سلطت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، بأن "أغلبية كبيرة من الفلسطينيين الذين قتلوا في الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لم يقتلوا بالضرورة لأسباب مقنعة، وليس من قبل قوات الأمن الإسرائيلية المؤهلة، لكن من قبل أفراد مثل شباب التلال"، الضوء على هذا المجموعة، لتتزايد الأسئلة المتعلقة بطبيعتها والأنشطة التي تقوم بها.
واتهم أولمرت في بودكاست نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، بالفشل في الدفاع عن الإسرائيليين بسبب "ثقته الزائدة وغروره"، معتبرا أن الحكومة الحالية "توجه إسرائيل عن قصد إلى حرب شاملة".
وذكّر أنه "بدعم وزير بالحكومة لمجموعات عنيفة من المستوطنين، فإنهم يضربون الفلسطينيين وينهبون منازلهم"، متهما الحكومة الحالية بمواصلة الصراع وتجنب وقف إطلاق النار على المدى الطويل، مضيفا أنه "لهذا السبب تتأخر صفقة إطلاق سراح الرهائن".
ومنذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، شهدت الضفة الغربية هجمات ينفذها فلسطينيون ضد إسرائيليين، وغارات شبه يومية يشنها الجيش الإسرائيلي، غالباً ما تؤدي إلى سقوط قتلى في هذه المنطقة المحتلة منذ عام 1967.
وقالت منظمة "يش دين" الإسرائيلية غير الحكومية مؤخرا، إن أعمال العنف التي ارتكبها مستوطنون ضد فلسطينيين في الضفة الغربية "سجلت رقما قياسيا عام 2023".
كما سجلت الأمم المتحدة من جهتها، 1225 هجوما شنه مستوطنون ضد فلسطينيين خلال العام نفسه.
من هم "شباب التلال"؟
"شباب التلال" أو "شبيبة التلال" هو تيار يميني متطرف متهم بارتكاب هجمات ضد الفلسطينيين.
ورغم أنهم يمثلون تيارا متطرفا في إسرائيل، فإن ظهورهم بهذه التسمية لم يحدث إلا في أواخر 1998، عندما دعا وزير الدفاع الإسرائيلي حينها، أرييل شارون، شباب المستوطنين إلى "الاستيلاء على قمم التلال"، في خطوة لإحباط محادثات السلام.
وقال شارون حينها: "ينبغي على كل شخص هناك أن يتحرك ويركض، أن ينتزع المزيد من التلال ويوسع المنطقة. كل ما يتم الإمساك به سيكون بين أيدينا، كل ما لا نمسك به سيكون في أيديهم".
وبحسب دراسة بعنوان "شباب التلال والإعلام الجديد"، فإن هذا التيار يطلق على "الشباب اليهود المتدينين في إسرائيل، والذين يعيشون منفصلين عن عائلاتهم في بؤر استيطانية غير قانونية، أقيمت على قمم التلال في جميع أنحاء يهودا والسامرة" بحسب تسميتهم في الضفة الغربية.
ويقدر عددهم بالمئات، لكن من الصعب الحصول على صورة دقيقة، إذ لا توجد مؤسسات رسمية مرتبطة بهذه المجموعة، ولا توجد هيئة تنظيمية تشرف على نشاطهم، ومعظم المنتسبين لها ينحدرون من عائلات تنتمي للحركة الصهيونية الدينية "داتي لئومي".
ويقيمون عدة أشهر أو سنوات في هذه البؤر الاستيطانية، وغالبا ما تكون في ظروف معيشية صعبة ومليئة بالتحديات، ويصلون عادة لهذه المستوطنات وأعمارهم تتراوح بين 15 إلى 18 عاما، ويعشيون هناك لفترة بعد التخرج من الثانوية العامة أو انتهاء خدمتهم في الجيش، حيث يتزوجون من بعضهم ويبنون منازلهم، بحسب ما نقلت الدراسة عن الأدبيات السابقة التي كتبت عنهم.
ويقسم "شباب التلال" إلى مجموعتين: الأولى تعتمد على خلفيتهم الاجتماعية كـ"مستوطنين"، ومعظمهم من الجيلين الثاني والثالث الذين عاشوا فترات مضطربة، والثانية "سكان المدن"، وهم شباب من خلفيات اجتماعية واقتصادية منخفضة أو متوسطة، حيث ينتقلون إلى المستوطنات على قمم التلال، مما يجعلهم يشعرون بمشاعر اغتراب عن مجتمعاتهم التي عاشوا فيها.
و"شباب التلال" لديهم "دوافع عميقة وأيديولوجية دينية متزمة"، مثل الفصل الكامل بين الأولاد والبنات، ويعيشون حياة فيها روتين يومي يعتمد على الزراعة والحراسة.
وتشير الدراسة إلى أن هؤلاء يعيشيون "من دون أي اتصال رسمي مع المجتمعات المجاورة"، وينظرون إلى توسيع المستوطنات على أنه "يستكمل إرث آبائهم الاستيطاني".
ويعيشون حياة قائمة على "التوتر المستمر والصراعات العنيفة" مع السكان الفلسطينيين، حيث نسبت العديد من "الأعمال الإرهابية" ضد الفلسطينيين إلى "شباب التلال"، إذ ألحقوا أضرارا بممتلكات الفلسطينيين وتسببوا في إصابات للعديد منهم، وقتلوا بعضهم.
ممارسات "شباب التلال" أوجدت انقساما داخل المجتمعات الإسرائيلية، "إذ يراهم البعض خليطا من غريبي الأطوار ومثيري الشغب، والشباب المهمش، والمتعصبين المتحمسين"، فيما يراهم البعض الآخر على أنهم "مثاليين ومتفانين، ومبتكرين، ويفكرون خارج الصندوق، ومستعدين لمواجهة أي صعوبات"، ويعتبر آخرون أنهم "مراهقين يعانون من أزمات هوية مماثلة لأقرانهم بحدة أعلى، وتكون مصحوبة بمخاطر متنوعة وانعدام الثقة في مؤسسات المجتمع المدني وخدماته".
ويرفض هؤلاء استخدام الهواتف الذكية والشبكات الاجتماعية، وقد يحملونها معهم وهم خارج مستوطناتهم، لكن عند عودتهم إليها كانوا يحملون هواتف تقدم خدمة الاتصالات فقط الصوتية فقط.
وفي دراسة أخرى، وصف "شباب التلال" على أنهم "مجموعة متطرفة وعنيفة وخارجة عن القانون من المستوطنين اليهود الشباب في الضفة الغربية المحتلة"، حيث "يختارون قراءة متشددة لإيمانهم كبوصلة إرشادية نحو الخلاص"، ويعيشون "مسارا محفوفا بالعنف والعدوان تجاه الفلسطينيين وحتى السلطات الإسرائيلية" على اعتبار أنهم "يحتضنون الفوضى الشرسة في سعيهم".