شدد مستشار الامن القومي قاسم الأعرجي، على ان العراق لا يريد ان يكون ساحة للصراع بين الولايات المتحدة وايران، وان اللجنة العسكرية بين واشنطن وبغداد هي التي ستقرر مصير قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وأكد الأعرجي، في مقابلة مع "معهد كوينزي" الأميركي، نشرت باللغة الانجليزية، وترجمتها وكالة شفق نيوز، ان العراق اصبح قادرا على التعامل مع التهديد الذي لا يزال تنظيم "داعش" يمثله، لكنه يحتاج الى تعاون الدول الاخرى معه بشكل ثنائي.
ووصف التقرير الأميركي، الأعرجي، بأنه مسؤول قديم في المؤسسة الامنية العراقية، وانه تلقى التدريب على يد الحرس الثوري الإيراني وقاتل ضد نظام صدام حسين قبل ان يعود الى العراق في العام 2003، ثم كان من أوائل الشخصيات البارزة التي اعتقلها الأميركيون بعد الغزو وأطلق سراحه بعد 3 شهور، ليعتقل مجددا في العام 2007، ويحتجز في سجن بوكا حتى العام 2009.
ولفت التقرير الى ان الاعرجي انضم الى فيلق بدر، وانتخب عضوا في البرلمان العام 2014، ثم عين وزيرا للداخلية العراقية في العام 2017، ومستشارا للأمن القومي في العام 2020.
ويقول التقرير، إنه برغم العلاقات المتقلبة مع واشنطن قبل العام 2017، إلا أن فترة عمله كوزير للداخلية ومستشار الامن القومي، حظي بإشادة المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين الاجانب الذين لاحظوا احترافه واستعداده للعمل معهم، وخصوصا مع الأميركيين، فيما يتعلق بالملفات الامنية التي تعني الطرفين.
واشار التقرير الى ان المقابلة أجريت مع الاعرجي على هامش منتدى انطاليا الدبلوماسي في الأول من آذار/مارس، لكنها نشرت اليوم، وتحدث فيها عن التهديدات الرئيسية التي تواجه العراق، ويمازح خلالها حول الهوس الأميركي والإيراني بنفوذ البلدين في العراق، ويعتبره مرفوضا بالنسبة الى بغداد.
وردا على سؤال حول التحديات الامنية الكبرى التي تواجه العراق، قال الاعرجي انه "منذ هزيمة داعش، أصبحت المخدرات الان التحدي الأكبر بالنسبة لنا، وأن تدخل الدول الاخرى يشكل تهديدا آخر لاستقرارنا، كما يعتقد أن العراق لا ينبغي له التدخل في شؤون الدول الأخرى ويتوقع نفس الشيء من الدول الأخرى".
وعندما سئل عما إذا كان يشعر بالرضا عن دعم الجيران الإقليميين في قضايا مثل داعش وتهريب المخدرات، قال الاعرجي ان "المخدرات تمثل تحديا عالميا، ولهذا فإنها تحتاج الى تعاون إقليمي ودولي، ليس مع جيراننا فقط، وإنما مع العالم أجمع، وهناك فعليا درجة معينة من التعاون، ولكن اعتقد انه يمكننا ان نفعل المزيد لأن المخدرات تشكل تهديدا مشتركا لاستقرار ورخاء جميع البلدان".
وحول مدى خطورة تهديد داعش وقدرة القوات العراقية على التعامل معه بمفردها، قال الاعرجي ان "معركتنا مع داعش هي بالدرجة الأولى معركة استخباراتية، والمعلومات المتوفرة لدينا هي أن داعش ليس لديه الكثير من المقاتلين في العراق، ولكن يجب ان نتعاون مع شركاء اخرين في تبادل المعلومات الاستخبارية، ومحاربة وهزيمة ما تبقى من مقاتلي داعش"، مضيفا "أعتقد أن التهديد الرئيسي هو 10 آلاف داعشي أجنبي، اي من دول مختلفة، بالإضافة الى هؤلاء من العراق وسوريا".
وتابع مستشار الامن القومي القول، إن مقاتلي داعش المتبقين في العراق لا يمثلون تهديدا كبيرا للعراق، الا انهم ما زالوا يشكلون تهديدا، مؤكدا في الوقت نفسه ان "العراق قادر على مواجهة داعش بمفرده، لكنه يحتاج الى التعاون مع الآخرين لتجفيف الدعم المالي والموارد الأخرى المقدمة لداعش"، مشيرا الى ان بغداد وقعت في العام الماضي حوالي 23 مذكرة تفاهم مع الجيران ودول أخرى للتعامل مع داعش.
ولفت الاعرجي ايضا الى "التهديد الكبير" الذي يمثله مخيم الهول، مشيرا الى انه يستمر بتوفير المتطرفين لداعش، ولهذا يحث الدول على استعادة مواطنيها منه.
وردا على سؤال عما إذا هناك قلقا إزاء امتداد آثار حرب غزة على المنطقة واحتمال تصعيدها، قال الاعرجي ان مثل هذا الامتداد من غزة "سيؤثر على العراق والمنطقة بأكملها، وجرائم الحرب التي تحدث في غزة ستؤثر على استقرار المنطقة بأكملها، والإنسانية ترفض ما يحدث في غزة الأن، وان سياسة التجويع والقتل وتهجير الناس، تؤثر على العالم أجمع، مضيفا انا اتساءل لماذا المجتمع الدولي غير قادر على وقف هذه الحرب، وما من أحد يستطيع ان يوقف التعاطف مع ما يحدث الآن للشعب الفلسطيني".
وأضاف الأعرجي، "اعتقد إنك تعرف عن طيار سلاح الجو الأميركي الذي احرق نفسه حتى الموت بسبب غزة".
وبعدما سئل الاعرجي عن التساؤلات المطروحة حول دور الميليشيات في هياكل الأمن الوطني، ولماذا لا يتم تسريحها ودمجها في وزارة الدفاع ووزارة الداخلية، قال "هذه الفصائل لا تعمل ضد الحكومة بل تدعم الحكومة الحالية، وبعضهم ادى دورا في هزيمة داعش في العراق".
واضاف قائلا "صحيح انه لا يوجد إطار قانوني لوجودها في العراق، ومؤسساتنا الامنية واضحة للغاية، والحكومة الحالية تبذل قصارى جهدها للسيطرة على الأسلحة الخارجة عن سيطرتها". لكنه تابع قائلا ان "هذه الفصائل تشكلت للمرة الاولى خلال احتلال القوات الامريكية للعراق، واي دولة تشعر بأنها محتلة من قبل دولة اخرى سيؤدي ذلك الى ظهور مثل هذه الفصائل المقاومة، وبعد انسحاب القوات الامريكية من العراق في العام 2011، كانت البلاد مستقرة مع القليل من المشاكل الامنية الكبرى".
واستدرك قائلا انه "عندما اجتاح داعش واحتل أكثر من ثلث أراضينا، تشكلت هذه الفصائل مجددا لهزيمة داعش، وما يجري الآن في غزة هو عذر لهذه الفصائل لكي تستأنف نشاطها، وهذا امر محرج للحكومة لانها تحاول بذل قصارى جهدها لمنع التصعيد".
وقال الاعرجي في المقابلة "نحن على تواصل معهم، وانا اتحدث شخصيا مع هذه الفصائل، وإذا كان البعض منهم على استعداد للانضمام الى قوات الامن العراقية، فيمكننا العمل على ذلك معا"، مضيفا "ان استقرار العراق يعتمد على بقاء جميع الاسلحة تحت سيطرة الدولة والحكومة".
وفي رد على سؤال حول انتقاد الولايات المتحدة عدم اتخاذ اجراءات بشأن الهجمات ضد قواتها، ولماذا يصعب القبض على المسؤولين عن الهجمات ومحاكمتهم، قال الاعرجي ان "هناك أوامر وتعليمات واضحة جدا من الحكومة باعتقال ومحاكمة كل من يؤدي دورا في مهاجمة الأميركيين، وقد جرى القبض على الذين هاجموا السفارة الامريكية واعتقالهم، ويجري أيضا اعتقال بعض الذين هاجموا المستشارين الأميركيين في القواعد العراقية".
وعندما سئل عما إذا كان الوقت قد حان لمغادرة قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة العراق ام ان هناك سببا مقنعا لبقائها، قال الاعرجي ان "بمقدور القوات العراقية مواجهة داعش والتحديات الامنية الاخرى وهذا ما يدركه التحالف الدولي"، مضيفا ان "العلاقات بين العراق والتحالف الدولي ايجابية ونحن نتطلع الى ابقاء هذه العلاقات ودية. ونحن اصدقاء وشركاء. وهم يتواجدون هنا لأننا طلبنا منهم ان يكونوا هنا، وبعد عشر سنوات من حق العراق أن يعيد تقييم شروط هذا الوجود. وهناك لجنة تنسيق عليا عراقية امريكية ستقوم بتقييم تواجد الامريكيين والتحالف في العراق".
وتابع الاعرجي القول "نحن في انتظار نتائج هذه اللجان وبناء على التقارير سنتخذ الاجراءات اللازمة"، مضيفا ان "العراق يريد اقامة علاقات ثنائية منفصلة مع اعضاء التحالف الدولي، ولديه بالفعل اتفاق ثنائي مع الامريكيين، ونحن نتطلع الى تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول".
وقال الاعرجي "نريد حقا ان يكون هناك تعاون ثنائي مع الولايات المتحدة وجميع أعضاء التحالف الاخرين".
وردا على سؤال بأن الأميركيين يبدون مهووسين بنفوذ إيران في العراق، وما إذا كان هذا قلق مبرر، قال الاعرجي وهو يضحك "وإيران مهووسة بـ النفوذ الامريكي في العراق ايضا".
واضاف ان "وجهة نظر الحكومة العراقية هي اننا لا نؤيد التأثير الايراني او الامريكي على عملية صنع القرار العراقي، ولدينا علاقات جيدة مع إيران والولايات المتحدة، لكن الصراع بينهما يؤثر سلبا على العراق، ونأمل ألا يكون العراق ساحة معركة بالوكالة بالنسبة لهم". وختم قائلا "اعتقد ان اعادة العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران سيساعد ايضا في العلاقة بين العراق والولايات المتحدة وسيؤثر على العراق بشكل ايجابي بشكل عام".