توفي وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد، الأربعاء، قبل أيام قليلة من الاحتفال بعيد ميلاده الـ89، وفقاً لبيان صادر عن عائلته، التي لم تذكر سبب الوفاة.
رامسفيلد، الذي كان سياسياً مؤثراً داخل الحزب الجمهوري والذي شغل منصب وزير الدفاع مرتين، رحل تاركاً وراءه تاريخاً مثيراً للجدل بسبب إشرافه على حربي أفغانستان والعراق.
وكانت حصيلة التدخل الأميركي في العراق وأفغانستان باهظة مع مقتل 6800 أميركي، إلى جانب مئات الآلاف من القتلى الآخرين وتريليونات الدولارات التي تم إنفاقها.
وجاء في بيان العائلة إن التاريخ "قد يتذكره لإنجازاته غير العادية على مدى 6 عقود من الخدمة العامة، ولكن بالنسبة لأولئك الذين عرفوه جيداً وهؤلاء الذين تغيرت حياتهم إلى الأبد نتيجة لذلك، سوف نتذكر حبه الذي لا يتزعزع لزوجته جويس وعائلته وأصدقائه، والنزاهة التي جلبها إلى حياة مكرسة للوطن".
وشغل رامسفيلد منصب وزير الدفاع مرتين، تحت إدارة الرئيسين الجمهوريين جيرالد فورد بين 1975 و1977، وجورج بوش بين 2001 إلى 2006.
الحرب في أفغانستان
وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ايلول، أشرف رامسفيلد على الحرب التي خاضها التحالف بقيادة واشنطن في أفغانستان للإطاحة بطالبان، التي كانت آنذاك تأوي زعيم تنظيم القاعدة العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر/ايلول أسامة بن لادن.
وبحلول الأسبوع الأول من ديسمبر/كانون الأول 2001، انهارت حركة طالبان، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وفي 2020، اضطرت واشنطن إلى التفاوض مع الحركة ووقعت معها اتفاقاً للسلام، بموجبه تنسحب الولايات المتحدة وكل القوات الأجنبية من البلاد.
وتأتي وفاة رامسفيلد في وقت اقتربت فيه إدارة بايدن من موعد سحب آخر الجنود الأميركيين في أفغانستان المقرر في 11 سبتمبر/ايلول، وذلك بعد أن كلفت هذه الحرب الولايات المتحدة 2.26 تريليون دولار خلال عقدين.
وفي 2019، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" في تحقيق أطلقت عليه اسم "أوراق أفغانستان" عن وثائق سرية وعشرات المذكرات التي كتبها دونالد رامسفيلد، تؤكد إخفاء حقيقة الوضع في أفغانستان عن الرأي العام الأميركي.
وقالت واشنطن بوست إن "المذكرات توضح أن المسؤولين أصدروا بيانات وردية كانوا يعلمون أنها كاذبة وأخفوا أدلة لا تحتمل الشك بأن الحرب لا يمكن الانتصار فيها".
في المقابل، دافع رامسفيلد عن مقاربته في حرب أفغانستان في مذكراته "المعروف والمجهول"، التي نشرها عام 2011.
واعتبر رامسفيلد أن الحرب في أفغانستان كانت حرباً على الإرهاب، وأسفرت عن تحرير 25 مليون شخص في أفغانستان من قبضة "الجماعات المتطرفة"، بعد تنظيم الانتخابات الحرة فيها. كما أشار إلى أن هذه الحرب ساهمت في تحييد ثلثي قادة تنظيم القاعدة.
غزو العراق
وبينما كان الرأي العام الأميركي ما يزال منشغلاً بتطورات الحرب في أفغانستان، أشرف رامسفيلد على شن حرب على العراق دون الحصول على موافقة الأمم المتحدة في مارس/آذار 2003، وذلك تحت ذريعة امتلاك النظام العراقي أسلحة دمار شامل.
ونال رامسفيلد الثناء في البداية لقيادته الجيش الأميركي إلى الإطاحة بالرئيس العراقي آنذاك صدام حسين بسرعة، لكنه تعرض لاحقاً لانتقادات، بعدما طال أمد الحرب من دون تحقيق الاستقرار في البلاد بعد ذلك، وهو ما كلف واشنطن كثيراً، وفقاً لموسوعة "بريتانيكا".
كما تم إلقاء اللوم على رامسفيلد بعد ظهور صور لجنود أميركيين يسيئون معاملة السجناء العراقيين المحتجزين في سجن أبو غريب في بغداد، عام 2004.
ومع تصاعد الأصوات المعارضة للحرب في العراق، خصوصاً بعد عدم العثور على أسلحة الدمار الشامل، تعرض الحزب الجمهوري لخسارة قاسية في الانتخابات النصفية لتجديد الكونغرس عام 2006. وفي نفس العام، أعلن الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش إقالة رامسفيلد من منصب وزير الدفاع.
وأعقب انسحاب القوات الأميركية في عام 2011، بعد فترة طويلة مما توقعه وزير الدفاع رامسفيلد، تصاعد العنف الطائفي في البلاد، قبل أن تزداد الأمور سوءاً في 2014 بظهور تنظيم داعش في المنطقة، ما استدعى تدخل القوات الأجنبية مجدداً في البلاد.
مواقف رامسفيلد من حرب العراق
ودافع رامسفيلد في مذكراته عن حرب العراق، واعتبر أنها "كانت تستحق الثمن الذي دفع فيها"، مؤكداً أنه ظل غير نادم على طريقة إدارته للصراع.
وقال رامسفيلد في مذكراته، التي نشرها عام 2011، إنه لو ظل نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في السلطة لكانت منطقة الشرق الأوسط “أكثر خطورة مما هي عليه الآن".
وأرجع رامسفيلد الأخطاء التي حدثت في العام الأول من غزو العراق إلى "عدم الاستعداد قبل الغزو لكيفية إدارة المرحلة السياسية الانتقالية بعد الحرب"، مشيراً إلى أن وجهات نظر وزارة الخارجية كانت متباينة بشكل كبير عن رؤية وزارة الدفاع بشأن إدارة المرحلة.
وكتب رامسفيلد أن الرئيس بوش كان يترأس عملية للأمن القومي شابتها آلية غير متناسقة لاتخاذ القرار وانجراف سياسي كان له تأثير مدمر على جهود الحرب. ووجه رامسفيلد اللوم إلى الرئيس بوش لعدم بذله المزيد من الجهود لحسم الخلافات بين كبار المسؤولين في إدارته.
بلومبرغ الشرق