يبدو أنّ شركة "نستله" تعيش أسوأ أيّامها، وعلامات استفهام كثيرة تُحيط بها. فبعد فضيحة حليب الرضّع والتلاعب بمستويات السكّر في المنتج في الدول الفقيرة، جاءت قصّة تلف جزء من إنتاج المياه المعبّأة "بيرييه"، لتفتح العيون عليها مجدّداً وتُعيد المخاوف حول هشاشة الأمن الغذائيّ.
هذا الاعتراض على سلوكيات الشركة ليس وليد اليوم، بل شهدت شركة إنتاج المياه المعدنية التي تمتلك أيضاً في فرنسا علامات "فيتيل" و"كونتريكس" و"إيبار" ضغوطاً منذ نهاية كانون الثاني، عندما اعترفت بأنّها استخدمت معالجات محظورة بالأشعة فوق البنفسجية، وفلاتر بالكربون المنشّط في بعض مياهها المعدنية للحفاظ على "سلامتها الغذائيّة".
في 19 نيسان الجاري، أبلغ المحافظ شركة "نستله" بوجوب "تعليق استخدام أحد مستجمعات المياه التابعة لها في "فيرجيز"، وفق ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
وشهد هذا المستجمع تلوّثًا منذ 10 آذار 2024 وعلى مدى أيّام عدّة بجراثيم تبيّن وجود تلوّث من أصل برازي "القولونيات، الإشريكية القولونية"، بالإضافة إلى جراثيم نوع "الزائفة الزنجارية".
من جهتها، أكّدت "نستله ووترز" أنّ "مئات الحزم" الكبيرة التي تُسلّم عادةَ إلى المتاجر، أُتلفت "على سبيل الاحتراز".
ولكن ماذا عن الكميات الموجودة في لبنان؟ هل سيتمّ سحبها أيضاً من الأسواق أم إنّ الشحنة الملوّثة لم تصل بعد؟
تؤكّد شركة "نستله" لـ"النهار" أنّ جميع زجاجات مياه "بيرييه" المعدنية الطبيعية الموجودة على الرفوف ولدى عملائنا في لبنان صالحة للشرب وآمنة. ولم يخرج من فرنسا أيّ من المنتجات المعنية التي تصدرها الشركة، وأتلفت احترازياً، لأنّنا نؤمن أنّ سلامة الأغذية وجودتها هي من أولوياتنا".
وعن مخاطر التعرّض لهذه البكتيريا والطفيليات على صحة الإنسان؟ وكيف يمكن الوقاية من هذا التأثير السلبيّ؟
يوضح الأستاذ والباحث في علوم الغذاء في الجامعة اللبنانية الأميركية حسين حسن أن البكتيريا التي تنتقل من البراز إلى المياه تكون بسبب تلوّث المياه بمواد عضويّة (براز بشريّ أو حيوانيّ). وتتسرّب المياه الملوّثة بالبراز عبر الآبار والينابيع والأنهار والتي تُعتبر مصدراً للمياه المستخدمة للريّ أو للشرب أو في الصناعة".
إنّ استخدام هذه المياه الملوثة يؤدّي إلى نقل العدوى (الإشريكية القولونية- السالمونيلا - الشيغيلا) والتي تكون مسؤولة عن الإصابة بأمراض منقولة غذائياً أو ما يُعرف بالتسمّم الغذائيّ. وتُسبّب هذه العدوى ظهور عوارض صحية عديدة أهمّها الإسهال، التقيّؤ، التهاب في الأمعاء... والخوف وفق حسن "أن تكون هذه العوارض شديدة حيث يمكن أن يؤدّي الإسهال الحادّ على مدى أيام إلى جفاف الجسم وربما الوفاة، خصوصاً عند الرضّع أو كبار السنّ أو الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة".
وعن أنواع البكتيريا والطفيليات التي يمكن انتقالها من المياه إلى المشروبات والطعام، يشرح حسن أنّ بكتيريا "الإيكولاي" أو "الإشريكية القولونية" موجودة في أمعاء البشر والحيوانات وتُعتبر بكتيريا جيّدة تساعد على الهضم، ولكن عند إخراج البراز من أجسامنا تصبح هذه البكتيريا شرسة. تختلف أنواع البكتيريا التي يمكن انتقالها، إلّا أنّ أبرزها يتمثّل بالسالمونيلّا، الشيغيلا، الإيكولاي والإشريكية القولونية.
أمّا بالنسبة إلى الطفيليات، فهناك Giardia Lamblia وCryptosporidium التي تُسبّب التهابات للجهاز الهضميّ.
وفي خضمّ تكاثر البكتيريا والطفيليات ومصادر التلوّث المختلفة التي تُحيط بنا، يبقى السؤال الأهمّ ما الذي يمكن فعله لتجنيب هذا التلوّث الغذائيّ والمائيّ؟
يشدّد حسن على أهمية اتباع هذه النصائح والتي تتمثّل بـ:
* معرفة مصدر المياه المستخدمة سواء أكانت للشرب أو للريّ أو للطهي، وأيّ مياه مشبوهة المصدر من الضروريّ تجنّبها بالاستخدام اليومي (الاستحمام) أو الطهي.
* تعقيم المياه وغليها جيّداً كوسيلة فعّالة للتخلّص من البكتيريا والطفيليات.
* التركيز على أهمية النظافة الشخصية كغسل اليدين جيّداً قبل وبعد الأكل.
* تجنّب التلوّث العابر من خلال استخدام ألواح تقطيع عند تحضير الطعام النيء والمطبوخ تفادياً لنقل العدوى.
* طهي الطعام جيّداً ( خاصة اللحوم – الدجاج – الخنزير- الأسماك)
* التخزين الجيّد (الحرارة اللازمة لتخزين اللحوم والألبان والأجبان والبيض وغيرها من الأطعمة التي يمكن أن تصبح ملوّثة بالبكتيريا عند سوء تخزينها.
* زيادة الوعي حول مخاطر هذا الموضوع وكيفية اتّخاذ التدابير الوقائية لتفادي هذا التلوّث.