تحصل المرأة المصرية عادة على هدية قيمة من المشغولات الذهبية أو ما يعرف باسم "الشبكة" عند خطوبتها، لكن نظرًا لزيادة الطلب على المعدن النفيس نتيجة ارتفاع الأسعار وضعف العملة فقد يحصل البعض منهن الآن على الفضة وليس الذهب.
أدت التقلبات في سوق العملة الموازية في مصر، والانخفاض المتوقع في قيمة الجنيه إلى حالة من الفوضى في تجارة الذهب، مما دفع بعض الناس إلى اللجوء إلى الفضة، كوسيلة لحفظ قيمة مدخراتهم.
وانخفض الجنيه ما يقرب من 50 في المئة مقابل الدولار منذ أوائل عام 2022، إذ تواجه البلاد نقصًا متزايدًا في تدفقات العملة الأجنبية. لكن الجنيه تهاوى في السوق السوداء، ويسعى المصريون لحماية مدخراتهم عن طريق شراء الدولار والمعادن النفيسة والعقارات.
وفي بلد تشير التقديرات إلى أن نحو 60 في المئة من سكانه البالغ عددهم 105 ملايين نسمة يعيشون تحت خط الفقر أو يقتربون منه، لا يستطيع سوى عدد قليل من الناس تحمل تكاليف الاستثمار في العقارات الراقية التي تزدهر مبيعاتها.
وقفز سعر الدولار في السوق السوداء إلى 71 جنيها الشهر الماضي مقابل سعره الرسمي عند 30.85 جنيه، قبل أن يتراجع إلى أقل من 60 جنيها في الأيام الماضية وسط توقعات بتوسع التمويل المقدم من صندوق النقد الدولي، وتقارير عن استثمارات إماراتية على ساحل البحر المتوسط في مصر.
وبحسب التقرير السنوي لمجلس الذهب العالمي، ارتفع الطلب على العملات والسبائك الذهبية في مصر 57.8 بالمئة بين 2022 و2023. كما ارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 قيراطا 122.7 في المئة إلى 3875 جنيها (126 دولارا) في العام المنتهي في 30 كانون الثاني/يناير، وفقًا للاتحاد العام للغرف التجارية المصرية.
ويرى الخبير الاقتصادي إيهاب سمرة أن هذا الإقبال يدفعه "الذعر"، مضيفًا أنّ "امتلاك الدهب في هذه اللحظة لا هو استثمار ولا هو ادخار، هو هروب بالأموال إلى ملاذ آمن من باب الحق الشرعي للدفاع عن المال".
وقالت نانسي مصطفى وهي ربة منزل بدأت في تحويل مدخراتها من العملة المحلية إلى الذهب منذ عامين، إنّها تفضل الادخار في الذهب لسهولة تداوله "ممكن أبيعه في أي وقت ومتاح أقدر اشتريه مش زي الدولار فا سهل عليا احفظ قيمة فلوسي".
ويرى إيهاب واصف رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات المصرية أن أسعار الذهب الحالية "غير عادلة" وأن شراء المعدن الأصفر خلال هذه الفترة المضطربة "غير منطقي".
وقال: "إنّ اندفاع الناس لاقتناء الذهب مؤخرًا سببه "توجهات صفحات التواصل الاجتماعي اللي بتقول ‘اشتروا دهب، الدهب بيزيد‘ والناس رايحة ورا كلام السوشيال ميديا".
وقالت مصادر أمنية إنّه "تمّ إلقاء القبض على عشرات من تجار الذهب بتهمة التلاعب بالسوق، مما دفع بعض التجار الآخرين إلى التوقف عن البيع".
وتعد المشغولات الذهبية خيارا تقليديا للهدايا في مناسبات مثل الزواج أو ميلاد طفل جديد، لكن إيمان محمود، وهي أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 51 عامًا، قالت إنّها اضطرت إلى اختيار الفضة.
تقول إيمان: "حلق صغير عيار 18 وزنه أقل من جرام سعره أكثر من 3000 جنيه. طبعًا مش هقدر اشتري هدية بالمبلغ ده فا اشتريت سلسلة فضة بحوالي 1900 جنيه".
تضيف: "مش زي الدهب بس ليها قيمة".
وأوضح وصفي أمين مستشار شعبة الذهب والتعدين باتحاد الصناعات المصرية أنّ "هناك إقبالاً متزايدًا على سبائك الفضة والمشغولات الفضية"، رغم اعتبار البعض أنّها "من الدرجة الثانية".
وقال هاني واصف، تاجر الفضة المعروف في منطقة خان أبو تكية بالقاهرة القديمة، إنّ زبائنه عادة من أصحاب الدخل المحدود الذين يريدون الحفاظ على قيمة أموالهم ولا يستطيعون شراء الذهب.
وزاد سعر غرام الفضة لأكثر من المثلين خلال عام ليصل إلى 47 جنيها، بحسب تجار تحدثوا إلى رويترز.
واشترى رامي زهران، وهو طالب في المرحلة الثانوية يبلغ من العمر 18 عامًا، سبائك الفضة بسعر 31 جنيها للغرام منذ أكثر من ستة أشهر بناء على نصيحة عمه الذي يعمل في تجارة الفضة.
وأضاف: "فلوسي ماتجبش 10 غرام دهب".
رويترز