حلت ذكرى سقوط العاصمة العراقية بغداد على يد القوات الأميركية والبريطانية هذا العام، في ظروف قاسية جدا على العراقيين، لناحية الأمن والوضع الإقتصادي.
ويستذكر العراقيون في ذاك اليوم مشاهد دخول القوات الأميركية إلى قلب العاصمة بغداد، بعد أن أعلن الرئيس الأميركي حينها جورج بوش الابن، في 20 آذار/مارس 2003، انطلاق عملية سماها "عملية حرية العراق".
وتتباين توصيفات المحللين والمراقبين العراقيين، تجاه ما آلت إليه أوضاع البلاد، خلال العقدين الماضيين، خاصة في ظل سيطرة أحزاب قليلة على مقاليد الحكم، وهو ما أثار تساؤلات عما إذا كان العراق تحول من حكم الفرد الواحد، إلى حكم أقطاب الديكتاتوريات.
وعلى الرغم من أن العراق بلد غني بالنفط، لا يزال ثلث سكانه البالغ عددهم 42 مليونًا يعيشون في الفقر، أما البطالة فهي مرتفعة في أوساط الشباب، فيما يحتج العراقيون كذلك على النزاعات السياسية والنفوذ الإيراني في بلدهم.
لكن وسط هذا الاستقرار النسبي، يخيم شبح نقص الخدمات والفساد، فيما يلوح في الوقت نفسه في الأفق خطر التغير المناخي ونقص المياه والتصحر.
ارجع مراقبون للشأن السياسي عدم مطالبة العراق من اميركا وبريطانيا تعويضات الغزو عام 2003، الى جملة من الاسباب اهمها هو اسقاط النظام السابق والذي كان اهم عامل للاحزاب المشاركة في الحكم منذ عام الغزو حتى العام الجاري 2024 .
وقال الخبير الاستراتيجي علاء العزاوي في حديث صحفي ان العامل الاخر هو عدم وجود رغبة من قبل احزاب المحاصصة لتقديم طلب التعويضات مما لحق بالعراق جراء الغزو الاميركي ، وان العامل الثالث هو تسلم احزاب الحكم التعويضات من ميزانية العراق ،فضلا عن تعويض المواطنين جراء سياسات النظام السابق والغزة للكويت عام 1990 .
ولفت الى ان العامل الاهم هو اعتراف الجانبين الاميركي والبريطاني والاعتراف المدوي جاء من توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الذي اعلنها صراحة ،عدم وجود اسلجة دمار شامل في العراق والذي دعم الرئيس الاميركي جورج بوش ، لكن بحسب العزاوي ان السياسيين اسقطوا التعويض بعد معاهدات عسكرية استراتيجية، واستلامهم التعويضات من المال العراقي فضلا عن تقلدهم المناصب حتى اللحظة .
وكشفت وثائق بريطانية أن لندن كانت واثقة من عدم صحة مزاعم امتلاك العراق أي قدرة على الحصول على أسلحة دمار شامل أو صواريخ بعيدة المدى، قبل غزوه بعامين على الأقل.
وتعد وثائق مجلس الوزراء البريطاني، التي أفرج عنها، الأولى من نوعها التي تثبت علم رئيس الوزراء البريطاني، آنذاك، توني بلير بخلو العراق من أي قدرات لامتلاك أسلحة محظورة وفقا لقرارات الأمم المتحدة الصادرة قبل وبعد إخراج الجيش العراقي من الكويت في شهر فبراير/شباط عام 1991 في أعقاب عملية سميت باسم عاصفة الصحراء.
وكانت الولايات المتحدة قد بدأت الغزو، بدعم قوي من حكومة بلير، بعملية جوية في مثل هذا اليوم التاسع عشر من شهر مارس/آذار عام 2003، بزعم أن صدام كان يخفي أسلحة دمار شامل، ما يجعل نظامه تهديدا للسلم في الشرق الأوسط والعالم.
اسلحة دمار شامل
وفي هذا الوقت، عرضت الإدارة الأميركية ما زعمت أنها أدلة دامغة على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل. ولم تعبأ الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما بتحذير العراق من الترويج الأميركي للحرب عليه بلا أي مبرر.
بعد انتهاء الحرب، التي أدت إلى تدمير العراق ونزوح ملايين العراقيين وإسقاط نظام صدام حسين، تبين أن ادعاءات وجود أسلحة دمار شامل لدى النظام بلا أساس.
فيما أحدثت عملية غزو العراق متغيرات جوهرية على واقع المنطقة الإقليمية بما اتصل بهذه العملية من انعكاسات متباينة الشدة والتأثير حاقت بواقع ومستقبل الدول الإقليمية المحيطة بالعراق وفقا لمراقبين.
وقالوا أن المنطقة تأثرت بنتائج الغزو باتجاهين مختلفين، الأول عمل لصالح استقرار أنظمتها السياسية رغبة في الإبقاء على تماسكها الاجتماعي، في حين دفع الاتجاه الثاني إلى ضرورة تبني خطوات ديمقراطية أولية لتجنب الذهاب إلى شرخ اجتماعي سياسي.
لكن الأمر اختلف في الحالة السورية التي لا يلقى نظامها السياسي رضى الغرب، لذا كانت أكثر الدول الإقليمية تأثرا بنتائج الغزو وتداعياته.
ولفتوا الى، أن عملية الغزو أفرزت تداعيات ملموسة على دول المنطقة الإقليمية، منها ما اتصل بمسألة توازن القوى الإقليمي لصالح تسيد قوتين إقليميتين غير عربيتين، فضلا عن ذلك فقد حدثت تبدلات في العلاقات السياسية التي حكمت دول المنطقة.
معادلة التوازن
وارجعوا أن غزو العراق أخرج القوة العراقية من معادلة التوازن المكافئ للقوة الإسرائيلية وهي في طريقها للهيمنة إقليميا بما يضمن تفوقها المطلق.
لكن هذا لم يعفي الدول الإقليمية من تلقيها انعكاسات التشظي العراقي بما قد يفضي إلى تأثيرات على توجهات نخبها السياسية ونسيجها الاجتماعي، وبما يرسم أدوارا سياسية جديدة لدول المنطقة ربما لا تكون متناغمة مع اتجاهاتها السابقة.
وقبل نحو شهر من انطلاق حرب غزو العراق، شهد العالم مسيرات احتجاج مليونية وصفها مراقبون بأنها أكبر احتجاجات مناهضة للحرب في التاريخ. واختار ناشطو السلام يوم 15 فبراير/شباط 2003 للخروج بمئات المسيرات.
وفي محاولة لثني أميركا عن غزو العراق عام 2003، وافق صدام حسين على الاستجابة لمطالب الأمم المتحدة بتدمير صواريخ الصمود 2 في 22 فبراير/شباط 2003.
وقالت فورين أفيرز إن بابا الفاتيكان فرانشيسكو قام بزيارته التاريخية الأخيرة للعراق ليس فقط بوصفه قسا، بل جاءها “نادما وطالبا الغفران” عن الغزو الأميركي عام 2003 وما خلفه من إراقة دماء وإشاعة الفوضى.
سيناريو العراق
يقول المسؤولون الأميركيون إن التكتيكات الإسرائيلية كانت أكثر فعالية مما كانوا يعتقدون، خاصة في اختراق شبكة الأنفاق بأقل قدر من الخسائر الإسرائيلية، ولكن إسرائيل لم تبدأ حتى بالتفكير في مخرج قابل للحياة، وكما هو الحال في العراق، يوجد بالفعل علامات تشير إلى تصاعد التمرد، وظهور جيل جديد من المسلحين، وهو ما يمكن أن يربك إسرائيل لسنوات.
وفي الواقع، ورغم الانتقادات العلنية لحملة الأرض المحروقة العسكرية التي شنتها إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، يقول المسؤولون الأميركيون إن ما يزعجهم أكثر من الكارثة الإنسانية المستمرة هو فشل إسرائيل الكامل في التفكير في ما ستفعله في غزة حتى بعد يوم واحد.