لبنان

الجنوب بين الحرب والحلّ ... ومساعٍ عاجلة لفصل لبنان عن غزة

الجنوب بين الحرب والحلّ ... ومساعٍ عاجلة لفصل لبنان عن غزة

باتت الساحة اللبنانية معلّقة بحبال غزّة وحربها وهدنتها ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وكل ما يرتبط بهذه الحرب بصلة، الأمر الذي حسمه "حزب الله" برفضه المتواصل لوقف جبهة الجنوب ما دامت الحرب في غزة مستمرة ولا يمكن فك الارتباط مهما تعاظمت الضغوط والتهديدات والتهويل.

ولكن ما استجدّ في الساعات الأخيرة يشير الى تفاهم يجري بحثه في الأروقة الدولية وكواليسها من واشنطن الى باريس، وصولاً الى لقاء الرياض العربي الذي ناقش الوضع في غزّة والمنطقة وكان لقاءً مفصلياً على كل المستويات وفق ما ورد في "النهار".

وهنا لا يخفي مصدر ديبلوماسي خليجي في بيروت أن الحرب خطفت الأضواء واللجنة الخماسية المكلفة بالسعي لدفع اللبنانيين للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية لم توقف محركاتها أو تفرمل دورها كما يُسرّب، بل إن الأولوية الآن هي لما يحدث في المنطقة حيث القلق والمخاوف كبيرة من حصول الحرب الشاملة، ولبنان ليس بمنأى عنها والخطر يدهمه أكثر من أي وقت مضى.

ووفق معلومات موثوقة، هناك استعدادات لقيام إسرائيل بهجوم واسع النطاق ضد لبنان، وعطفاً على هذه الأجواء تحركت المملكة العربية السعودية على أعلى المستويات، وما لقاء الرياض إلا دليل على هذا المعطى ربطاً باتصالات تجري مع المعنيين من واشنطن الى باريس وبريطانيا، فيما كان موقف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حازماً عندما قال لا للتطبيع قبل حلّ الدولتين وهذه مسألة من الثوابت والمسلّمات، لذا ثمة نقاش واتصالات ديبلوماسية تجري على أعلى المستويات في ظل سباق بين الحرب الشاملة والتسوية.

وقد أُبلغ وزير الخارجية الأميركي أتوني بلينكن من المسؤولين السعوديين بما يمكن أن يقوم به لدرء هذه الحرب ولجم إسرائيل عن اعتداءاتها وعدوانها وتجنباً للأسوأ الذي يمكن أن يحصل، كاشفاً أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة على صعيد مسار الهدنة ووقف إطلاق النار والعناوين العريضة للتسوية قبل فوات الأوان.

في السياق، تشير مصادر سياسية عليمة لـ "النهار" الى أن اللجنة الخماسية تترقب وتتابع الوضع في غزة ليُبنى على الشيء مقتضاه وما ستكون عليه الأمور في لبنان، فالتواصل والتشاور لم يتوقفا بين مكوناتها، والسفير السعودي وليد بخاري موجود في الرياض ويقوم بحراك مع المعنيين تحضيراً للقاء المتوقع للخماسية الذي سيُعقد في المملكة العربية السعودية والنقاش جارٍ حول شكل هذا الاجتماع، إذ ربما يُعقد على مستوى وزراء الخارجية، إذا استدعت الظروف والمعطيات ذلك، لكن لم تتبلور بعد ماهية الاتصالات الجارية على قدم وساق، وبمعنى آخر فإن التطورات الحاصلة على خط الجنوب – غزة الى معبر رفح، تُعتبر من الأولويات وتطغى على ما عداها، في ظل مخاوف من رفع منسوب العمليات الميدانية في الجنوب بعدما أخذت تخرج عن قواعد الاشتباك وصولاً الى النبطية وتخوم جزين وغارات وهمية في العمق اللبناني، فضلاً عن خراب ودمار في القرى الحدودية، ما تشير إليه مصادر في مجلس الجنوب إذ هناك أكثر من ستمئة منزل مهدم وثمانية آلاف متضرّر ومئتان وخمسون شهيداً مقاتلاً وأربعة وعشرون من المدنيين. وعُلم أن الاجتماع الذي دعا إليه رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر، اتحاد بلديات الجنوب، يهدف الى وضع خطط لتأمين مستلزمات الأهالي النازحين الى العمق الجنوبي الذين يتجاوزون أكثر من ثمانين ألفاً، وصولاً الى النازحين الى بيروت والمناطق. ويؤكد هاشم لـــ"النهار"، أنه في خضم المعركة المستمرة لا يمكن الوصول إلى إحصاءات دقيقة قبل انتهاء الحرب، ولكننا بالتعاون مع اتحاد بلديات الجنوب والمعنيّين نقوم بجهد استثنائي لتأمين مستلزمات الصمود لأهلنا على كل المستويات الاجتماعية والإنسانية والطبّية، وذلك من الأولويات بالنسبة إلينا.

أخيراً، يتبدّى من خلال الأجواء والمعطيات من جهات داخلية وخارجية أن لبنان عالق بكماشة غزة وليس باستطاعته الفرار منها إلا عبر عملية فصل وبجراحة دولية، ما بدأت معالمه تظهر من خلال الصيقة التي طرحها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، الهادفة لدعم الجيش اللبناني عتاداً نوعياً وتوفير كل مستلزماته من خلال إرسال كتيبة الى الجنوب اللبناني لتتولى تطبيق القرار رقم 1701 وعودة النازحين الى قراهم وبلداتهم، وفي المقابل توقف إسرائيل اعتداءاتها ويعود أهالي المستوطنات الى الشمال، ولكن في ظل الأوضاع الراهنة لا يمكن البناء على أي طرح وحلّ بحيث ما زالت احتمالات التصعيد العسكري واردة وربما الوصول الى تصعيد غير مسبوق.

يقرأون الآن