يمكن العثور على الأوراق الخضراء الأطول عمراً في مملكة النبات داخل أجزاء من الصحراء الأقدم في العالم فقط، وهي صحراء «ناميب» المعروفة بشدة جفافها، على الحدود ما بين جنوب أنغولا وشمال ناميبيا. وفيما تلك الصحراء لا تعد المكان الأكثر ملاءمة لزراعة النبات المورق.
إلا أنها، مع ذلك، تشكل موطن نبتة «الفيليفيتشيا» التي يطلق عليها الأفارقة تسمية «الورقتان اللتان لا تموتان»، ذلك أنها تستمر في النمو بورقتين على مدى عمرها الذي يستمر لألوف السنين، وهو ما يشير إلى إمكانية تربية نبات أكثر صلابة وأقل عطشاً.
ويُعتقد أن العمر الأطول للنبتة الأشبه بالأخطبوط يفوق الـ 3 آلاف عام. وفي دراسة نُشرت أخيراً في مجلة «نايتشور كوميونيكايشن»، كشف الباحثون عن بعض الأسرار الجينية وراء الشكل الفريد لهذا النوع النباتي وطول عمره المديد ومرونته الشديدة.
القصة الكبرى
وعن تلك الدراسة، تنقل صحيفة «نيويورك تايمز» عن عالم النبات، تاو وان، في حديقة فيري لايك النباتية في شنزن بالصين، قوله: «إن جينيوم فيليفيتشيا منذ حوالي 86 مليون سنة، وبعد خطأ في انقسام الخلايا، تضاعف بالكامل خلال فترة من الجفاف المتزايد المطول في المنطقة»، مشيراً إلى أن «الإجهاد الشديد غالباً ما يرتبط بإحداث تكرار للجينوم».
وأضاف إن حصول النبتة على مزيد من المواد الجينية جاء بتكلفة، ذلك أن النشاط الأساسي للحياة هو تكرار الحمض النووي، وهذا أمر يستهلك طاقة. كما أن كمية كبيرة من جينوم النبتة هو عبارة عن «خردة» أي تسلسلات للحمض النووي ذاتية التكرار تسمى «الينقولات الراجعة»، وتلك الخردة يجب تكرارها وإصلاحها.
ويعتقد الباحثون أن «انفجاراً» في نشاط «الينقولات الراجعة» حدث منذ مليون إلى مليوني سنة بسبب شدة درجة الحرارة، وأن جينوم فيليفيتشيا خضع لتغييرات جينية واسعة النطاق أدت إلى إسكات تسلسلات الحمض النووي غير المرغوب فيها من خلال عملية تسمى «مثيلة الحمض النووي الريبوزي المنقوص الأكسحين».
وتلك العملية، جنباً إلى جنب، مع قوى انتقائية أخرى، خفضت إلى حد كبير من حجم وتكلفة الصيانة النشطة لعملية تكرار الحمض النووي، مما منح النبتة «جينوماً فعالاً للغاية منخفض التكلفة».
تعديلات وراثية
وأبعد من ذلك، وجدت الدراسة أيضاً أن النبتة لديها تعديلات وراثية أخرى مخبأة في أوراقها. ففي وقت تنمو أوراق النبات من رؤوس النبات، فإن رأس نبتة فيليفيتشيا يموت وتتدفق الأوراق من منطقة ضعيفة للنبتة، تسمى «النسيج القاعدي»، وهذا يزود النبات بخلايا جديدة.
ويعتقد أن حدوث نسخ كثيرة أو زيادة في نشاط الجينات يؤدي إلى تمثيل غذائي فعّال ونمو للخلايا ومرونة على النمو في ظل ضغوط بيئية شديدة.
وفي تعليق على الدراسة، قال عالم الأحياء النباتية في جامعة جورجيا بالولايات المتحدة، جيم لبيزنز ماك: «عندما نرى أن النبات قادر على العيش في هذه البيئة لفترة طويلة والحفاظ على حمضه النووي وبروتيناته نشعر حقاً أنه بإمكاننا العثور على ملمح لكيفية تحسين الزراعة».
البيان الإماراتية