وقال مصدر أمني عراقي إن "وزير الداخلية عثمان الغانمي وجّه باستدعاء الضباط الثلاثة الذين أدوا التحية العسكرية، بداعي مخالفتها للقوانين والسياقات".
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "جهات سياسية تركمانية تدخلت في الأمر لإنهائه من دون إصدار عقوبات، وما زالت القضية منظورة لدى الجهات الأمنية".
والضباط من المكون التركماني ومنهم امرأة، وهم العميد طه صلاح الدين مدير شعبة السيطرات، والعقيد مصطفى نوزاد مدير مركز شرطة القورية، والضابطة فاطمة وحيد.
وفي 14 يوليو/تموز 1959، وقعت مجزرة كركوك بحق التركمان على يد ضباط في الجيش العراقي وأعضاء في الحزب الشيوعي، أثناء الاحتفال بالذكرى الأولى لتأسيس الجمهورية العراقية، وأسفرت عن مقتل المئات من المدنيين التركمان.
ولدى تركيا نفوذ هائل في محافظة كركوك من خلال استمالة الجبهة التركمانية والعزف على الوتر القومي، إذ تحولت المدينة إلى موقع واضح لسلطات أنقرة، عبر زيارات دائمة لسفرائها وتحديد بوصلة عمل الجهات السياسية التابعة لها هناك.
ويتهم مراقبون أنقرة بمحاولة تأليب تركمان كركوك وعربها ضد سلطات إقليم كردستان العراق، بهدف ترجيح كفة الصراع على المحافظة المتنازع عليها الغنية بالنفط، لغير مصلحة أكراد الإقليم الذين تقيم أنقرة علاقات سياسية طبيعية مع قياداتهم.
وسلطت تلك الحادثة الضوء على الدور الكبير لأنقرة في المحافظة الشمالية، في ظل عجز بغداد عن مواجهته ووقف التمدد التركي في محافظات شمالي البلاد بشكل عام من خلال عملياتها العسكرية، وهو ما صعد مستوى التحذيرات من أن تركيا تعمل على إزكاء النعرات القومية في كركوك، وهو ما ينعكس سريعا على العلاقة بين سكانها، خصوصا في ظل حالة عدم الثقة التي تحكم المكونات التي ينتمون إليها.
غضب على مواقع التواصل
وأثارت الواقعة غضبا شعبيا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي بين النشطاء العراقيين، وأعادت مسألة الهوية الوطنية والولاء التام للعراق دون الاكتراث بالمحيط الخارجي، وسط مطالبات بإطلاق برامج تعزيز الهوية الجامعة، وإبعاد المكونات العراقية المحلية عن الاستغلال من قبل الدول الأخرى.
ورأى معلقون أن الضباط العسكريين يفترض أن يكونوا أكثر الناس انضباطا وولاء للوطن، ولا يمكن أن يكونوا بتلك الصورة التي قد تعكس غياب الهوية الوطنية، إذ "عليهم الالتزام التام بكل المعاني الوطنية والابتعاد عن الشبهات التي قد تحيل إلى خلل ونزوع في أنفسهم نحو هوية غير عراقية".
وفي المقابل، رأى آخرون أن النشيد هو "قومي تركي" وليس النشيد الوطني الرسمي، وعليه "لا يمكن اعتبار ذلك تجاوزا للسياقات العسكرية".
لكن المحلل الأمني ميثاق القيسي يرى أن "المسائل العسكرية وسياقاتها وقوانينها هي الأكثر حساسية، وقدرة على التعبير بشأن وضع تلك المؤسسة، وفيما إذا كانت منضبطة بقدر كبير وولاؤها تام للوطن، أم أنها قد تشوبها بعض الشوائب وبحاجة إلى إصلاح أو مراجعة بعض سلوكيات قادتها".
ويضيف القيسي في تعليق لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "ما حصل يمثل مخالفة، ربما كبيرة، فهي تشير ضمنا إلى تأييد من هؤلاء الضباط لهذا النشيد الذي يمثل دولة أخرى، وهذا غير مسموح به في القوانين العسكرية التي حددت مسائل أداء التحية، لأشخاص من غير الدولة أو هوياتهم أو رموزهم، وهي تشترط أن يكون ذلك عبر زيارات رسمية وليس مناسبات فرعية، تقيمها السفارات أو غيرها".
سكاي نيوز