخدام أدوية الخصوبة؟
ينطوي استخدام أدوية الخصوبة على بعض المخاطر، مثل:
- الحمل بالتوائم. وكلما زاد عدد الأجنة التي تحملينها، زاد خطر المخاض المبكر، وخطر انخفاض وزن الأطفال عند الولادة، والإصابة بمشكلات لاحقة في النمو، وفي بعض الأحيان يمكن أن يقلل تعديل الأدوية من خطر الحمل المتعدد، وذلك إذا ما نمت العديد من الجريبات.
- متلازمة فرط تحفيز المبيض، والتي تتورم فيها المبايض وتصبح مؤلمة، وتدوم العلامات والأعراض عادةً لمدة أسبوع وتتضمّن ألماً خفيفًا بالبطن، والانتفاخ، والغثيان، والقيء، والإسهال. ولكن، إذا أصبحتِ حاملاً فقد تستمر الأعراض لديك لعدة أسابيع، وفي حالات نادرة، من الممكن الإصابة بالشكل الأكثر حدة من متلازمة فرط تحفيز المبيض والذي يمكن أن يتسبب أيضًا في زيادة سريعة في الوزن، وتضخم مؤلم في المبايض، وتجمع السوائل في البطن، وضيق التنفس.
- مخاطر طويلة الأمد بالإصابة بأورام المبيض، حيث تشير بعض الدراسات الأخرى إلى أن النساء اللاتي يتناولن أدوية للخصوبة لمدة تزيد على 12 شهرًا أو أكثر بدون النجاح في الحمل يزداد لديهن خطر إصابتهن بأورام المبيض الحدية ذات الصلة بهذه الأدوية في مراحل متأخرة من حياتهم.
ثانيا: الجراحة
- جراحة تنظير البطن أو تنظير الرحم
لإزالة أو تصحيح المشكلات التي تقلل من معدلات الحمل، ويمكن أن يتضمّن هذا تصحيح تشوه شكل الرحم بإزالة بعض الزوائد اللحمية ببطانة الرحم وبعض أنواع الأورام الليفية التي تشوه تجويف الرحم أو الحوض أو تتسبب في التصاقات الرحم، ويمكن أن يحسن هذا من فرصكِ في الحمل.
-جراحة عكس ربط البوق
لإعادة وصل القنوات واستعادة الخصوبة، ويمكن للطبيب تحديد ما إذا كنتِ مؤهلة لإجراء هذه الجراحة أم أنّ التلقيح الصناعي (IVF) خيار أفضل بالنسبة لكِ.
3. جراحات قنوات فالوب
إذا كانت قناتا فالوب لديكِ مسدودتين أو مليئتين بالسائل، فقد تُجرى لك جراحة لتنظير البطن لإزالة الالتصاقات، أو توسعة الأنبوب، أو إنشاء فتحة بوقية جديدة، ولكن، نادرًا ما يتم اللجوء لهذه الجراحة، حيث إنّ معدلات الحمل عادةً ما تكون أفضل مع التلقيح الصناعي، وبالنسبة للقيلة البوقية، يمكن أن تساهم إزالة قناتي فالوب (استئصال قناة فالوب) أو سدهما بالقرب من الرحم في تحسين فرصكِ في الحمل عن طريق التلقيح الصناعي.
ثالثا: تقنيات المساعدة على الإنجاب
تشمل الطرق الشائع استخدامها في المساعدة الطبية على الإنجاب ما يلي:
- التلقيح داخل الرحم
خلال عملية التلقيح داخل الرحم، توضع ملايين الحيوانات المنوية السليمة داخل الرحم حينما يقترب موعد الإباضة.
- تقنية الإخصاب المساعد
تتضمن هذه الطرق استخراج البويضات البالغة من الزوجة وتخصيبها بالحيوان المنوي للزوج في طبق مختبري، ثم تنقل الأجنة إلى الرحم بعد التخصيب، ويعتبر التلقيح الصناعي أكثر تقنيات الإخصاب المساعد فاعلية، وتستغرق دورة التلقيح الصناعي عدة أسابيع وتتطلب إجراء اختبارات الدم بشكل متكرر وتلقي حقن الهرمونات بشكل يومي.
أخيرا..
إذا كنتِ تفكرين في الحمل قريبًا أو في المستقبل، فقد تتحسن فرصك في أن تكون لديك خصوبة طبيعية في حال ما يلي:
- المحافظة على وزن طبيعي للجسم، فالنساء ذوات الوزن الزائد أو النحيفات يكنّ أكثر عرضة لخطر الإصابة باضطرابات الإباضة، وإذا كنتِ بحاجة لفقدان الوزن، فمارسي الرياضة باعتدال، فقد تبين وجود ارتباط بين التدريبات الشاقة المكثفة التي تزيد عن سبع ساعات أسبوعيًا وانخفاض الإباضة.
- تجنبي التدخين والتدخين السلبي مع الحد من تناول الكافيين. وتجنبي الكحوليات والمواد غير المشروعة.
- تخلصي من التوتر، فقد أظهرت بعض الدراسات أن الأزواج الذين يعانون من ضغوط نفسية تكون نتائج علاج الخصوبة لديهم ضعيفة، لذا حاولي قدر الإمكان البحث عن طريقة للتخلص من التوتر في حياتكِ قبل محاولة الحمل.
صحتك