الامارات

في الإمارات.. استدامة البيئة البحرية والثروة السمكية

في الإمارات.. استدامة البيئة البحرية والثروة السمكية

تمثّل الثروة السمكية إحدى ركائز الأمن الغذائي في دولة الإمارات، ولذلك تعمل الدولة على تنميتها باتباع أفضل أنظمة الصيد المستدام ومنع الصيد الجائر، من أجل المحافظة على البيئة البحرية وتنظيم استغلال الثروة السمكية بالشكل الأمثل.

وفي هذا الإطار أطلقت الدولة العديد من البرامج والأنظمة والمبادرات، التي ساهمت في إعادة تأهيل الموائل البحرية، وتعزيز المخزون السمكي والحفاظ على الثروات البحرية، وإدارة النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية بشكل مستدام.

وتنسجم أهداف الصيد المستدام مع محور "أبطال الحياة البحرية"، ضمن حملة "استدامة وطنية" التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28"، الذي يُعقد خلال الفترة من 30 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 12 كانون الأول/ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، حيث يسلط هذا المحور الضوء على قصص النجاح الوطنية في مجال استدامة الحياة البحرية.

كما تهدف الحملة إلى "نشر الوعي حول قضايا الإستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخي، بما يحقق التأثير الإيجابي على سلوك الأفراد ومسؤولياتهم، وصولاً لمجتمع واعٍ بيئياً".

المصايد السمكية المستدامة

وأطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة بالشراكة مع هيئة البيئة - أبوظبي برنامج المصايد السمكية المستدامة لدولة الإمارات، وتمّ تنفيذ هذا البرنامج من عام 2016 حتى عام 2018، وبموجبه تمّ تحقيق العديد من المخرجات، منها مسح المخزون السمكي، بهدف حماية الثروة السمكية واستدامتها.

كما أطلقت الوزارة بالتعاون مع الهيئة الإطار الوطني للمصايد السمكية المستدامة لدولة الإمارات 2019 – 2030، والذي جاء اعتماداً على نتائج برنامج المصايد السمكية المستدامة للدولة، وذلك في إطار الجهود الشاملة التي تبذلها الجهات الحكومية لحماية الموارد البحرية وتحقيق استدامتها.

ويهدف الإطار الوطني إلى "زيادة الأرصدة السمكية المستدامة للدولة إلى 70% في عام 2030، إلى جانب الحد من آثار الصيد المفرط على البيئة البحرية في دولة الإمارات وتشجيع المصايد السمكية المستدامة بيئياً والمجدية اقتصادياً والمسؤولة اجتماعياً، كما حدد الإطار خطة وطنية لإنعاش وتجديد المخزون السمكي في الدولة".

الإستزراع السمكي

ويحظى ال‘ستزراع السمكي، الذي يرتكز على تربية أنواع من الأسماك وتوفير الظروف الملائمة لها للتكاثر والنمو بهدف تطوير الإنتاج السمكي وزيادته، باهتمام متزايد في الدولة نظراً لما يمثله من دور أساسي في تعزيز الأمن الغذائي.

وتعمل وزارة التغير المناخي والبيئة على إعداد برامج وطنية، لرفع كفاءة إنتاج مزارع الأحياء المائية المسجلة لديها، وتسعى لاستقطاب الإستثمار في هذا المجال من خلال الإرشاد الفني لرفع القدرات والأبحاث، التي حددت بعض الأنواع القابلة لاستزراعها حسب الظروف البيئية والمناخية للدولة، ومنها القشربات كالروبيان وبعض الأسماك الاقتصادية المحلية كالهامور والصبيطي والأنواع غير المحلية كأسماك السوبريم وسيباس.

وقد تمّ إطلاق "سياسة الإستزراع المستدام لإمارة أبوظبي" في عام 2019، والتي تهدف إلى وضع رؤية موحدة لقطاع استزراع الأحياء المائية في إمارة أبوظبي، بالإضافة إلى سلسلة من المبادئ المشتركة والموجهات بهدف تطوير قطاع مستدام لاستزراع الأحياء المائية في الإمارة.

وانسجاماً مع رؤية "سياسة الإستزراع المستدام لإمارة أبوظبي"، قامت هيئة البيئة – أبوظبي بتحديد مواقع مناسبة ضمن مياه منطقة الظفرة وبالتحديد حول جزيرة دلما ومياه مدينة السلع، وذلك لإقامة مشاريع استزراع الأحياء المائية في نظام الأقفاص بحرية بشكل مستدام. كما تقوم الهيئة بإنشاء مشروع تجريبي لاستزراع الأسماك المحلية والهامة اقتصادياً باستخدام نظام الأقفاص البحرية في جزيرة دلما.

وفي إطار حرصها على الحفاظ على التنوع البيولوجي للبيئة البحرية، أصدرت دولة الإمارات الخطة الوطنية للمحافظة على أسماك القرش وإدارتها في الدولة 2018 – 2021، والخطة الوطنية للمحافظة على السلاحف البحرية في الدولة 2019 – 2021.

مبادرات نوعية 

وتنفذ هيئة البيئة – أبوظبي عدّة تدابير ومبادرات لتنمية المخزون السمكي والبيئة البحرية، ومن أهمها إنشاء المشدات الإصطناعية والمحميات البحرية وتنمية الشعاب المرجانية الطبيعية وإجراء البحوث والدراسات العلمية، حول المخزون السمكي وبرامج لإطلاق إصبعيات الأسماك لإعادة تأهيلها، ووضع برامج لتطوير قطاع استزراع الأحياء المائية في الإمارة.

وتعمل الهيئة على المحافظة على تنظيم البيئة الساحلية والبحرية، وإعادة تأهيلها لتكون ضمن قائمة برنامج الأمم المتحدة للبيئة لأفضل عشر مبادرات عالمية لاستعادة وتأهيل النظم البيئية.

وسجلت هيئة البيئة – أبوظبي تحسناً ملحوظاً للعام الرابع على التوالي في "مؤشر الصيد المستدام" خلال فترة زمنية قصيرة من تطبيق التدابير والإجراءات المتعلقة بالصيد. وارتفعت نسبة المؤشر من 8.9% خلال عام 2018 إلى 69.1% في نهاية العام الماضي، والذي تمّ حسابه خلال عام 2022 من خلال تقييم إجمالي 35 نوعاً من الأسماك، والتي تمثل 97% من عمليات الإنزال خلال 2022.

وتقوم الهيئة منذ عام 2001 بمراقبة حالة المخزون السمكي، وفق مؤشرين أساسيين للاستدامة أولهما "مؤشر الأنواع المستدامة " (SBR)، والذي يحدد حجم مخزون الأسماك البالغة بالنسبة للأنواع القاعية الرئيسية عند مقارنتها بحجم الكتلة الحيوية للأسماك غير المستغلة. أما المؤشر الثاني فهو "مؤشر الصيد المستدام" الذي يصف نسبة الأنواع التي يتم استغلالها على نحو مستدام من إجمالي محصول الصيد.

ويدعم مختبر الأسماك التابع لهيئة البيئة – أبوظبي الدراسات القائمة حول تقييم وضع المخزون السمكي في إمارة أبوظبي بهدف الإدارة المستدامة للمصايد السمكية، وذلك من خلال دراسة بيولوجية تكاثر أنواع الأسماك الهامة تجارياً وتقييم مراحل نموها ومواسم تكاثرها، حيث يتم إجراء الفحوصات والتحاليل المخبرية للغدد التناسلية "Gonad" لتحديد مراحل نمو الأسماك وفترات تكاثرها، وكذلك فحص عظمة الأذن “Otolith” لتقدير أعمارها.

كما أصدرت هيئة البيئة – أبوظبي في عام 2023 قرار تنظيم الصيد الترفيهي في إمارة أبوظبي والذي يهدف لدعم أنشطة الصيد الترفيهي، وتعزيز رياضات الصيد البحري في الإمارة من خلال تنظيم ممارسات الصيد الترفيهي ومسابقات الصيد البحري في مياه إمارة أبوظبي لضمان استدامة الموارد السمكية.

كما أعلنت هيئة البيئة - أبوظبي أن سفينة "جيّون" التي أطلقتها في عام 2023، وتعد الأولى في الدولة والأكثر تقدماً وتطوراً من الناحية التقنية في منطقة الشرق الأوسط، قد أكملت أول مسح صوتي شامل على الإطلاق للموارد السمكية في مياه الدولة في الخليج العربي وبحر عُمان. ومن خلال تحليل البيانات ستتمكن الهيئة من تحديد حجم وكثافة وموقع مجموعات الأسماك، مما يساعد في تقييم صحة وحالة المخزون السمكي في المنطقة ويساهم في تعزيز الجهود في الإدارة المستدامة لمصايد الأسماك.

أشجار القرم والشعاب المرجانية

واهتمت دولة الإمارات بشكل ملحوظ بأشجار القرم، لإسهامها في تخزين الانبعاثات الكربونية وتشكيل ملاذات آمنة للأسماك والأحياء البحرية، علاوة على دورها المهم والحيوي في حماية المناطق الساحلية من عمليات التعرية الناجمة عن الأمواج والتيارات البحرية وبعض الأنشطة البشرية.

ونجحت هيئة البيئة - أبوظبي في زراعة مليون بذرة من القرم باستخدام طائرات بدون طيار، ضمن مشروع زراعة أشجار القرم باستخدام الطائرات المُسيّرة المبتكرة، والذي يعتبر الأول من نوعه في المنطقة وهو أحد المشاريع التي حصلت على اعتراف من المنتدى الاقتصادي العالمي من بين 12 مشروعاً مبتكراً في مجال الكربون الأزرق.

وتتضمن مبادرة القرم - أبوظبي، والتي تم الإعلان عنها في فبراير 2022، خططاً طموحة لترسيخ مكانة الإمارة لتكون مركزاً عالمياً للبحوث والابتكار في الحفاظ على أشجار القرم، وتركز المبادرة على أهمية أشجار القرم في عزل الكربون، والمساهمة في تخفيف آثار التغير المناخي، وتقوم الهيئة بتنفيذ المبادرة بالتعاون مع مجموعة من الشركاء المحليين والإقليميين والدوليين.

وتمثل الشعاب المرجانية أحد المكونات الرئيسة للبيئة البحرية، لذا عملت وزارة التغير المناخي والبيئة بالتعاون والتنسيق مع كافة الجهات المعنية على مستوى الدولة على إيجاد بنية تشريعية تضمن حماية الشعاب المرجانية، لضمان استدامة هذه الشعاب، ونفذت الوزارة مشروعاً بحثياً لاستزراع 24 نوعاً من المرجان في سواحل الدولة، والتي تم العمل على تطوير وتعزيز قدراتها على التكيف مع تداعيات التغير المناخي، كما أعدت الوزارة خارطة للتوزيع الجغرافي للشعاب المرجانية على طول الشريط الساحلي للدولة، وتم رصد 210 مواقع لتواجد الشعاب المرجانية وتسجيل أكثر من 55 نوعاً من أنواع المرجان الصلبة.

كما أطلقت هيئة البيئة – أبوظبي أكبر مشروع لإعادة تأهيل الشعاب المرجانية في المنطقة بما يشمل استزراع أكثر من مليون مستعمرة من الشعاب المرجانية، حيث تم تثبيت 350,000 مستعمرة من الشعاب المرجانية وإعادة تأهيلها في مياه الإمارة. ومن خلال هذا المشروع تم تطوير أربع حضانات للمرجان لتسهم في الحد من التأثير السلبي للضغوط الطبيعية التي تتعرض لها الشعاب المرجانية الناتجة عن التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة في قاع البحر، بالإضافة إلى ذلك فهي تؤدي إلى زيادة الرقعة المرجانية وإعادة تأهيل المناطق المتضررة للمحافظة على القيمة التراثية والاقتصادية والعلمية الكبيرة التي تتمتع بها الشعاب المرجانية.

وام

يقرأون الآن