دولي

زيارة غانتس لواشنطن اختبار للعلاقة بين أميركا ونتنياهو

زيارة غانتس لواشنطن اختبار للعلاقة بين أميركا ونتنياهو

يحكي عضو حكومة الحرب الإسرئيلية بيني غانتس، الذي يزور واشنطن هذا الأسبوع قصة عن خضوع والدته وهي إحدى الناجيات من المحرقة النازية لعملية جراحية في ألمانيا، وكان الطبيب الذي أجراها فلسطينيا من قطاع غزة.

تجسد القصة حالة للأمل في تحقيق المصالحة.

هذا الأمل يحفز المتفائلين في الشرق الأوسط، رغم أنه تعرض لاختبار قاس خلال الحرب مع قطاع غزة التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وهو اليوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل.

انضم غانتس (64 عامًا) الذي يتزعم حزبًا وسطيًا إلى حكومة الطوارئ، التي شكلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العام الماضي. ويقول إنّ "حقيقة أنّه كان على استعداد للانضمام إلى حكومة وحدة مع نتنياهو الذي ينتمي لليمين، وحلفائه القوميين المنتمين لأحزاب دينية تكشف حجم الأزمة التي تعيشها إسرائيل".

وكان قد قال لمجموعة من الصحافيين في مؤتمر صحافي في العام الماضي، إنّ "هذه ليست شراكة سياسية بالنسبة لي"، مضيفًا أنّ 10 أفراد من عائلته انضموا إلى وحداتهم في الجيش في أكبر عملية استدعاء لجنود الاحتياط منذ سنوات.

وتابع غانتس قائلاً: "من المستحيل أن أقف موقف المتفرج، وأسعى لمصالح سياسية في مثل هذه الظروف".

وانضم غانتس إلى نتنياهو لفترة قصيرة في عام 2020، لتشكيل حكومة خلال جائحة كوفيد-19 كان من المفترض أن يتناوبًا على رئاستها قبل انهيار ائتلافهما.

ومع ذلك، فللسياسة قواعد تمكنهم من إعادة ترسيخ الأدوار، وسلطت زيارة غانتس إلى واشنطن هذا الأسبوع، حيث يلتقي نائبة الرئيس كاملا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، الضوء على التنافس الذي لم ينته أبدًا بين نتنياهو وشريكه المتبرم.

ورغم القلق الدولي بشأن ارتفاع عدد القتلى في غزة، فمن غير المرجح أن ينحرف غانتس الذي يتخذ موقفا متشددًا بشأن أهداف الحرب الإسرائيلية مثل نتنياهو عن مسار الحكومة المتمثل في مواصلة الحرب، حتى القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإعادة أكثر من 130 محتجزًا.

لكن حقيقة أنه هو وليس نتنياهو من يزور واشنطن أحدثت عاصفة. وتوترت علاقات نتنياهو مع الرئيس الأميركي جو بايدن لدرجة أنّه بعد مرور أكثر من عام على توليه منصبه لم يتلق دعوة لزيارة واشنطن حتى الآن.

وقال صحافيون لم يُكشف عن أسمائهم لوسائل إعلام إسرائيلية "لا يوجد سوى رئيس وزراء واحد"، وذكرت وسائل الإعلام أنّ نتنياهو منع سفير إسرائيل في الولايات المتحدة من تأييد الزيارة.

ورغم أن الصدمة الناجمة عن هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول علقت اتباع القواعد السياسية المعتادة، فإن نتنياهو يواجه غضب غالبية الإسرائيليين الذين يحملونه مسؤولية الإخفاقات الأمنية التي مكنت حماس من تنفيذ الهجوم المدمر الذي أودى بحياة نحو 1200 شخص، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.

وتظهر استطلاعات الرأي أنّ "حزب الوحدة الوطنية بزعامة غانتس هو المرشح الأوفر حظا لاحتلال الصدارة في أي انتخابات تجرى اليوم". وبحسب استطلاع رأي أجرته القناة 13 اليوم الإثنين، يرى أغلبية الناخبين أنّ دافع نتنياهو الرئيسي لمواصلة الحرب هو بقاؤه السياسي.

هجمات

واصطدم غانتس، وهو معارض قوي لمساعي نتنياهو لإصلاح السلطة القضائية التي هددت بتمزيق إسرائيل العام الماضي، بشكل متكرر مع الشركاء من اليمين المتشدد، بما في ذلك وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وفي بعض الأحيان مع رئيس الوزراء نفسه.

وإلى جانب وزير الدفاع يوآف غالانت، العضو الرئيسي الآخر في حكومة الحرب، وغادي أيزينكوت، وهو جنرال سابق آخر من تيار الوسط، يدافع جانتس عن المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية ضد هجمات حلفاء نتنياهو.

ويقول المنتقدون إنّ "مثل هذه الهجمات هي وسيلة لصرف الانتقادات عن رئيس الوزراء نفسه".

وكانت هذه العملية جزءا من سلسلة من المواجهات المحدودة إلى حد ما بين إسرائيل وحماس، والتي شكلت علاقة إسرائيل مع الفلسطينيين، منذ استولت الحركة على السلطة في غزة بعد حرب قصيرة مع حركة فتح في عام 2007.

لكن الحرب الحالية التي بدأت في السابع من أكتوبر تشرين الأول، عندما اخترق مسلحو حماس السياج الأمني المحيط بغزة وهاجموا مجتمعات إسرائيلية في الجنوب، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية، واحتجاز حوالي 240 كرهائن.

وردت إسرائيل بحملة عسكرية أسفرت عن مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، وفقا للسلطات الصحية المحلية، مما أثار قلقا متزايدا حتى من حلفائها الأقوياء مثل الولايات المتحدة.

وبينما يصر غانتس مثل أي زعيم آخر في إسرائيل، على أنّ "الحرب لا يمكن أن تنتهي إلاّ بعد تدمير حماس، إلا أنه أكثر انفتاحا على الحوار مع الفلسطينيين من نتنياهو وحلفائه من حركة الاستيطان مثل سموتريش أو وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير".

وقال: "يجب أن نحصل على الأمن والاستقرار، وبمجرد تحقيق ذلك، يمكننا مناقشة المستقبل مرة أخرى".

ومع تزايد الضغوط الأميركية والدولية من أجل إحياء الجهود الرامية للتوصل إلى حل الدولتين، فإنّ استعداد غانتس للتفكير في نهاية سياسية للصراع، قد يجعله شريكًا أسهل في التعامل معه من نتنياهو، الذي طالما تفاخر بمقاومته لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.


رويترز

يقرأون الآن