أعلنت وحدات حماية الشعب الكردية السورية المتحالفة مع الولايات المتحدة، اليوم الخميس، أن الهجمات التركية أسقطت ثمانية قتلى في تصعيد تسبب فيه هجوم بقنبلة في أنقرة أعلن مسلحون أكراد مسؤوليتهم عنه.
وقال مسؤول بوزارة الدفاع التركية إن القيام بعملية برية في سوريا أحد الخيارات المتاحة أمام تركيا التي سبق أن توغلت عدة مرات في شمال سوريا لاستهداف وحدات حماية الشعب الكردية السورية.
ووحدات حماية الشعب مكون أساسي في القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة في ائتلاف مناهض لتنظيم "داعش". وأدى الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة وحلفاء آخرون، بينهم فرنسا، لوحدات حماية الشعب إلى توتر العلاقات مع أنقرة.
وتقول تركيا إن وحدات حماية الشعب منظمة إرهابية مرتبطة ارتباطا وثيقا بحزب العمال الكردستاني. ويصنف حلفاء تركيا الغربيون حزب العمال الكردستاني، وليس وحدات حماية الشعب، جماعة إرهابية.
ولدت من رحم الحرب السورية
ظهرت وحدات حماية الشعب كمجموعة مسلحة قوية خلال الحرب الأهلية السورية التي بدأت عام 2011. وأوجدت لنفسها موطئ قدم في الشمال مع انسحاب القوات الحكومية السورية لإخماد الانتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد في أماكن أخرى. وهي تابعة للفصيل الكردي السوري الرئيسي، حزب الاتحاد الديمقراطي، ولها نظيرتها النسائية، وحدات حماية المرأة.
وتركزت سيطرة وحدات حماية الشعب في البداية في ثلاث مناطق ذات أغلبية كردية في شمال سوريا، يعيش فيها زهاء مليوني كردي، وأنشأت السلطات التي يقودها الأكراد هيئات حكم مستقلة هناك منذ بداية الحرب السورية.
حليف للولايات المتحدة
توسع نفوذ وحدات حماية الشعب مع انضمامها للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم "داعش" لتصبح رأس الحربة لمجموعة أوسع هي قوات سوريا الديمقراطية التي لعبت دورا رئيسيا في هزيمة المتشددين في أنحاء سوريا.
ومع تراجع تنظيم "داعش"، توسعت المنطقة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، وهي تمثل الآن نحو ربع مساحة سوريا بما في ذلك حقول نفط والعديد من المناطق التي يغلب العرب على سكانها.
ويقول التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إنه يواصل دعم قوات سوريا الديمقراطية.
لماذا تعتبر تركيا وحدات حماية الشعب تهديدا؟
ترى تركيا أنه لا يمكن تمييز حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري ووحدات حماية الشعب عن حزب العمال الكردستاني الذي بدأ عام 1984 تمردا في تركيا من أجل الحقوق السياسية والثقافية للأكراد.
وقُتل أكثر من 40 ألف شخص في الصراع.
وتشكل الأقلية الكردية في تركيا ما بين 15 إلى 20 في المئة من إجمالي سكان البلاد الذين يقاربون 85 مليون نسمة. ويعيش معظم الأكراد في مناطق شرقي تركيا وجنوبها على الحدود مع سوريا. وخوفا من النزعة الانفصالية، تنظر تركيا إلى وجود حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا باعتباره تهديدا للأمن القومي التركي.
ووحدات حماية الشعب متأثرة بشدة بأفكار زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، المسجون في تركيا منذ عام 1999 والمُدان بالخيانة.
وتصنف تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية.
ولا تعتبر دول الغرب، بما فيها شركاء تركيا في حلف شمال الأطلسي، وحدات حماية الشعب جماعة إرهابية. ويمثل الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية مصدر توتر مع تركيا منذ سنوات.
وبدعم من جماعات مسلحة عربية سورية، أدت عمليات التوغل التركية السابقة في شمال سوريا إلى إخضاع مساحات واسعة من الأراضي لسيطرتها، بما في ذلك منطقة عفرين التي كانت من قبل واحدة من ثلاث مناطق كردية رئيسية.
علاقات متوترة مع دمشق
كانت الدولة البعثية في سوريا تضطهد الأكراد بشكل منهجي قبل الحرب. ومع ذلك ابتعدت وحدات حماية الشعب ودمشق عن طريق إحداهما الأخرى إلى حد بعيد خلال الصراع على الرغم من الاشتباكات العرضية. كما أن لديهما أعداء مشتركين، بما فيهم جماعات عربية سُنية مدعومة من تركيا.
وسمحت وحدات حماية الشعب للحكومة بالاحتفاظ بموطئ قدم في مناطقها، بما في ذلك السيطرة على مطار القامشلي.
ويقول زعماء أكراد إن هدفهم هو الحكم الذاتي الإقليمي داخل سوريا لامركزية وليس الاستقلال. لكن دمشق تعارض مطالب الحكم الذاتي الكردية، ولم تحقق المحادثات بين الجانبين من أجل التوصل إلى تسوية سياسية أي تقدم.
الجماعات الكردية في المنطقة
وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري هما التجمع السياسي الرئيسي للأكراد في سوريا، لكن هناك مجموعات كردية ذات ولاءات مختلفة منتشرة في جميع أنحاء المنطقة.
ويتمتع الحزب الحاكم في حكومة إقليم كردستان بشمالي العراق بعلاقات وثيقة مع تركيا التي يعتمد عليها في تصدير النفط لكن شريكه المنافس في الحكومة أكثر انتقادا لأنقرة.
ولحزب العمال الكردستاني قواعد في السلاسل الجبلية بشمالي العراق.
رويترز