بيئة

كيف تخطط الإمارات لاستجلاب الأمطار عبر التكنولوجيا؟

نعمة المطر تتضاءل يوماً بعد يوم بفضل التغيّر المناخي وحاجة الأرض للمياه لا تنضب.. في ظل طفرة التكنولوجيا تلجأ دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تسخير التكنولوجيا في استجلاب الأمطار لتملأ الأرض بخيراتها..كيف ذلك؟

كيف تخطط الإمارات لاستجلاب الأمطار عبر التكنولوجيا؟

أطلق برنامج الإمارات لأبحاث علوم الاستمطار مؤخراً مشروعاً رائداً عبر مركز أبحاث الطاقة الموجهة التابع لمعهد الابتكار التكنولوجي.

ويهدف هذا المشروع، الذي يترأسه الدكتور غيوم ماتراس، والذي حصل على منحة في دورته الخامسة، إلى استكشاف إمكانية استخدام تكنولوجيا الليزر لتحفيز هطول الأمطار.

ويتمحور التعاون بين البرنامج والمركز الوطني للأرصاد الجوية حول تحديد الجدول الزمني لتنفيذ المشروع وتحديد آليات الدعم الفني والتقييم اللازمة.

ويسعى مشروع ماتراس، الذي يجري تحت عنوان "تحفيز هطول الأمطار باستخدام الليزر وتكنولوجيا الاستشعار عن بعد"، إلى تقييم مدى جدوى إنشاء قنوات بلازما داخل السحب لتحفيز هطول الأمطار.

وتواجه هذه الدول الآن مشكلة كبيرة، كيف يمكنها حل مشاكل نقص المياه لديها؟

في الإمارات، يبلغ متوسط ​​هطول الأمطار في دولة الإمارات العربية المتحدة أقل من 200 ملم سنوياً، في تباين كبير مع متوسط ​​هطول الأمطار في لندن مثلاً، البالغ 1051 ملم وسنغافورة 3012 ملم.

في دولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً، يمكن أن تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية، نحو 122 درجة فهرنهايت، خلال فصل الصيف، حيث تغطي التضاريس الصحراوية 80% من المناظر الطبيعية في البلاد.

من شأن الحرارة الشديدة أن تؤدي إلى تفاقم مشاكل ندرة المياه وفرض قيود على الإنتاج الزراعي في البلاد.

وهذه المبادرة تأتي استمراراً لأبحاث سابقة في هذا المجال، وتتضمن تحقيقات مكثفة وتجارب معملية لفهم كيفية تفاعل البلازما المولدة بالليزر مع جزيئات الغلاف الجوي.

ويخطط فريق البحث لإجراء تجارب خارجية باستخدام جهاز ليزر نبضي عالي الطاقة إلى جانب نظام استشعار عن بعد لتحليل توزيع حجم قطرات السحابة والتركيب الجزيئي.

في السياق، أعربت مديرة برنامج الإمارات لأبحاث علوم الاستمطار، علياء المزروعي، عن حماسها لإطلاق المشروع، مؤكدة توافقه مع "مبادرة محمد بن زايد للمياه". وتهدف هذه المبادرة إلى تسريع الابتكار التكنولوجي في معالجة ندرة المياه وتوسيع التعاون الدولي.

وشددت المزروعي على حرص البرنامج على دعم المبادرات البحثية التي تعالج تحديات المياه العالمية، معربةّ عن تفاؤلها بشأن الجهود التعاونية مع فريق الدكتور ماتراس في تطوير علوم الاستمطار.

وقد أدى ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى زيادة الضغط على مناطق مثل الشرق الأوسط وبينها دول الخليج العربي، التي تعتبر معرضة بشدة لتأثيرات تغير المناخ.

وتنبهت الإمارات إلى هذه المشكلة، وبحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، خصص نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، منصور بن زايد آل نهيان، ما يصل إلى 20 مليون دولار للبحث في مجال تلقيح السحب.

وتعاونت دولة الإمارات مع المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في كولورادو ووكالة ناسا لوضع منهجية برنامج تلقيح السحب.

ومن المتوقع أن يعزز المشروع التعلم، ويعزز تبادل المعرفة، ويطور حلولًا مبتكرة في الفيزياء الدقيقة السحابية والرصد البيئي، بحسب القيّمين عليه.

تطوير البحث العلمي

بدوره، أعرب رئيس المشروع ماتراس عن امتنانه لحصوله على المنحة البحثية المرموقة، مبدياً حرصه على بدء تجارب البحث الميداني. ولا يهدف المشروع إلى رفع مستويات الجاهزية الفنية فحسب، بل يساهم أيضاً بشكل كبير في البحث العلمي في مجال الاستمطار.

يشمل هذا الجهد التعاوني باحثين من مراكز دولية مشهورة مثل معهد وايزمان للعلوم، والمختبرات الفيدرالية السويسرية لعلوم وتكنولوجيا المواد، ومعهد أدوات الشعاع بجامعة شتوتغارت.

ويطمح البرنامج من خلال هذا المسعى إلى بناء وتعزيز قدرات المجتمع البحثي مع تحقيق التقدم المستدام والتبادل المعرفي في علوم الاستمطار.

وفي تقديرات الأمم المتحدة أنه بحلول عام 2025، سيواجه 1.8 مليار شخص ندرة مطلقة في المياه في جميع أنحاء العالم.

وظهرت منطقة الشرق الأوسط كواحدة من أكثر المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي، حيث أن حوالي 83% من سكان المنطقة معرضون لمستويات عالية من الإجهاد المائي.

كيف سيحدث ذلك؟

يمكن لمراقبي احوال الطقس أن يرصدوا أنماط هطول الأمطار عبر مراقبة السحب وتحديد المناسب منها للبذور، بهدف زيادة معدل هطول الأمطار.

بمجرد اكتشاف السحابة المناسبة، يقومون بإرشاد الطيارين إلى الطيران بطائراتهم المخصصة لحمل مشاعل، تحتوي على مواد الترطيب، على أجنحة الطائرة.

تحتوي كل شعلة على حوالي 1 كيلوغرام من مكونات المواد الملحية والتي تستغرق ما يصل إلى ثلاث دقائق لتحترق وتنطلق إلى السحب الصحيحة. وبعد إدخال البذور إلى السحابة، يزداد حجم القطرات، متجاوزة قدرة السحابة على تحملها ضد الجاذبية، مما يؤدي إلى إطلاقها على شكل قطرات مطر.

خلال زيارة إلى المركز الوطني للأرصاد، قال المدير العام عبد الله المندوس إن التكنولوجيا "تعتمد على خلفية علمية".

وأضاف المندوس أن برنامج أبوظبي لا يستخدم إيوديد الفضة silver iodide، وهي مادة شبيهة بالبلور شائعة الاستخدام كعامل بذر في بلدان أخرى. وقد تعرضت برامج استخدام هذه المادة لانتقادات واسعة النطاق بسبب آثارها الضارة المحتملة على البيئة والجمهور. ومع ذلك، تظهر بعض دراسات تلقيح السحب أنه لا يوجد دليل ملموس يثبت أنها تشكل أي آثار سامة عند المستويات الحالية.

وأكد المركز الوطني للأرصاد أنه لا يستخدم أي مواد كيميائية ضارة في عملياته. وقال المركز: "طائراتنا المتخصصة تستخدم الأملاح الطبيعية فقط، ولا تستخدم أي مواد كيميائية ضارة".

بدوره، أكد قال أن المركز بدأ في تصنيع مادة البذر الخاصة به والتي تسمى مادة النانو، وهي عبارة عن ملح ناعم مطلي بأكسيد التيتانيوم، وهو أكثر فعالية مما يستخدم حالياً.

يقرأون الآن