تستعد إيران لانتخابات برلمانية غدا الجمعة يُنظر إليها على أنها اختبار لشعبية المؤسسة الدينية، في وقت تتصاعد فيه حدة المعارضة على خلفية مجموعة من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وسيكون التصويت هو أول اختبار رسمي منذ أن تحولت احتجاجات مناهضة للحكومة في 2022 و2023 إلى موجة من أشرس الاضطرابات السياسية في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
ويقول منتقدون من داخل النخبة الحاكمة وخارجها، بما في ذلك سياسيون وبرلمانيون سابقون، إن شرعية النظام الديني في إيران قد تكون على المحك بسبب الأزمات الاقتصادية وغياب الخيارات الانتخابية لسكان يشكل الشباب قوامهم الأكبر ويشعرون بالغضب من القيود السياسية والاجتماعية.
ووصف الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي التصويت بأنه واجب ديني. واتهم "أعداء" البلاد، وهو تعبير يطلقه في العادة للإشارة للولايات المتحدة وإسرائيل، بمحاولة غرس اليأس في صدور الناخبين.
وقال قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي أمس الأربعاء إن "كل صوت يشبه صاروخا يطلق على قلب العدو".
لكن الذكريات المؤلمة للماضي القريب لم تغب عن الإيرانيين الذين لا يزالون يتذكرون طريقة التعامل مع الاحتجاجات التي خرجت في أنحاء البلاد بعد وفاة شابة إيرانية كردية خلال احتجازها لدى شرطة الأخلاق عام 2022. وتصدت السلطات للاحتجاجات بحملة قمع عنيفة شملت اعتقالات جماعية وحتى عمليات إعدام.
صعوبات اقتصادية
وتشكل الصعوبات الاقتصادية تحديا آخر. ويقول العديد من المحللين إن الملايين فقدوا الأمل في أن يتمكن رجال الدين الذين يحكمون البلاد من حل الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت بسبب العقوبات الأميركية إلى جانب سوء الإدارة والفساد.
وبينما من المرجح أن يصوت أنصار المؤسسة لصالح المرشحين المحافظين، فإن الغضب الشعبي واسع النطاق بسبب تدهور مستويات المعيشة وتفشي الفساد قد يدفع الكثير من الإيرانيين إلى عدم التصويت والبقاء في بيوتهم.
وقفزت أسعار السلع الأساسية مثل الخبز واللحوم ومنتجات الألبان والأرز بشكل هائل في الأشهر الماضية. ويبلغ معدل التضخم الرسمي نحو 40 في المئة، فيما تشير تقديرات محللين ومراقبين إلى أن المعدل يتجاوز الخمسين في المئة.
وأدى الانسحاب الأميركي عام 2018 من الاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية الكبرى الست وما أعقب هذا من إعادة فرض للعقوبات إلى توجيه ضربة قوية للاقتصاد الإيراني. ولم تسفر الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق عن نتائج.
* الإصلاحيون يتجنبون التصويت
يعمل نشطاء إيرانيون وجماعات معارضة على نشر وسم يدعو على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي لعدم التصويت، إذ أنهم يرون أن ارتفاع نسبة المشاركة سيضفي شرعية على النظام الحاكم في الجمهورية الإسلامية.
ومع غياب المعتدلين والمحافظين الذين يتمتعون بوزن ثقيل عن الانتخابات المقررة غدا وفي ظل اعتبار الإصلاحيين لها أنها "انتخابات غير حرة وغير نزيهة"، فإن التصويت سيضع غلاة المتشددين في مواجهة سياسيين محافظين لا يتمتعون بالثقل ينتمون للتيار نفسه، وكلهم يدينون على أي حال بالولاء لمُثل الثورة الإسلامية.
وقالت وزارة الداخلية إن 15200 مرشح سيتنافسون على مقاعد البرلمان البالغ عددها 290 مقعدا، بعد موافقة مجلس صيانة الدستور على 75 في المئة من المرشحين الذين كانوا مسجلين في البداية.
ويتمتع مجلس صيانة الدستور غير المنتخب، والذي يتكون من ستة من رجال الدين وستة خبراء قانونيين من الدائرة المقربة من خامنئي، بسلطة التدقيق في القوانين والمرشحين للانتخابات.
وسيتم فرز بطاقات الاقتراع في الغالب يدويا لذا فقد لا يتم إعلان النتيجة النهائية قبل ثلاثة أيام، إلا أنه يمكن أن تتوافر نتائج جزئية قبل ذلك.
ويختار الناخبون غدا أيضا مجلس خبراء القيادة الذي يعين الزعيم الأعلى ويمكنه أيضا عزله. ونادرا ما يتدخل المجلس المكون من 88 عضوا بشكل مباشر في السياسة، لكن من المتوقع أن يساعد في اختيار خليفة خامنئي البالغ من العمر 84 عاما.
وليس للبرلمان تأثير كبير على السياسة الخارجية أو الأجندة النووية الإيرانية التي يحددها خامنئي الذي يتمتع بالسلطة العليا في النظام المزدوج بشكل فريد والذي يجمع بين الحكم الديني والجمهوري.
وتتوقع استطلاعات رأي أن تكون نسبة المشاركة عند 41 في المئة تقريبا، إلا أن النائب السابق محمود صادقي تحدث يوم الاثنين عن استطلاعات تتوقع أن تصل نسبة المشاركة إلى 27 في المئة وهو ما يقل كثيرا عن نسبة 42 في المئة التي تم تسجيلها في الانتخابات البرلمانية في 2020.
وبعد ما أصابها من وهن نتيجة سنوات من المحاولات الفاشلة لتوسيع الحريات السياسية والاجتماعية، تراجع التقبل الشعبي للمعارضة المؤيدة للإصلاح بصورة أكبر في 2022 عندما استهزأ متظاهرون بشعارها الداعي لتغيير تدريجي.
وقال ائتلاف جبهة الإصلاح إنه لن يشارك في انتخابات "لا طائل من ورائها" لكنه لم يقاطع التصويت.
رويترز