لم يجد العراقي حاتم كريم عزاء إلا في ملابس ابنه الذي مات مع أمه وجدته في حريق أودى بحياة العشرات في مستشفى بمدينة الناصرية هذا الأسبوع إذ لم يتسلم الأب المكلوم جثمان الابن لدفنه.
وقال كريم (40 عاما) وهو يبكي ويخرج هاتفه لعرض صورة لابنه الذي كان يبلغ من العمر 17 عاما ولا يزال جثمانه بين الجثث التي لم يتم التعرف عليها بعد "انظر إليه.. ما هو الذنب الذي ارتكبه ليُحرق حيا؟"
ودفن كريم زوجته يوم الأربعاء في مدينة النجف قبل أن يعود إلى مدينته الشاطرة حيث تلقى العزاء في مسجد شيعي.
وقال كريم الذي يعمل شرطيا "الحكومة تتحمل كامل المسؤولية عن موت زوجتي وابني. ما هو ذنبي لكي أخسر ابني ولا أستطيع دفنه؟" وأضاف "ليلة البارحة جمعت ملابس ابني ونمت معها، أريد ابني".
وتلقي عائلات الضحايا والسكان عامة باللائمة على السلطات في الحريق الذي اندلع في المستشفى المخصص لعلاج المصابين بكوفيد-19.
وجاء في تقرير مبدئي للشرطة اطلعت رويترز على نسخة منه أن الحريق كان بسبب انفجار أسطوانة أكسجين.
وأشار التقرير إلى أن مبنى المستشفى به ألواح خفيفة الوزن تفصل بين الأجنحة مما ساهم في انتشار الحريق بسرعة أكبر كما يفتقر المستشفى لعدد كاف من مخارج الطوارئ وهو ما تسبب في سقوط عدد أكبر من الضحايا.
وذكر بيان لوزارة الصحة يوم الأربعاء أن عدد قتلى الحريق يبلغ 60 بينهم 21 جثة مجهولة الهوية. ولم يذكر البيان لماذا جاء العدد أقل مما أوردته وكالة الأنباء الرسمية يوم الثلاثاء وهو 92 قتيلا.
ولم يتسن لرويترز الوصول إلى المتحدث باسم الوزارة للتعليق على هذا التباين في الأعداد.
وهذه ثاني مأساة من نوعها في العراق خلال ثلاثة أشهر، وأنحى الرئيس العراقي يوم الثلاثاء باللوم في كلا الحادثين على الفساد. وفي أبريل نيسان، أسفر انفجار مماثل في مستشفى لعلاج مصابي كوفيد-19 في بغداد عن مقتل ما لا يقل عن 82 شخصا.
ويشعر كثير من العراقيين بالغضب الشديد من مؤسسة حاكمة تسمح بتفشي الفساد بينما يعيش الملايين في فقر رغم الثروة النفطية الهائلة للبلاد.
وقال مكتب رئيس الوزراء يوم الثلاثاء إن نتائج تحقيق الحكومة ستُعلن في غضون أسبوع.
تدافع وأبواب موصدة
ولا يزال هناك أكثر من 20 جثة بانتظار تحديد هوية أصحابها في المشرحة حيث جلس الشاب مصطفى خليل (28 عاما) مُسندا ظهره للحائط ومتعشما في الوصول لمعلومات بخصوص أمه.
وقال خليل "أريد أمي.. حتى لو عظم واحد متبقي. أريده".
وتحدث خليل، الذي كان يزور أمه وقت الحريق، عن مشاهد فوضى وتدافع مع انتشار الحريق ومحاولة الناس الفرار بينما كانت الأبواب موصدة.
وأضاف "عندما اشتعلت النيران أخبرونا بالبقاء بجانب مرضانا. قالوا لنا إنكم ستموتون إذا خرجتم".
وأردف خليل "بقينا قرب المرضى لا حول ولا قوة لنا.. وبعد قليل حاصرتني النيران والدخان والنيران ولم أقدر على التنفس".
وفقد ناطق هاشم (35 عاما) أخته وأمه وابنة أخته (14 عاما) في الحريق. وأوضح أنه وصل المستشفى بعد نحو 15 دقيقة من نشوب الحريق وأن سيارات الدفاع المدني والإسعاف لم تصل قبل أكثر من ساعة بينما كانت عربات التوك توك تجلي المرضى والمصابين.
وقال هاشم "دفنت اثنين من أفراد عائلتي، أمي وأختي، وجثة ابنة أختي لا تزال مفقودة. أُحمل الحكومة المسؤولية الكاملة - رئيس الوزراء، وزير الصحة ووزير الداخلية يتحملون المسؤولية".
رويترز