تُشير مراجعة بيانات الوفيات إلى أن وباء كورونا يواصل قتل الأمريكيين بشكل أسرع من الأسلحة، وحوادث السيارات، والإنفلونزا مجتمعة، حتى وإن تلقَي نصف السكان لقاحات التطعيم.
وبرغم تحسّن الوضع بشكل كبير منذ شهر يناير عندما تجاوزت وفيات كورونا أمراض القلب والسرطان كأكبر مرض قاتل في البلاد، تسبّب وباء كورونا في 337 حالة وفاة يومية خلال شهر يونيو، وفقاً لبيانات "بلومبرغ"، مقارنة بـ 306 حالات وفاة يومية، وهو متوسط الوفيات تاريخياً الناتج عن حوادث إطلاق النار، وحوادث السيارات، والمضاعفات الناجمة عن الأنفلونزا.
وفي إحاطة إعلامية الأسبوع الماضي، قال جيف زينتس، مُنسّق التعامل مع الجائحة في البيت الأبيض: "المحزن هو أننا ما زلنا نفقد الناس بسبب الفيروس رغم التقدم الذي أحرزناه. هذا أمر مأساوي خاصة إذا ما نظرنا إلى أن ذلك ليس ضرورياً في هذه المرحلة، ويمكن الوقاية منه.. تعود حالياً جميع حالات دخول المستشفيات والوفيات بسبب كوفيد-19 في الولايات المتحدة إلى الأفراد غير المُطعَّمين باللقاح".
وتعود البيانات المجمّعة لأغراض التحليل إلى كل من جامعة جونز هوبكنز، والمراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، والإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة.
متحوّر دلتا
بعد مرور 10 أسابيع من الانخفاض العالمي في عدد وفيات كوفيد-19، يقود انتشار متحوّر دلتا شديد العدوى ارتفاعاً جديداً في الأرقام، لذلك حذّر مسؤولو الصحة في الولايات المتحدة من احتمال حدوث تراجع مماثل، حيث تضاعفت الحالات اليومية من معدل منخفض خلال الشهر الماضي إلى ارتفاع حالات دخول المستشفيات مرة أخرى.
تمنع لقاحات شركتي "فايزر" و"موديرنا" حدوث حوالي 96% من حالات دخول المستشفيات والوفيات الناجمة عن متحوّر دلتا، وفقاً لبيانات حديثة من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، كما ترتفع نسبة تلك الحماية بفضل تأثيرات انخفاض نسبة انتقال العدوى في المجتمعات التي ارتفع فيها تلّقي جرعات التطعيم ضد الوباء، وفقاً لكلمات عالمة البيانات كاثي أونيل في مقال رأي ببلومبرغ.
من جانبها، أفادت روشيل والينسكي، مديرة المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، الخميس الماضي بأن "البيانات الأولية الخاصة بعدة ولايات في الشهور القليلة الماضية تشير إلى أن 99.5% من الوفيات الناجمة عن فيروس كوفيد-19 في الولايات المتحدة عادت لأشخاص غير مُطعَّمين باللقاح. وكان من الممكن تفادي تلك الوفيات بتلقّي جرعة بسيطة وآمنة".
تراجع التطعيمات
ورغم ذلك، توقفت حملة التطعيم الأمريكية، فبعد أن كانت الولايات المتحدة محط الأنظار بسبب سرعة انتشار حملة التطعيمات، إلا أن 20 دولة تجاوزتها منذ ذلك الحين، لتتمتع بتغطية أفضل للقاحات، وفقاً لمتتبّع لقاح كورونا التابع لبلومبرغ. ويستعد الاتحاد الأوروبي والصين لتجاوز الولايات المتحدة خلال الأسبوعين المقبلين، بفضل إعطاء جرعات يومية تصل إلى حوالي 4 ملايين و10 ملايين جرعة على التوالي.
لم يقتصر الأمر على التباطؤ الكبير في حملة التطعيمات الأمريكية إلى متوسط يبلغ 530 ألفا يومياً، ولكن الفجوة بين المقاطعات الأمريكية الأكثر والأقل تطعيماً تتسع أيضاً، ما يُعرّض بعض المجتمعات إلى مخاطر متحوّر دلتا. ويسوء تهديد فيروس كوفيد-19 أكثر من أي وقت مضى لدى الأشخاص غير المُطعَّمين الذين يعيشون في مجتمعات تنخفض فيها نسبة التطعيم.
أظهر تحليل منشور من قبل باحثين في جامعة ييل وصندوق الكومنولث الأسبوع الماضي، أن لقاحات كوفيد-19 في الولايات المتحدة تمكّنت من إيقاف ما يقرب من 279 ألف حالة وفاة و1.25 مليون شخص عن دخول المستشفيات، ولكن بدون اللقاحات، سيستمر كوفيد-19 في التفوّق على أمراض السرطان والقلب كمسبّب رئيس للوفيات في البلاد، حتى مع التلاشي المعتاد لفيروسات الجهاز التنفسي في فصل الصيف.
أدهشت الهيمنة المفاجئة لمتحوّر دلتا مسؤولي الصحة في جميع أنحاء العالم، ففي هولندا، قفزت الحالات بأكثر من 500% في الأسبوع الماضي فقط، وتُسجّل بريطانيا وروسيا أعلى معدلات لانتقال العدوى منذ شهر يناير، بينما أعادت إسرائيل فرض ارتداء قناع الوجه، وتم إغلاق كل من سيدني وملبورن مرة أخرى.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، خلال مؤتمر صحفي الإثنين الماضي: "يتسارع انتشار متحوّر دلتا في جميع أنحاء العالم، ما يؤدي إلى ارتفاع حاد في الإصابات والوفيات. الوباء لم ينته بعد في أي مكان".
بلومبرغ الشرق