تأجّل إطلاق منصة بلومبيرغ لتداول الدولار، بعدما كان نواب حاكم مصرف لبنان وعدوا بإطلاقها أكثر من مرة إثر إلغاء طريقة عمل منصة صيرفة.
ويرتبط التأجيل بعدة أسباب: أولها الأحداث الأمنية الجارية في لبنان والمنطقة، علماً أنّ خبراء أجانب من بلومبيرغ كان يجب حضورهم الى لبنان لتدريب المعنيين (مصرفيون وصرّافون وموظفون في مصرف لبنان) على كيفية استخدام هذه المنصة الموعودة.
وثانيها، غير المعلن، هو أنّ لبنان ليس حاضراً بعد لتحرير سعر الصرف تحريراً كاملاً أو أن يدار على طريقة إدارة الجنيه المصري والليرة التركية. وعدم الجهوزية مرتبط بتأخّر جملة إصلاحات مالية ومصرفية يبدو أنها أصبحت في طي الإهمال والتأجيل، ليس بسبب ظروف الحرب، بل لأنّ لا نيّة للإصلاح لدى الحكومة ومجلس النواب على حدٍ سواء، فالتهرب من المسؤولية سيد الموقف رغم تصريحات البطولات الوهمية بين وقت وآخر، كما أكد مراقبون.
وثالثها، وفق المراقبين، أنّ الحاكمية الجديدة لمصرف لبنان نجحت في ضبط تقلبات سعر الصرف من دون تكبّد خسائر لجهة نزيف الاحتياطي أو التوظيفات الالزامية الباقية في مصلحة عدة أطراف تربّحت بشكل غير شرعي.
وأكدت المصادر المعنية لـ"نداء الوطن" أنّ حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (بالتوافق مع نواب الحاكم الآخرين) مطمئن جداً الى طريقته المستحدثة لضبط الكتلة النقدية المتداولة بالليرة، والتي تراوح حالياً بين 54 و55 تريليون ليرة، بعدما كانت اقتربت من 85 تريليون ليرة في الفترة التي سبقت خروج سلامة من الحاكمية. كما أنه مطمئن الى تعاون وزارة المالية وفق توجيهاته لزيادة الجباية، ولا سيما رسوم الجمارك وضريبة القيمة المضافة.
وتوضح المصادر أنّ أكثر من 92% من الكتلة النقدية المتداولة بالليرة حالياً مرتبط بالجباية، والباقي القليل بين أيدي المتداولين الآخرين ومعظمهم يتداول الدولار. فالدولرة زادت على 70% من اجمالي التداولات النقدية. ما سمح لمصرف لبنان بغض الطرف عن مؤشرات ميزان المدفوعات وتركيز اهتمامه في ضبط المالية العامة وعجزها.
أما عن ظروف الحرب وهل ستؤثر في سعر الصرف، فتؤكد المصادر أنه لا خوف حالياً تبعاً للمستوى المضبوط من العمليات الحربية في جنوب لبنان، وقالت: "سعر الصرف مضبوط، كما قواعد الاشتباك مضبوطة جنوباً حتى الآن".
أما على صعيد حاجة الحكومة الى تمويل خطط الطوارئ، فلم تتبلور الأرقام بعد، وإذا كان اللجوء الى مصرف لبنان لازماً، فإن ذلك سيكون بقانون استقراض يقرّه مجلس النواب، علماً أنّ الحاكمية الجديدة لا تحبّذ ذلك، كما لا تحبّذ التوسع في طبع الليرة طالما بقيت الأمور تحت السيطرة، كما هي عليها حالياً. أما في حال الحرب الشاملة فإنّ المخاطر ضخمة جداً، بل كارثية، ولن تقتصر على سعر الصرف فقط، وهذا السيناريو الكارثي لا يريد أحد تصوره اليوم، بل يعمل الجميع على تجنّبه.