خسر حزب الله، كتنظيم، والسيد حسن نصرالله كزعيم بخطابه أمس الكثير من المصداقية والجدية والقدرة على اثارة الحرارة في ساحته او من يريد استنهاضه بعد حوالي الشهر من الصمت الاستراتيجي والرعب المدروس، والاختفاء المبرمج، والدعاية التي سبقت حضوره على شاشة التلفزيون لتقديم خطابه المنتظر والذي طال انتظاره..
في خطابه هذا، والذي تم اعداده من قبل فريق سياسي واكاديمي عقائدي، لم يكن على مستوى الحدث، ولم يتضمن مواقف وقرارات، كان ينتظرها الكثير من المواطنين.. لذلك كان هذا الخطاب مخيب للامال بالفعل..
انتظر الجميع ان يسمع موقف يترك اثراً بالغاً او يغير قليلاً من مسار الاحداث الامنية والعمليات العسكرية.. وبالتالي الانخراط في عملية سياسية.. تمهيداً للخروج من دائرة الصراع المسلح وصولاً الى حل سياسي يخفف نزف الدماء ويوقف آلة القتل التي تنهش اجساد الشعب الفلسطيني..
ولكن نصرالله بعد ان اكد بشكلٍ واضح وصريح ان محوره لم يكن يعلم بمعركة طوفان الاقصى التي تم تنفيذها بسرية مطلقة حتى عن الحلفاء.. عمل على تحديد نقطتين اساستين يجب تحقيقهما في المرحلة المقبلة.. كما تسهم في ان تبعد عنه الانخراط في المعركة التي تدور اليوم في غزة والضفة الغربية:
- العمل على وقف الحرب في غزة، معتبراً وقفها انتصار للشعب الفلسطيني
- السعي لانتصار حركة حماس وعدم السماح بهزيمتها..
ولكن هذه الاهداف لا يمكن ان تتحقق دون المشاركة في الحرب لتخفيف الضغط عن جبهات غزة والضفة الغربية، كما لاجبار الكيان الاسرائيلي على القبول بوقف اطلاق النار والسماح بدخول المساعدات ووقف الحصار ومباشرة التفاوض على حل الدولتين..
كما اعتبر نصرالله ان ما يقوم به من عمليات عسكرية محدودة، ياتي في سياق تنفيذ سياسة ردع اسرائيل فقط، وليس تهديدا بفتح جبهة عسكرية واسعة النطاق مع اسرائيل..؟؟؟ ولكنه في الوقت نفسه حذرها من ارتكاب حماقة..؟؟ والمقصود هنا ان تشن حرباً على لبنان..!! واعتبر ان ضحايا حزب الله منذ انطلاق عملية (طوفان الاقصى) وحتى اليوم كانت ثمن ردع اسرائيل وتحذيرها من العدوان على لبنان..؟؟ وفي الوقت نفسه اعتبر هذه التضحيات رسالة تضامن مع فلسطين وغزة.. واسهاماً في تخفيف الضغط عنهم ايضاً..؟؟
وفي اطار توضيح وشرح وضع جبهة لبنان... اكد تلقي رسائل تحذيرية.. من مختلف دول العالم.. تنبه من الدخول او التورط في الحرب التي تدور على جبهة اسرائيل الجنوبية مع غزة..ولكن كما اكد نصرالله ان حزب الله لم يتملكه الخوف من هذه التحذيرات كما لا يلقي لها بالاً، ولذا استمر في ممارسة دوره باستهداف المواقع الاسرائيلية بشكل محدود، والسماح بتحرك مجموعات فلسطينية..على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.. واشار الى ان استمرار هذه العمليات على الحدود محكوم بمسارين:
مسار وتطور احداث غزة..
مسار التصرف والسلوك الاسرائيلي على الحدود اللبنانية.. وبالتالي العودة الى مهاجمة المدنيين في حالة استهداف المدنيين اللبنانيين..
وابقى سيد المقاومة كل الاحتمالات على الجبهة اللبنانية مفتوحة ولكن بعد هذا الشرح واعلان المواقف لا يبدو ان حزب الله في مسار التحرك العسكري على شكل واسع النطاق.. بل هو كما اشار يخشى من تحرك عسكري اسرائيلي ضد لبنان.. تحت اية ذريعة.. ومستفيدة من الحضور العسكري الغربي الضخم في المنطقة..واستفاض في رفض التحذيرات الاميركية..؟؟ حتى انه رفع سقف التهديد للاسطول الاميركي ايضاً.. !! مذكرا بما جرى في عام 1983.. من تفجير لمقر المارينز في بيروت..؟؟.. واكد للولايات المتحدة ان من نفذ العملية لا زال حياً...؟؟
واختصر نصرالله طبيعة المعركة التي تدور اليوم بالقول.. انها معركة صمود وصبر وتحمل التضحيات.. والهدف الاساس هو العمل على وقف العدوان على غزة.. وليس التدخل العسكري لوقف العدوان على غزة وفلسطين..
كما انه اكد ان دور قوى الحشد الشعبي العراقي وانصار الله في اليمن، لن يتجاوز الدور الذي يقوم به حزب الله على الحدود اللبنانية من مناوشات لتاكيد الحضور والمشاركة، وليس بهدف تغيير المعادلة او الانخراط جدياً في الحرب المشتعلة.. مما يعني ان نظرية وحدة الساحات قد انتهت مع معركة غزة.. وان ايران تسعى لحماية ادواتها في لبنان كما في غيره..
لذا يمكن القول ان هذا الخطاب كان مخيباً لآمال محبيه، كما لكل من كان يأمل بان يكون موقف حزب الله ومحوره مؤثراً في تخفيف الضغط عن غزة واهلها وفلسطين وشعبها.. لقد خسر حزب الله حضوره وخسر نصرالله مصداقيته...