"مجتمعنا مجنون تماماً" هذا أحد الردود الواردة في رسائل البريد الإلكتروني، لمدير المعهد الأميركي للأمراض المعدية أنتوني فاوتشي، والتي كشفت ما كان عليه الحال والواقع مع بداية تفشي وباء كورونا، في الولايات المتحدة.
فقد أظهرت مئات الرسائل التي تسربت من بريد فاوتشي، تلقيه اتصالات جمّة في بداية كورونا من كبار خبراء الأمراض المعدية في أميركا أظهرت حينها مدى الذعر والارتباك في المراحل المبكرة من الوباء.
ففي الوقت الذي كان فيه الاختصاصي الشهير يحارب على كل الجبهات في بداية الجائحة، كان البيت الأبيض يقلل من أهمية المخاطر ويطالبه بتصوير تفشي المرض وفقاً لشروطه.
وفيما كانت وسائل الإعلام متعطشة للحصول على إجابات، كان صندوق البريد الإلكتروني الخاص بفاوتشي يمتلئ باستمرار برسائل المسؤولين والجمهور والمشاهير الذين يقدمون النصائح ويسعون للحصول على معلومات حول الأزمة الصحية.
ذعر واضطراب
فقد كشفت آلاف الوثائق والرسائل الإلكترونية التي حصلت عليها "واشنطن بوست" وموقع"BuzzFeed"، مدى الضغط المتراكم الذي تعرض له رجل الطب.
كذلك، أظهرت الرسائل كم الفوضى والذعر والاضطراب الذي كان سائدًا في ذلك الوقت، بالإضافة إلى الصعوبات الكبيرة التي واجهها فاوتشي كشخصية بارزة في فريق العمل المعني بمكافحة فيروس كورونا في البيت الأبيض.
وقال خبير الأمراض المعدية لصحيفة "واشنطن بوست" إنه تلقى في تلك الفترة كل أنواع الأسئلة، معظمها من الأشخاص الذين كانوا مرتبكين قليلاً بشأن البيانات المتعددة التي كانت تخرج من البيت الأبيض.
ومن بين الرسائل أيضا رسالة تحدث فيها فاوتشي عن "الأشخاص المجانين في هذا العالم"، الذي سيّسوا الأزمة، ما اضطره في النهاية للحصول على فريق أمني بدوام كامل وسط تهديدات من المتطرفين والمنتقدين.
خلافات
ومن أبرز المراسلات التي نشرتها الصحيفة، كانت تفاصيل خلافاته مع مسؤولي البيت الأبيض، وتحديداً خلافه مع مارك شورت مساعد نائب الرئيس آنذاك مايك بنس.
ورغم أن الرسالة لم تكن واضحة كفاية لكنها تدل على مدى الاحتقان الحال آنذاك، وفق الصحيفة.
وفي مراسلات مع نظرائه في دول أخرى، مثل الرد على جورج جاو، مدير المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها. بدا أن جاو يسعى إلى الحصول على مسامحة فاوتشي عن عبارة "خطأ كبير" نُسبت إليه فيما يتعلق بنظيره الأميركي في مقال في وقت مبكر من الأزمة حول عدم نصح الولايات المتحدة للجمهور بارتداء الأقنعة.
رسائل من غيتس و زوكربيرغ
ومن بين رسائل البريد الإلكتروني الأكثر وضوحاً تلك الواردة من أشخاص أثرياء أو مؤثرين.
ففي 3 نيسان/أبريل 2020، أشار فاوتشي إلى محادثة مع مؤسس شركة "مايكروسوفت"، بيل غيتس، كتب فيها "نأمل في نهج تعاوني تجاه كوفيد 19" مع مؤسسة "غيتس" الخيرية.
وهناك أيضاً رسائل وردت من مؤسس موقع "فيسبوك"، مارك زوكربيرغ، حول إنشاء مركز معلومات بشأن فيروس كورونا على وسائل التواصل الاجتماعي.
كما وردت رسالة من الممثل مورغان فريمان الذي عرض نشر رسائل توعوية حول كورونا على صفحته في تويتر والتي تتمتع بمئة ألف متابع.
ووصفت الصحيفة كل مراسلات فاوتشي بالمهذبة والتي كان يختتمها دائما بكتابة اسمه، كما تخللها بعض الفكاهة، حيث استلم في إحدى المرات رسالة من مجهول تضمنت خبراً طريفاً وغير صحيح عنه شخصياً، ما اضطره للإجابة بالقول "سوف يذهل عقلك (..) مجتمعنا مجنون تماماً حقاً".
العربية