تتلاءم منطلقات الورقة الفرنسية الهادفة إلى منع تأجّج الحرب الشاملة نحو الداخل اللبنانيّ مع مضامين كبرى كان نصّ عليها القرار 1701، علماً أنّ الأساس الوجوديّ للقرار الدوليّ تمثّل في الدعوة إلى وقف للأعمال الحربية والهجمات العسكرية بين "حزب الله" وإسرائيل بُعَيد حرب تموز 2006، ما يتلاقى جذرياً مع أسس الخطة المقترحة التي قدّمها وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه خلال زيارته إلى لبنان، والتي صيغت بهدف تقليص المناوشات الناشبة والتوصّل إلى تهدئة تمنع أجيج الحرب وتلزم الجانبين اللبناني والإسرائيلي وقف العمليات العسكرية وفق ما ورد في "النهار".
وكانت شكّلت الدعوة إلى إنهاء القتال بين "حزب الله" وإسرائيل فحوى القرار 1701، ويتّضح أنّ التعابير نفسها حصل استخدامها حينذاك لناحية الحثّ على "وقف العمليات الحربية والهجمات العسكرية بين الجانبين". وإذ اقترحت ورقة باريس حالياً مفاوضات حلّ الخلافات على الخطّ الأزرق عبر لجنة عسكرية أمميّة إسرائيلية لبنانية من دون الإشارة إلى مزارع شبعا، كان القرار 1701 أكّد من ناحيته دعمه الاحترام الصارم للخطّ الأزرق. واشتمل الاقتراح الفرنسي أيضاً على فكرة تعزيز انتشار الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية جنوب لبنان وتقوية عديده، فإنّ ذلك يسهم في بلورة بند أساسيّ في الـ1701 الذي طلب من الحكومة اللبنانية و"اليونيفيل" نشر قواتهما في الجنوب اللبناني ودعم القوات المسلحة اللبنانية. ماذا أيضاً في النقاط المتشابهة بين الورقة الفرنسية وورقة القرار الدولي الذي أسهم في إنهاء الحرب جنوب لبنان؟ ثمّة دعم واضح في الورقتين للمبادئ المرسّخة عمل قوات حفظ السلام الدولية واستكمال تعزيز مهمتها ومعداتها جنوب الليطانيّ.
أين يكمن الفارق إذاً بين الخطة الفرنسية المقترحة فضّاً للصراع الحريي الحدودي بين لبنان وإسرائيل والنقاط التي تضمّنها القرار 1701؟ صحيح أنّ الورقة الفرنسية التي بحثها وزير الخارجية الفرنسية مع المسؤولين اللبنانيين نصّت على أهمية إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أيّ مسلّحين ومعدّات حربية وأسلحة في استثناء تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوّات "اليونيفيل"، إلّا أنّ الورقة الفرنسية اقترحت أن ينسحب جميع المقاتلين التابعين لـ"حزب الله" مع قدراتهم العسكرية مثل الأنظمة المضادة للدبابات إلى مسافة 10 كيلومترات على الأقل شماليّ الحدود، على أن توقف تل أبيب من ناحيتها خروقاتها العسكرية. أمّا قرار الأمم المتحدة الذي أنهى الحرب بين لبنان وإسرائيل عام 2006، فكان له أن أتاح انسحاباً يصل إلى حدود 30 كيلومتراً، ما يشير إلى اقتراحات أشمل وأوسع تضمّنها الـ1701 من دون إغفال تأكيده ضرورة بسط الحكومة اللبنانية سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية طبقاً لبنود القرارين 1559 و1680 وبنود اتفاق الطائف ذات الصلة. ونصّ القرار 1701 على ضرورة عدم وجود أيّ سلاح من دون موافقة الحكومة اللبنانية وعدم وجود أيّ سلطة غير الحكومة اللبنانية. ولم يغفل الإشارة إلى ترسيم الحدود الدولية للبنان ولاسيّما في المناطق حيث الحدود متنازع عليها أو غير مؤكّدة بما في ذلك الاهتمام بقضية مزارع شبعا التي بقيت خارج إطار الورقة الفرنسية. وبعدما كان الـ1701 قرّر السماح في انتشار عديد أكبر من قوات الطوارئ الدولية جنوب لبنان بعد انتهاء الحرب ودعوة الدول الأعضاء إلى التفكير في تقديم مساهماتها المناسبة وتلبية طلبات مساعدة القوات الدولية، فإنّ الورقة الفرنسية اقترحت انتشار قوات إضافية من الجيش اللبناني ودعمه تمويلاً وعتاداً، ودعوة أصدقاء لبنان إلى مشاورات هادفة لتأمين سبل الدعم.
في غضون ذلك، ثمّة نقطة مقترحة في الورقة الفرنسية شكّلت بعض الجدل الداخليّ حولها،بحسب "النهار"، وإذا كان في الإمكان تنفيذها حالياً والموافقة عليها، لناحية ضرورة هدم الجماعات المسلّحة اللبنانية جميع المباني والمنشآت القريبة والخيم من الحدود وانسحاب القوات المقاتلة منها إلى جانب سحب الأسلحة. وإذا كانت حكومة تصريف الأعمال قد التزمت الصمت في مرحلة ماضية منذ تسلّمها للأفكار التي تضمنتها الورقة الفرنسية، فإن هناك تساؤلات تطرح في الأروقة السياسية حول موقف لبنان الرسميّ من تفاصيلها. وماذا عن وجهة نظر السلطات اللبنانية من مضامينها إذا كانت تدعم في الأساس القرار 1701 الذي يعتبر أكثر شمولاً في بنوده؟
استناداً إلى معطيات استقتها "النهار"ومتداولة على نطاق بعض أوساط رئاسة الحكومة اللبنانية، فإنّ عدم تحبيذ التداول في مواقف حكوميّة رسميّة حيال الورقة الفرنسية التي تسلّمها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يأتي في اعتبار أنّ الورقة لا تزال عبارة عن أفكار مقترحة وليست بمثابة خطّة رسميّة، مع تأكيد رئاسة الحكومة على دعم تطبيق القرار الدوليّ 1701 والقرارات الدولية ذات الصلة شمولاً أيضاً باتفاق الهدنة، وفقاً للمناقشات التي جرى التداول بها بين رئيس الحكومة ووزير الخارجية الفرنسية بما في ذلك تعزيز دور الجيش اللبناني الذي يحتاج إمكانات داعمة لانتشاره جنوباً. وتعتبر وجهة نظر رئاسة الحكومة اللبنانية أنّ لا بدّ من وقف الهجمات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، ثمّ الانتقال بعدئذٍ إلى بحث تفاصيل تسهم في تطبيق القرار الدوليّ 1701.