عربي مقالات آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

صنعاء تشعل باب المندب وتحرم واشنطن وتل أبيب من عبوره

صنعاء تشعل باب المندب وتحرم واشنطن وتل أبيب من عبوره

مع بدء الهجوم المباغت الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وبدء العملية الإسرائيلية المضادة على غزة، أعلن الحوثيون دعمهم للشعب الفلسطيني، وتوعدوا بالردّ على ما يجري في القطاع، فترجمت حركة "أنصار الله" وعودها على شكل رشقات كبيرة من الصواريخ البالستية والمجنحة وعدد كبير من الطائرات المسيرة استهدفت أطراف إسرائيل الجنوبية، غير أنها فشلت في تحقيق أهدافها في إيلات في أغلب الأحيان، ونجح الأسطول الأميركي المُبحر في البحر الأحمر في اعتراضها، وأدخلت إسرائيل صواريخ دفاع فضائية، ما شكّل ردعًا للمخطط الحوثي.

غير أن إطالة أمد المعركة والتصعيد الإسرائيلي في القطاع استدعى تصعيدًا مضادًا وتغييرًا في الإستراتيجية اليمنية، حتى باتت أكثر إيلامًا، فافتتح الحوثيون "حرب السفن" بإنزال موّثق بالصوت والصورة على السفينة "غالاكسي ليدر" التي يملكها رجل أعمال إسرائيلي، مهددةً ربان تلك السفن الإسرائيلية، وتلك المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية.

التهديدات الحوثية في البحر الأحمر دفعت شركات الشحن الإسرائيلي إلى تغيير مسارها جذريًا، وجعلتها تجوب نصف الكرة الأرضية للدخول إلى المتوسط عبر مضيق جبل طارق، بدل سلوك البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب، وعبور قناة السويس.

ومع اندلاع صراع بحري في مضيق "باب المندب"، وتصاعد التوترات في البحر الأحمر، ما هو هذا الممر المائي الحيوي وما أهميته بالنسبة للملاحة الإسرائيلية؟

السفينة "غالاكسي ليدر"


بفعل تلك العوامل، ومع اضطرار العديد من السفن المرتبطة بإسرائيل من الإبحار حول أفريقيا، من المتوقع أن تطيل رحلة تلك السفن لمدّة أسبوعين، وارتفاع كلفة النقل وقيمة التأمين على البضائع بشكل كبير. وينعكس هذا الأمر على أسعار السلع المستورَدة والمُصدَّرة.

وبعدما كانت أسعار الشحن من وإلى إسرائيل ارتفعت في أعقاب اندلاع الحرب في غزة، أظهرت بيانات شركة "فريتوس"، ارتفاع إضافي قي سعر الشحن لأيّ حاوية من الصين إلى ميناء أشدود الإسرائيلي، بنسبة تتراوح بين 9 في المئة و14 في المئة، في الأسبوعين الأخيرين من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أي قبل الخطوة التي قامت بها "أنصار الله" ضدّ البواخر الإسرائيلية في "باب المندب".

وتجدر الإشارة إلى أن منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية حذرت من اشتداد الحرب في الشرق الأوسط واتساع رقعتها، لأنها ستؤثّر على الاقتصاد العالمي من خلال أسعار النفط والغاز، فارتفاع سعر البرميل بمقدار 10 دولارات قد يؤدي إلى زيادة التضخم العالمي 0.2 نقطة في العام الأول وانخفاض النمو 0.1 نقطة. وأكّدت أنّ التجارة قد تتأثر بشكل كبير بسبب وجود طريقين تجاريين دوليين في منطقة الصراع، هما مضيق هرمز وقناة السويس.

موقع "باب المندب"

ترى إسرائيل أن البحر الأحمر له وضع إستراتيجي بشكل خاص، لأنه يعتبر منفذها التجاري مع دول آسيا. فباب المندب هو مضيق مائي يقع في جنوب البحر الأحمر، يفصل بين الساحل الجنوبي لليمن على الغرب وجيبوتي والصومال على الشرق، كما يفصل بين قارتي آسيا وأفريقيا، ويتوسط القارات الخمس. ويُعتبر من الممرات المائية الإستراتيجية، حيث يربط بين البحر الأحمر وبحر العرب.

موقع مضيق "باب المندب"

ويبلغ عرض المضيق نحو 30 كيلومترًا وتقسمه جزيرة بريم، التي توجد في شرقه ومساحتها كيلومتران مربعان، إلى قناتين الأولى وهي القناة الشرقية وتعرف باسم "باب اسكندر" وعرضها ثلاثة كيلومترات وعمقها 30 مترًا، والثانية هي القناة الغربية واسمها "دقة المايون" وعرضها نحو 25 كيلومترًا وعمقها 310 أمتار.

وذكرت دراسات جيولوجية أن المضيق ظهر بسبب تباعد أفريقيا عن آسيا نتيجة للتصدع السوري الإفريقي الذي كوّن البحر الأحمر في أواخر الحقبة الجيولوجية الثالثة.

وزادت أهمية مضيق باب المندب بعد افتتاح قناة السويس عام 1869 والتي ربطت البحرين الأبيض والأحمر حيث بات المضيق يربط التجارة بين أوروبا وبلدان المحيط الهندي وشرق أفريقيا.

وممّا زاد أهمية الممر أيضا، أن عرض قناة عبور السفن بين جزيرة بريم والبر الإفريقي، هو (16) كيلومترًا وعمقها (100-200) متر، ممّا يسمح للسفن وناقلات النفط بعبور الممر بسهولة في الإتجاهين. علماً أن المسافة بين ضفتي المضيق هي 30 كيلومترًا من رأس منهالي في الجانب الآسيوي إلى رأس سيان في الجانب الإفريقي.

وضاعف النفط من أهمية المضيق لما يتميز به من عرض وعمق ملائمين لمرور ناقلات النفط في الإتجاهين، ويمر عبره أكثر من 21 ألف قطعة بحرية سنويًا أي حوالي 57 قطعة بحرية يوميًا.

ويتمتع المضيق بأهمية عسكرية وأمنية كبيرة وسبق أن أغلقته مصر أمام إسرائيل خلال حرب 1973 وإثر هجمات أيلول/ سبتمبر عام 2001 في الولايات المتحدة قامت قوة أميركية بالعمل على تأمين الملاحة في المضيق في مواجهة تنظيم القاعدة والقراصنة في المنطقة. 

يبقى أن نشير الى ان شركات تجارية عالمية ألغت معاملاتها مع إسرائيل، خوفاً من قصف سفنها في البحر الأحمر، كما أن شركات التأمين ضاعفت أسعار التأمين على نقل البضائع من وإلى إسرائيل، كما أسلفنا، الأمر الذي سينتج عنه حراك دولي عالمي بالضغط على إسرائيل لوقف الحرب على غزة، كما أن بعض الدول ومنها روسيا حذّرت الولايات المتحدة الأميركية من الدخول في حرب مباشرة مع اليمن، لذلك فإن القرار قد يغير معادلات وخرائط المنطقة.


يقرأون الآن