تُعطي تفاصيل الحزمة الجديدة للعقوبات التي استهدف بها الاتحاد الأوروبي مسؤولين ورجال أعمال مقربين من الحكومة السورية مؤشرا عن مساعٍ غربية للتركيز على أسماء الأسد والأوساط المحيطة بها، أو كما بات يعرف محليا بـ"مكتبها السري".
العقوبات طالت كيانات وعدد من الأشخاص، أبرزهم فراس فواز الأخرس، شقيق زوجة الرئيس السوري، ومهند الدباغ ابن عمتها، بالإضافة إلى يسار إبراهيم وهو المستشار الاقتصادي لبشار الأسد وعضو في "المجلس الاقتصادي" الذي تديره زوجته أسماء، حسب جريدة الاتحاد الأوروبي.
ويدير إبراهيم مع علي نجيب إبراهيم عددا من الشركات الوهمية ويعمل كواجهة للأنشطة التجارية لأسماء الأسد وزوجها، وفق الاتحاد الأوروبي، ويوضح بيان العقوبات أن فراس الأخرس شريك في ملكية شركة "تكامل"، وهي المسؤولة عن برنامج "البطاقة الذكية"، المطبّق منذ عام 2014.
ورغم أن البرنامج تحت مظلة وزارة "التجارة الداخلية وحماية المستهلك" تشير تفاصيل العقوبات إلى أن "تكامل" تحصل على رسوم مقابل كل معاملة تتم من خلال "البطاقة الذكية"، وبالتالي "يستفيد فراس من النظام في سوريا ويدعمه".
وكذلك الأمر بالنسبة لمهند الدباغ ابن عمة أسماء الأسد، الذي يشارك في ملكية "تكامل"، الشركة التي تحتكر على وجه الخصوص برنامج "البطاقة الذكية"، المطبق على المواد الأساسية من أرز وسكر ومحروقات، وحتى بعض أنواع الخضراوات.
وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية تردد اسم أسماء الأسد داخل سوريا كثيرا، حتى أنها وصلت إلى مرحلة أصبحت تزاحم زوجها على الإطلالات.
وترافق ذلك مع انتشار تقارير محلية وغربية كشفت عن دورٍ اقتصادي تلعبه على أنقاض البلاد المنهكة معيشيا وبنيويا وماليا، من خلال "مكتب" لطالما ارتبطها باسمها وباسم "القصر الجمهوري".
وبينما كانت تصعد شيئا فشيئا سرعان ما تم استهدافها بعقوبات فرضتها الولايات المتحدة الأميركية في كانون الأول/ ديسمبر 2020، طالت أيضا والدها فواز الأخرس، وعددا من أفراد العائلة هم سحر عطري الأخرس وفراس وإياد الأخرس.
أسماء الأسد "عرقلت الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي، وقادت الجهود لمصلحة النظام لترسيخ سلطته الاقتصادية والسياسية، بما في ذلك استخدام ما يسمى بالمنظمات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني"، كما قالت وزارة الخارجية الأميركية حينها.
وأوضحت أيضا أن أفراد عائلتها "تراكمت ثرواتهم غير المشروعة على حساب الشعب السوري من خلال سيطرتهم على شبكة مكثفة وغير مشروعة مع ارتباطات بأوروبا والخليج وأماكن أخرى".
ويوضح إياد حميد، وهو باحث كبير في برنامج التطوير القانوني السوري مقره لندن، أن العقوبات الأوروبية الحالية تستهدف "الأفراد المستفيدين من نظام الأسد، والمتورطين في دعمه وانتهاكاته لحقوق الإنسان".
وبالتالي "تأتي على الأفراد المقربين من أسماء الأسد في هذا السياق".
وفي السنوات الأخيرة، خصوصا منذ سقوط ابن خال بشار الأسد، رامي مخلوف، صعد نجم زوجة رئيس النظام السوري واتسع نفوذها في الاقتصاد السوري، وفق ما يضيف حميد.
ويشرح أن الأفراد المعاقبين "مثل أقاربها مهند الدباغ وفراس الأخرس إضافة ليسار إبراهيم مدير المكتب الاقتصادي الخاص بالقصر الجمهوري هم أدواتها".
أما "القصر الجمهوري فتستخدم صورته للهيمنة على الاقتصاد واستمرار انتهاكات نظام الأسد لحقوق الإنسان في سوريا"، وفق ذات الباحث.
وبالإضافة إلى فراس الأخرس ويسار إبراهيم ومهند الدباغ، فان فهد درويش الذي طالته العقوبات " من المقربين لزوجة رئيس النظام أيضا، ويدير عملية التواصل مع الجانب الإيراني".
ويشغل درويش منصب رئيس "غرفة التجارة السورية الإيرانية المشتركة"، ويمتلك وفق الاتحاد الأوروبي ويدير العديد من الشركات في سوريا العاملة في قطاعات مختلفة مثل التجارة والأدوية.
أما شركة "تكامل" صاحبة "البطاقات الذكية" فيقول الكريم إنها "شركة خدمية لكنها ترتبط بملفات كثيرة، وجزء منها غسيل أموال".
وبالتالي تحمل العقوبات طابعا تصعيديا "يقوم على تجفيف الطرق الخفية للعلاقات التي يديرها مكتب أسماء وبشكل خاص مع دول في شرق آسيا والصين، وبعض الدول العربية والأوروبية أيضا".
وترأس أسماء الأسد المجلس الاقتصادي "السري" التابع للرئاسة، بحسب صحيفة "فاينانشال تايمز".
وهذا المجلس لا يلعب دورا بارزا رسميا في سوريا، وفق الصحيفة، بينما تعمل المنظمات غير الحكومية التابعة لزوجة الأسد في بناء شبكة محسوبية واسعة للعائلة، وتتحكم في أماكن وصول أموال المساعدات الدولية في البلاد.
وتقدّر وزارة الخارجية الأميركية أن صافي ثروة عائلة الأسد يتراوح بين مليار وملياري دولار، فيما تبلغ ثروات المقربين منه مليارات الدولارات. وكشفت الوزارة في أيار/ مايو 2022 أن أسماء الأسد، التي أدرجتها على قوائم العقوبات، أسست شبكة تمارس نفوذا على الاقتصاد السوري، ناهيك عن نفوذها على اللجنة الاقتصادية التي تدير الأمور الاقتصادية في البلاد.
كما وسّعت نفوذها في القطاعات غير الربحية والاتصالات في السنوات الأخيرة، وأنها تسيطر على "الأمانة السورية للتنمية" التي أسستها في 2001 لتوجيه تمويل المبادرات في المناطق الخاضعة للنظام.
واستولت أيضا على "جمعية البستان الخيرية" من رامي مخلوف، وعينت مسؤولين مقربين منها في مجلس إدارة شركة سيريتل للاتصالات، كما أسست شركة اتصالات "إيماتيل" مع رجل أعمال سوري.
وتحظر العقوبات الأوروبية على كل من تشملهم القوانين الأوروبية التعامل مع المعاقبين، لكنها لا تشمل علاقات المعاقبين مع دول ثالثة مثل الصين على سبيل المثال.
وتشمل العقوبات أيضا حظر سفر للاتحاد الأوروبي، دون أن يستبعد الباحث "وجود فجوات في قوانين العقوبات، يستغلها المعاقبون للالتفاف على القيود المفروضة عليهم، وهو ما يحد من الفعالية".