عربي

غزة.. هل من حياة تحت الركام؟

غزة.. هل من حياة تحت الركام؟

 أزال رجال إنقاذ فلسطينيون في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء الحطام في موقع ضربة جوية نفذتها إسرائيل خلال الليل على غزة لتظهر أمامهم شيئا فشيئا رأس وذراع بلا حراك لشخص يمثل أحدث قتلى القصف الذي أودى بحياة الآلاف.

وعندما أزال رجال الإنقاذ المزيد من الأنقاض، ظهر باقي الجثة، وهو لفرد من عائلة نصر التي تعرض منزلها في مدينة خان يونس في جنوب القطاع للقصف في وقت مبكر من اليوم، مما أدى إلى مقتل تسعة أشخاص حسبما قال السكان.

مات جيراننا

وقال جار للعائلة يدعى إياد العتيلي "مات جيراننا. في كل مكان تنظر إليه ترى شهيدا"، مضيفا أن الضربة أيقظته في الساعة الثانية صباحا قبل أن يتمكن من الفرار مع زوجته وطفله من المنزل وسط دخان كثيف.

وقالت السلطات الصحية في القطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس إن هجوم إسرائيل المتصاعد أدى إلى مقتل نحو 8800 فلسطيني، معظمهم بسبب الضربات الجوية والمدفعية مثل تلك التي أصابت منزل عائلة نصر.

وقال الجيش إنه على الرغم من أنه طلب من المدنيين الانتقال جنوبا، فإنه سيضرب أي هدف لحماس في جميع أنحاء القطاع مع اتخاذ الاحتياطات الممكنة للتخفيف من الضرر.

وجاء الهجوم ردا على هجوم شنه مقاتلو حماس والذي قالت إسرائيل إنه أودى بحياة 1400 شخص وخُطف خلاله 240. وأصبح الهجوم يشتمل الآن على غزو بري من المتوقع أن يؤدي إلى مزيد من العنف.

وأكثر من نصف سكان غزة نازحون بالفعل.

وأصبحت المستشفيات المكتظة التي تفتقر إلى الكهرباء والأدوية ترفض استقبال الجرحى وأصبح حفارو القبور لا يجدون أماكن لدفن الموتى.

جباليا

وأمس الثلاثاء، قتلت ضربة إسرائيلية في معسكر جباليا للاجئين في شمال غزة العشرات حسبما قالت السلطات الصحية. وقالت إسرائيل إن الضربة استهدفت قياديا كبيرا في حماس.

وفي المشرحة في خان يونس، حيث نُقلت جثث عائلة نصر التي قتلت في مكان آخر من المدينة، وقف مجموعة من الرجال والأولاد يتطلعون للمشهد بينما كانت سيارات الإسعاف تحضر المزيد من القتلى.

رُفعت الجثث على المحفات ونُقلت إلى المشرحة. وكان صبي صغير واقفا في صمت ينظر من خلال قضبان سور. كان أفراد من أسر بعض القتلى يبكون ويرددون "بالروح وبالدم نفديك يا شهيد".

وفي الداخل ، أزال العمال ما على الجثث من أتربة ودماء قبل وضعها في أكفان بيضاء لنقلها للدفن. وعندما زارت رويترز المشرحة صباح الأربعاء كان هناك أربعة أطفال من بين 15 جثة في الداخل.

وقال طبيب رفض نشر اسمه خشية التعرض للانتقام "كل يوم هناك قتلى، وفي كل يوم بينهم أطفال أو نساء".

وقطعت إسرائيل الكهرباء والمياه والوقود عن غزة، ولا تصل سوى كميات ضئيلة للغاية من الغذاء والدواء عبر معبر رفح مع مصر.

وبسبب نقص البنزين، يستخدم الكثير من الناس عربات تجرها الدواب سيارات إسعاف مؤقتة. وفي خان يونس، كانت فريدة أبو عزم تأخذ زوجها إلى المستشفى لتلقي العلاج من السرطان. وقالت "هذه هي وسيلة النقل الوحيدة لدينا الآن".

وعلى جانب الطريق وقفت السيارات وسيارات الأجرة يغطي سطحها الغبار. وقال صاحب عربة تجرها الدواب يدعى أكرم القرا، إنه يسير في طريق منتظم من وسط مدينة خان يونس إلى المستشفى. وأضاف أنه يتقاضى شيقلا واحدا عن كل راكب.

* المستشفيات كاملة العدد

لا يستطيع كثير من المصابين العثور على مكان في المستشفيات. ويتعين على المحظوظين الذين يجدون سريرا المغادرة قبل شفائهم.

وقال مدير مستشفى الصداقة التركي في شمال غزة، والذي يعالج في الغالب مرضى السرطان، اليوم الأربعاء إن المستشفى خرج من الخدمة بسبب نقص الوقود. وقالت إسرائيل إن هناك ما يكفي من الوقود في غزة لتزويد المستشفيات، لكن حماس تستخدمه لأغراض عسكرية.

وفي ملجأ للنازحين في مدرسة تابعة للأمم المتحدة بخان يونس، وقفت سلوى النجار بجانب سرير ابنها ماجد، تمسح وجهه.

وقالت إنه لا يمكنه تحريك رأسه بعد إصابته في القصف الإسرائيلي عندما ذهب مع شقيقه لرعي قطيع العائلة الصغير من الأغنام. وقتل شقيق ماجد، وصرخت عندما أتاها الخبر.

كان ابن عمهما قد نقلهما إلى مستشفى الهلال الأحمر في خان يونس، كبرى مدن الجزء الجنوبي في الجيب الصغير. لكن أبلغهم القائمون على المستشفى بعدم توفر مكان.

وقالت سلوى النجار التي انتفخ وجهها من شدة البكاء "أين يذهب الناس؟".

وفي الفصل الدراسي الذي يرقد فيه ماجد والذي تحول إلى جناح مستشفى مؤقت لاستقبال الجرحى، يرقد المرضى على أسرة، ولكن بدون مساعدة طبية مناسبة.

وفي مستشفى ناصر، قال المدير ناهض أبو طعيمة إنهم يرفضون استقبال المصابين حتى الذين يحتاجون إلى تدخل طبي عاجل. وأضاف "مستشفيات غزة مكتظة بالمصابين الذين يملأون أسرة المستشفى".

ومضى قائلا إن المصابين الذين يحتاجون إلى إجراء عمليات جراحية متقدمة "لا يمكن مساعدتهم هنا".

يقرأون الآن