خطفت أحداث غزة وتداعياتها على الساحة اللبنانية، الأضواء من أمام الأحداث التي كانت تشغل بال اللبنانيين، من الانتخابات الرئاسية الى القضايا الحياتية، وبينها التسلل السوري الذي بدأ منذ منتصف آب المنصرم موجات جديدة باتجاه لبنان بعد عودة محافظة السويداء السورية الى واجهة التظاهرات وجولات قتال جديدة، ومعها عاد الاهتمام بملف النزوح وما يخلفه من تداعيات سلبية على لبنان من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية، وبدء تحرك أجهزة الدولة الرسمية، من وزارات وإدارات لكبح جماح هذا الزحف البشري. فكان الجيش اللبناني في المقدمة يعمل جاهداً على التخفيف من دخول العابرين عبر معابر غير شرعية من القاع حتى حدود الهرمل، حيث لكل معبر وكيل، يُدخل من يشاء مقابل بدلٍ مادي، لتصل الأمور إلى وسم كل معبر باسم من يشرف عليه.
ومع اشتداد حماوة الأحداث في المناطق السورية، وانهيار قيمة العملة هناك، ارتفعت نسبة المتسللين الذين يحاولون الدخول عبر تلك المعابر ولا سيما في المناطق التي تتداخل فيها الأراضي اللبنانية والسورية، كمناطق: حوش السيد علي، القاع، المشرفة، القصر، رأس بعلبك وحرف السماقة، وهي معابر استخدمت سابقاً لتهريب المازوت والمواد الغذائية، حيث كانت تتخطى الأرقام المئة شخص يومياً، ناهيك عن أعداد الذين يوقفهم الجيش اللبناني ويسلّمهم الى الأمن العام ليصار الى إعادة ترحيلهم، وكانت تتخطى أسبوعياً الألف سوري.
واللافت مع بدء الانشغال على الجبهة الجنوبية، تراجع الحديث عن التسلل السوري، حيث تقول مصادر أمنية لـ"نداء الوطن" إنّ "العامل الأساسي والأول هو اجراءات الجيش اللبناني المتخذة على مدار الأشهر الماضية، من ضبط حدود وإقفال معابر غير شرعية لتصل النسبة الى 85 في المئة، فالجيش اللبناني بعناصر أفواج الحدود البرية المنتشرة من بلدة معربون المحاذية لبلدة سرغايا السورية، مروراً بمناطق السلسلة الشرقية حتى عرسال والقاع، ومنهما وصولاً الى الهرمل والمناطق المحاذية للأراضي السورية للجهة الشمالية الشرقية، استطاع كبح جماح النزوح، فانخفضت نسب الذين يستطيعون المرور. ففي المناطق التي تشهد طبيعتها الجغرافية وعورة ويلزم الهاربون من سوريا دراجات نارية للوصول الى لبنان، لا يتجاوز عدد من يصل منهم أصابع اليد الواحدة، ويقعون جميعاً في قبضة عناصر الجيش الذين ينقسمون الى ثلاث فرق: عناصر أبراج المراقبة الثابتة على الحدود، عناصر الدوريات وعناصر الكمائن. أما في المناطق التي تعتبر طبيعتها الجغرافية أسهل، وفيها سهول يعبرها النازحون بسهولة، فقد انخفض عدد الذين يتمكّنون من اجتياز المعابر، ويقوم الجيش بتسليمهم الى الأمن العام اللبناني لترحيلهم، وحيث كانت الأعداد تتجاوز الألف أسبوعياً تقتصر اليوم على العشرات اذا لم نقل أقل".
وتضيف مصادر "نداء الوطن" أنّ "عوامل أخرى ساهمت في انكفاء حركة النزوح منها المبالغ المالية التي يتحملها النازح الذي اختار الهرب الى لبنان، حيث يدفع للجندي في الجيش السوري مبلغاً بالدولار، وهنا تكمن المشكلة في عدم تأمين الجيش السوري الحدود من الجهة السورية، إضافة الى ما يأخذه المهربون والمشرفون على المعابر، وعليه يتكبد النازح مبلغاً مالياً كبيراً للوصول الى لبنان لا يستطيع تعويضه بسبب تراجع فرص العمل فيه".
وتختم المصادر أن "الجيش اللبناني مرتاحٌ لما ينجزه، وهو يستكمل اجراءاته في البقاع وعلى الحدود، وعلى أهبّة الاستعداد في الجنوب، كذلك يواصل ربط مراكزه في السلسلة الشرقية بشبكة طرقات، افتتح قائد الجيش العماد جوزاف عون بعضها، ويتم العمل على تزفيت أخرى تمهيداً لافتتاحها".