أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن الصين دولة عظمى تلعب دوراً مهماً جداً على مستوى العالم، وهي عندما تتحدث عن الشراكة تتحدث عن مبدأ جديد ولا تتحدث عن الهيمنة.
وأشار في مقابلة مع تلفزيون الصين المركزي (CCTV) إلى أن الصين وقفت مع سوريا سياسياً من خلال دورها في مجلس الأمن وفي عدد من المحافل الدولية، ومن الطبيعي أن يكون هناك حوار أوسع معها في ظل الظروف التي يمر بها العالم وفي ظل الحصار الاقتصادي الغربي القاسي الذي يهدف لتجويع الشعب السوري.
وشدد على أن الشعب السوري قادر على إعادة بناء بلده عندما تتوقف الحرب وعندما ينتهي الحصار.
وتابع: " لابد من أن تكون هناك مشاريع مشتركة واحتكاك بين الخبرات الصينية والخبرات السورية في مشاريع ذات طابع اقتصادي صناعي، أولاً، لأن ظروف الصين منذ بضعة عقود كانت مشابهة لظروف كثير من دول العالم الثالث، ثانياً، لأن المفاهيم الاجتماعية والقيمية وهي تلعب دوراً أساسياً في عملية التطوير، لا يمكن أن نفصل التطوير التقني عن الحالة الاجتماعية، لذلك نستطيع أن نستفيد من التجربة الصينية بجوانب عديدة، ربما لا نستطيع أن نستفيد بنفس الطريقة من الكثير من الدول الغربية، وحاولنا وحاولت كثير من الدول في منطقتنا أن تستفيد من التجارب الغربية ولكنها فشلت، بالعكس ربما أتت نتائج التجارب أو التقليد بنتائج عكسية على تلك الدول".
وعن الحرب في سوريا، قال: "لا، الحرب لم تنته، ما زلنا في قلب الحرب حالياً، لكن أريد أن أقول بأن سوريا كموقع جغرافي عبر التاريخ القديم منذ كُتب التاريخ هي ممر للغزوات، وكلما كان يأتي محتل كان يدمر المدن فهذا هو تاريخ سوريا ولكنها كانت دائماً يُعاد بناؤها، بكل تأكيد الشعب السوري قادر على إعادة بناء بلده عندما تتوقف الحرب وعندما ينتهي الحصار، المشكلة هي الآثار الاجتماعية التي يمكن أن تظهر، عندما تخسرين شيئاً مادياً تعيدين بناءه ولكن عندما تخسرين شيئاً فكرياً وثقافياً يذهب ولا يعود، الآن منطقتنا تواجه بهذه الحرب نوعين من الخطر، خطر الليبرالية الحديثة الغربية، وخطر التطرف، فإذاً المجتمعات هي أمام شيئين سيئين يظهران كأنهما شيئان مختلفان ولكنهما في الحقيقة واحد، نحن ما نركز عليه الآن هو أن نتمكن من الحفاظ على القيم أولاً وعلى الانتماء لأن القيم والانتماء هي التي تساعدنا على بناء مجتمعنا أو وطننا، عندما نخسر هذه القيم سيهاجر الكل، ولن يكون هناك أي شخص مستعد للدفاع عن بلده، أو القيام بأي عمل يخدم المجتمع، فهذا هو التحدي".
وقال: " نحن نخسر في المناطق خارج سيادتنا النفط والقمح، نحن كنا دولة نصّدر القمح، الآن لا يوجد لدينا إلاّ القليل من القمح، لا يوجد لدينا كهرباء، كيف يمكن أن يكون هناك حياة من دون كهرباء، طبعاً لدينا أقل بكثير من الحد الأدنى للحياة ولكن هذا لا يكفي".
وأضاف: "المعاناة تزداد، وقدرة الشعب السوري الذي كان يعيش دائماً علاقات طبيعية مع مختلف دول العالم يستطيع أن يتبادل معهم التجارة والثقافة والعلم وكل شيء وهي ضرورية، هذا تفاعل ضروري لكي يبقى البلد مزدهراً، هي في حالة خنق متزايد من قبل الدول الغربية، لكن هذا لا يعني بأننا لا نستطيع أن نقوم بشيء وهذا أحد العناوين لهذه الزيارة، هنا يكون دعم الدول الصديقة حيوياً وأساسياً، ليس بالضرورة من خلال المساعدات، المساعدات قد تكون لأسباب إنسانية ولكن أقصد من أجل فتح أبواب لكي يتمكن الشعب السوري الذي لديه إمكانيات قديمة بأن يبني بلده وأن يتفاعل وأن يتطور وأن يزدهر، لدينا هذه الإمكانيات، نحن لا نفتقدها، هذا النوع من العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية هو الذي يمكن أن يفتح لنا الأبواب لكي نعود وننطلق من جديد".
وتابع: "طبعاً نحن الآن أمام تحدٍ داخلي مرتبط بالحرب والحصار، ولكن أمام تحدٍ خارجي مرتبط بالوضع الاقتصادي العالمي، آثار كورونا، آثار الحرب في أوكرانيا، كل هذه الأشياء أدت لارتفاع كل الأسعار يُضاف لها ارتفاع الفائدة على الدولار، وبالتالي أيضاً زاد من الصعوبات على كل الدول، الوصفة الأساسية لمثل هذه الحالة هي الانتقال، طبعاً ليس فقط لسوريا، لكل الدول، هي الانتقال من التعامل بالدولار إلى العملات الأخرى وفي مقدمتها اليوان".
وعن المصالحة السعودية، قال: "بالنسبة للمصالحة السعودية الإيرانية كانت إنجازاً كبيراً جداً وغير متوقع، لكنه كان مفاجأة جميلة جداً، لأن هذه المشكلة عمرها أربعة عقود في منطقتنا أو أكثر قليلاً".
وتابع: "هذه المبادرة كانت أكثر من مجرد مصالحة بين طرفين، لنقل بأن شخصين كانا على عداوة وأصبحا أصدقاء، لا، القضية هي قضية استقرار، هذا جانب، هذا الجانب سينعكس علينا كلنا في الشرق الأوسط بشكل إيجابي، لأن هذه المشكلة دفعنا ثمنها لعدة عقود، واليوم نحن نشعر بالاطمئنان تجاه هذه النقطة، الجانب الآخر، عندما قامت الصين بإعلان هذه المصالحة، فهذا يعني أن السياسة تعتمد على العمل وليس على الكلام والخطابات والبروباغندا بالطريقة الغربية الفارغة، كان هناك عمل سياسي حقيقي".