بدأ أصحاب المولدات الخاصة في مناطق لبنانية عدّة الأربعاء بإبلاغ مشتركيهم بالتوقف عن تزويدهم بالتيار الكهربائي نتيجة نفاد مخزونهم من المازوت، وسط شحّ في الوقود تشهده البلاد الغارقة في انهيار اقتصادي غير مسبوق.
وأدّى نضوب المازوت الأربعاء الى انقطاع الكهرباء عن مبنى إداري تابع لوزارة الخارجية والمغتربين، وفق ما نقل الإعلام المحلي، وتوقف الموظفين عن العمل، ما أثار امتعاض مواطنين تواجدوا في المبنى لاتمام معاملاتهم.
ينتظر اللبنانيون منذ أسابيع لساعات في طوابير طويلة أمام محطات الوقود، التي اعتمدت سياسة تقنين حاد في توزيع البنزين والمازوت، فيما تراجعت تدريجياً قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التيار وتصل ساعات التقنين يومياً إلى 22 ساعة.
وقال نقيب أصحاب المولدات الخاصة عبدو سعادة لوكالة فرانس برس إن "أصحاب المولدات في مناطق عدة بدأوا بإبلاغ المشتركين الأربعاء بعدم قدرتهم على توفير الكهرباء بسبب عدم توفر المازوت".
وأضاف "سبق وحذّرنا في نهاية الأسبوع من أنّ المخزون سيبدأ بالنفاد بحلول الثلاثاء أو الأربعاء (..) وقد وصلنا إلى هذا اليوم من دون إيجاد أي حل" من المسؤولين.
ويعود شحّ الوقود بشكل رئيسي، وفق المستوردين، الى بطء مصرف لبنان في فتح الاعتمادات المطلوبة لاستيراد الوقود، من الفيول المشغل لمعامل انتاج الكهرباء مروراً بالبنزين والمازوت، على وقع نضوب الاحتياطي بالدولار وسط الانهيار الاقتصادي المتمادي والشلل السياسي.
ويدعم مصرف لبنان استيراد الوقود عبر آلية يوفر بموجبها 85 في المئة من القيمة الاجمالية لكلفة الاستيراد، وفق سعر الصرف الرسمي المثبت على 1507 ليرات، بينما يدفع المستوردون المبلغ المتبقي وفق سعر الصرف في السوق السوداء الذي يتجاوز 15 ألفاً. لكن السلطات، بدفع من المصرف المركزي، تدرس منذ أشهر ترشيد أو رفع الدعم عن استيراد السلع الرئيسية كالطحين والوقود والأدوية، وبدأت تدريجياً من دون إعلان رسمي رفع الدعم عن سلع عدة.
ويربط مسؤولون الأزمة الراهنة بعاملين رئيسيين: مبادرة تجار الى التخزين، إضافة الى ازدهار التهريب الى سوريا المجاورة. وتعلن قوى الأمن دورياً عن توقيف متورطين بعمليات تهريب ومداهمة مستودعات تخزن فيها كميات كبيرة من المازوت والبنزين المدعوم.
تقنين مزدوج
وقالت نهاد (74 عاماً) لفرانس برس "كنا قد اعتدنا على تقنين كهرباء الدولة، والآن بتنا نعاني أيضاً من تقنين المولدات الخاصة ... لا أعرف إلى متى سيصمد الطعام في البراد، ولم نعد نستطيع أن نشتري السلع كما السابق بسبب ارتفاع الأسعار".
ويواجه لبنان منذ ثلاثة عقود على الأقل مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء ذي المعامل المتداعية، ما أجبر غالبية المواطنين على دفع فاتورتين، واحدة للدولة وأخرى مرتفعة لأصحاب المولدات، التي تعوض نقص إمدادات الدولة.
ويُعد قطاع الكهرباء الأسوأ بين مرافق البنى التحتية المهترئة أساساً. ويُشكل إصلاحه أحد مطالب المجتمع الدولي الرئيسية لدعم لبنان.
ومع عجز السلطات عن إيجاد حلول إنقاذية تضع حداً للأزمة المتمادية، التي صنّفها البنك الدولي الشهر الحالي على أنّها من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، تتجلى اكثر فأكثر تداعيات الانهيار.
وتتعالى صرخات قطاعات عدّة محذرة من تداعيات عدم توفّر الوقود، صدر أبرزها على لسان عماد كريدية، المدير العام لشركة أوجيرو، المزود الرسمي لخدمة الانترنت في لبنان. وحذّر الشهر الحالي من أن "استمرار الوضع بهذا الشكل يهدد جديا امكانية اوجيرو بتقديم الخدمات" جراء "الارتفاع المستمر بساعات التقنين الكهربائي".
أ ف ب