في مخيم للخيام في رفح يقع على أرض رملية تتناثر فيها القمامة، كان الناس يحاولون التعافي بعد ليلة رهيبة، حاملين دلاء من الرمال لتغطية البرك داخل خيامهم أو خارجها مباشرة، وعلقوا ملابس مبتلة.
وتمتلك بعض العائلات خيامًا مناسبة، لكن البعض الآخر يكتفي بالقماش المشمع أو البلاستيك الرقيق الشفاف المصنوع لحماية البضائع، وليس لتوفير المأوى للناس. والعديد من الخيام لا تحتوي حصر أو أي شيء يفترشونه على الأرض، لذلك أمضى الناس الليل متجمعين على الرمال الرطبة.
وقال رمضان محداد، وهو رجل في منتصف العمر كان يحاول إصلاح مأوى عائلته المصنوع من شرائح من الخشب الرقائقي وغطاء بلاستيكي رقيق "النايلون اتمزع علينا ونزلت المياه واتبهدلنا في المطر.. دخل المطر".
وكان قميص محداد الأبيض ذو الخطوط يحتوي على بقع كبيرة مبللة، حول الياقة وعلى كلا الكتفين.
وقال: "حاولنا بقدر استطاعتنا أن نساعد أنفسنا عشان المطر ميدخلش، دخل المطر مفيش فايدة. النايلون ما بيحمي الناس اللي نايمين تحتيه".
وكانت الشقوق واضحة في الملاذات المصنوعة من البلاستيك لعائلات أخرى، وظهرت برك في الداخل. وقامت إحدى العائلات بوضع كتلة إسمنتية عند المدخل لتكون بمثابة سد إضافة إلى طوب أصغر باالداخل يشبه الحجارة.
من جهتها، أشارت ياسمين مهني إلى أنّها استيقظت ليلاً، لتجد طفلها الأصغر البالغ من العمر سبعة أشهر مبللاً. وتتقاسم أسرتها المكونة من خمسة أفراد غطاء واحدًا، بعد أن دمرت غارة جوية إسرائيلية منزلهم وفقدوا أحد أطفالهم فضلاً عن جميع ممتلكاتهم.
وقالت وهي تعلق الملابس المبللة خارج خيمتها: "الدار انهدمت، والولد استشهد، وطلعت براسي، وهذا خامس مكان أصل فيه، بدون شنطة، وأنا بملابس نص كم".
الخوف من التهجير إلى مصر
تقع مدينة رفح، بجوار الحدود مع مصر، في أقصى جنوبي قطاع غزة، حيث يتوافد الناس بأعداد متزايدة بحثًا عن ملجأ، وهربًا من القتال العنيف بين إسرائيل وحركة "حماس"، والذي يدور الآن في كل من الشمال والجنوب.
وقالت إيناس، وهي أم لخمسة أطفال تبلغ من العمر 38 عامًا، إنّها "اضطرت وعائلتها إلى الفرار أربع مرات منذ بدء الحرب، أولاً من منطقة التوام شمالي مدينة غزة إلى حي تل الهوى، ومن مخيم النصيرات للاجئين بوسط غزة إلى مدينة خان يونس، والآن إلى رفح".
وأضافت: "إنّ الأسرة كانت تمتلك في السابق منزلاً مكونًا من خمسة طوابق وسوبر ماركت، وقد تعرض للتدمير الكامل".
وتنفي إسرائيل أن يكون لديها أي خطط لدفع الفلسطينيين إلى سيناء، بينما قالت مصر إنّها "لا تريد وصول أعداد كبيرة من الناس من غزة". ومع ذلك، فقد تم اختراق السياج الحدودي بين غزة ومصر في الماضي، مما أثار المخاوف من احتمال حدوث عملية نزوح غير منضبطة هذه المرة.
بدأت إسرائيل حملتها لتدمير حركة "حماس" المسلحة التي تسيطر على غزة، بعد أن اقتحم مقاتلوها السياج الحدودي في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي واحتجاز 240 رهينة من جميع الأعمار.
ومنذ ذلك الحين، أدّى القصف والحصار الإسرائيلي إلى مقتل أكثر من 18 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا للسلطات الصحية الفلسطينية مع مخاوف من وجود آلاف آخرين مدفونين تحت الأنقاض.