"تجّار السلاح أو لصوص وقتلة"، يكرر وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي في غير مرّة أن معدل أعمالهم لم يرتفع، مشدّدًا على أن الأمن ممسوك. هذا بالدليل الحسّي والإستخباري. لكن كيف يمكن لزميله في الحكومة وزير الصحة فراس الأبيض أن يحصيَ عدد الذين يتزوّدون بجرعات أملٍ إمّا زائفة من دون تأثير، أو قاتلة، يتناولونها وهم يقتربون ببطء من حتوفهم الذي رسمها لهم تجار الأدوية المزوّرة.
نقيب الصيادلة جو سلوم، الذي دعا مرارًا لوقف التلاعب بحياة المرضى، كشف لـ"وردنا" أن المشكلة اليوم تكمن في أنه عند فقدان أدوية السرطان والأمراض المستعصية من وزارة الصحة، يضطر المرضى إلى اللجوء للسوق السوداء حيث الأدوية المهربة من بلدان عدّة، ومن ضمنها سوريا وإيران وتركيا وغيرها.
وعن فعاليّة وجودة هذه الأدوية، شرح سلوم أن "قسم كبير منها مزور أو محفوظ بطريقة غير آمنة وخاطئة"، فحفظ الأدوية بشكل صحيح أمر ضروري للحفاظ على سلامة الأفراد وضمان فعاليتها، لافتًا إلى استمرار ظاهرة بيع الأدوية المدعومة في السوق السوداء.
سلوم الذي أكد أن أدوية السرطان يجب أن تبقى مدعومة لأن المرضى لا يمتلكون القدرة المالية على شرائه، شدّد على أن من حقّهم الحصول على علاجهم مجانًا وبجودة عالية.
وقال: "مريض السرطان ليس حقل تجارب"، بالإشارة إلى أن عدم توفّر عدد كبير من هذه الأدوية في الصيدليات يجبر المريض على تغيير بروتوكول علاجه والتوجه إلى السوق السوداء.
وفي ظلّ التحديات التي يواجهها نظام الرعاية الصحية في لبنان، إلى جانب الدور الرقابي الذي يجب أن تقوم به نقابة الصيادلة من ناحية مراقبة ممارسة الصيادلة والتأكد من الإمتثال للقوانين والأنظمة المتعلقة بالأدوية، كشف سلوم أنّه تمّ إحالة أكثر من 50 صيدلية إلى التحقيق لامتلاكها أدوية مزورة لا تستوفي الشروط، إضافةً إلى التلاعب بالأسعار.
وذلك بالتعاون مع الجهاز الأمني الذي كشف مؤخرًا عن شبكات لتهريب الدّواء من تركيا وأوروبا، وتقوم ببيعها في الصيدليّات اللبنانيّة دون التأكد من صلاحيّتها من قبل وزارة الصحة، وبالتالي تشكيلها خطرًا على صحة المرضى واللبنانيين.
نقابة مستوردي الأدوية
منذ بدء الأزمة اللبنانية وانقطاع بعض الأدوية، انتشر التهريب والتزوير في بعض المناطق بطريقة غير قانونية وغير خاضعة للرقابة، وذلك إمّا عبر التهريب المنظم من خلال قنوات غير شرعية، أو عبر التهريب الشخصي من خلال حقائب السفر.
وفي هذا الإطار، رأى نقيب مستوردي الأدوية في لبنان جوزيف غريّب، في حديثٍ لـ"وردنا"، أن "الفراغ" هو السبب الأساسي وراء إنتشار هذه الظاهرة، والتي أكدت التحاليل أنها ذات مفعول سلبي على الصحة.
وعقب تسلم حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري مهامه توقف دفع مستحقات مصنّعي الأدوية، ما أحدث قلقًا في صفوف هذه الشركات، إذ أشار غريّب إلى أن "حوالي الـ275 مليون دولار، هي قيمة أموالها المستحقة وغير المسدّدة لدى مصرف لبنان".
نقيب مستوردي الأدوية، أوضح أن أدوية السرطان المدعومة هي فقط مفقودة، أمّا غير المدعوم منها فمتوفر، وذلك لأنها غير خاضعة لآلية الدعم التي تحدد من قبل مصرف لبنان ووزارة الصحة.
وأكد أن النقابة على تواصل مع لجنة الصحة النيابية ووزارة الصحة، من أجل الخروج بخطة تعتمد على قيام الحكومة باعطاء إذن لصرف الأموال، لدعم الأدوية لفترة شهرين، مشدّدًا على ضرورة إيجاد حلّ دائم يعطي المرضى والأطباء والشركات المستوردة حقوقها.
"لا حلحلة في الأفق"
لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الإجتماعية، التي تتابع هذا الملف الوطني والإنساني، كشف رئيسها النائب بلال عبدالله لـ"وردنا" أنها ستجتمع نهار الإثنين المقبل، عند الساعة العاشرة والنصف صباحًا، لمناقشة موضوع غسيل الكلى وأدوية السرطان والأمراض المستعصية.
"20 مليون دولار شهريًا، هو المبلغ المطلوب في الحدّ الأدنى لتغطية دعم هذه الأدوية"، بحسب عبدالله، الذي أكد أن هذا الأمر من مسؤولية الحكومة والوزارات المعنية ومصرف لبنان والشركات المستوردة، مشيرًا إلى أن "لا حلحلة في الأفق".
لم يسلم قطاع الدواء في لبنان من الأزمة الإقتصادية، إذ استغلت "المافيات" حاجة السوق وحاجة المريض للحصول على مسكن لآلامه، وذلك بعد عدم توفر الدولار في مصرف لبنان ممّا أدى إلى فقدانه من الصيدليات، وكل هذا يستدعي تدخلًا فعّالًا وعاجلًا من المسؤولين.