News

حُكِم بالسجن 42 عاماً.. من هو صلاح الدين دميرتاش؟

حُكِم بالسجن 42 عاماً.. من هو صلاح الدين دميرتاش؟

أحدث الحكم الذي أصدرته محكمة تركية بحق الزعيم الكردي ‏البارز صلاح الدين دميرتاش ردود فعل واسعة النطاق في ‏البلاد، وصبّت بمعظمها في إطار الغضب والتنديد والتأكيد ‏على أن ما حصل "ذو دوافع سياسية لا قانونية".‏

دميرتاش يقبع في السجن منذ عام 2016، ورغم أن ‏‏"المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" طالبت تركيا أكثر من ‏مرة بالإفراج الفوري عنه مع دفع تعويضات مالية، فإنها لم ‏تلق استجابة.‏

وعلى العكس قوبل طلبها في أكثر من مناسبة بلغة قاسية ‏أبداها الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان وحلفائه ‏القوميين، معتبرين أن ما يطالبون به "ليس ملزما".‏

ونص الحكم الذي صدر مساء الخميس بسجن دميرتاش 42 ‏عاما، وسياسية كردية بارزة أخرى بالسجن لما يزيد قليلا عن ‏‏30 عاما.‏

كما أدينت العديد من الشخصيات البارزة الأخرى في حزب ‏‏"الشعوب الديمقراطي" الكردي من بين إجمالي 108 متهمين ‏اتُهموا بـ 29 جريمة، بما في ذلك "القتل والإضرار بوحدة ‏الدولة التركية".‏

وتمّت تبرئة ما لا يقل عن 10 متهمين آخرين من التهم ‏الموجهة إليهم، ومن المتوقع حسبما ذكر سياسيون أكراد ‏الجمعة أن يستأنفون الأحكام في الأيام المقبلة.‏

من هو دميرتاش؟

سياسي كردي بارز يقبع خلف القضبان منذ تشرين الثاني ‏‏(نوفمبر) 2016، بعدما وجهت اتهامات له تتعلق بالإرهاب، ‏في إشارة إلى صلاته بـ"حزب العمال الكردستاني"، المحظور ‏في البلاد ودول غربية.‏

ويرتبط الحكم الذي صدر بحقه الخميس بشكل أساسي بما ‏يعرف بـ"أحداث احتجاجات كوباني"، وهي بلدة سورية تقع ‏شمال البلاد وشهدت معارك عنيفة بين المقاتلين الأكراد في ‏سوريا وتنظيم "داعش"، عام 2014.‏

ولد في منطقة بالو التابعة لآلازيغ شرقي تركيا عام 1973، ‏ودرس في كلية الحقوق بجامعة أنقرة، وأصبح في بدايات ‏نشأته القانونية عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة حقوق ‏الإنسان التركية في مدينة ديار بكر.‏

وبعد ذلك صعد ليشغل منصب رئيس اللجنة، وأسس مكتب ‏ديار بكر لمنظمة العفو الدولية، في تلك الفترة، حسبما تشير ‏تقارير متقاطعة لوسائل إعلام تركية.‏

خلال فترة شبابه تعرّض لأكثر من مرة للاعتقال، بسبب ‏المسار الذي كان ينشط فيه وهو الدفاع عن حقوق الإنسان.‏

وفي السنة الأولى من حياته السياسية، التي بدأها بهدف ‏التوصل إلى حل سلمي للمشكلة الكردية، تم انتخابه عضوا في ‏البرلمان عن ديار بكر في 22 تموز (يوليو) 2007 عن ‏حزب "المجتمع الديمقراطي اليساري" الكردي، حسبما توضح ‏السيرة الذاتية المخصصة له بموقع إلكتروني.‏

في عام 2009 اتهم من قبل السلطات والمحكمة الدستورية ‏العليا بالارتباط مع حزب "العمال الكردستاني" الذي يخوض ‏تمردا ضد الدولة التركية منذ 1984.‏

ومن ثم أصبح نائبا عن حزب "السلام والديمقراطية" اليساري ‏الكردي الذي حظرته المحكمة المذكورة لذات السبب.‏

شارك في عام 2012 في تأسيس حزب "الشعوب ‏الديمقراطي"، وتم انتخابه في 2014 رئيسا مشتركا مع فيجن ‏يوكسداغ، التي اعتقلت معه في 2016، وصدر حكم بحقها ‏يوم الخميس.‏

وبعدما انخرط في تلك المحطة السياسية الهامة شارك في ‏الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 10 آب (أغسطس) ‏‏2014 كمرشح للرئاسة عن "الشعوب الديمقراطي"، وحصل ‏على 9.8 بالمئة من الأصوات.‏

وفي الانتخابات التي أجريت في 7 حزيران (يونيو) 2015، ‏حقق حزبه نجاحا كبيرا بحصوله على 80 نائبا بنسبة 13.1 ‏بالمئة من الأصوات.‏

ما قصته "أحداث كوباني"؟

في أيلول (سبتمبر) 2014 وبينما كان تنظيم "داعش" يشن ‏هجوما على مدينة كوباني التي كان يسيطر عليها آنذاك حزب ‏‏"الاتحاد الديمقراطي" الكردي في سوريا شهد الطرف الآخر ‏من الحدود احتجاجات و"فعاليات دعم" سرعان ما تطورت ‏إلى أعمال شغب وقتل.‏

وتتنظر تركيا إلى "الاتحاد الديمقراطي" منذ بداية تأسيسه في ‏سوريا على أنه "الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني"، ‏وهو الأمر الذي ينفيه الحزب الكردي.‏

وجاء تنظيم الاحتجاجات ردا على عدم استجابة دعوات ‏مسؤولي "الشعوب الديمقراطي" بفتح ممر إلى كوباني عبر ‏الحدود، حتى تصل المساعدات العسكرية من مناطق أخرى ‏في شمال سوريا ومن جانب حكومة إقليم كردستان العراق.‏

كما طالب مسؤولو "الشعوب الديمقراطي" حينها بالسماح ‏لمقاتلين أكراد أتراك بالدخول إلى البلدة الواقعة على الحدود، ‏من أجل مساندة نظرائهم هناك.‏

وتطورت الاحتجاجات وخاصة في المدن الشرقية والجنوبية ‏الشرقية إلى اشتباكات بين القوات الأمنية والمتظاهرين، ما ‏أسفر عن قتلى وجرحى.‏

وبحسب البيانات الرسمية، فقد 37 شخصا أرواحهم وأصيب ‏‏761 شخصا، بينهم 326 من رجال الأمن، في الحوادث التي ‏وقعت في 35 إقليما و96 منطقة.‏

وجاء في هذه البيانات، أنه تم إحراق 197 مدرسة، وتدمير ‏‏269 مبنى عام، ونهب 1731 منزلا ومكان عمل، وتضرر ‏‏1230 مركبة.‏

وعلى إثر ذلك فتح القضاء سلسلة تحقيقات، وبعدما استهدفت ‏عدة مسؤولين ونوابا في "الشعوب الديمقراطي" وصلت إلى ‏دميرتاش في 2016، حيث تم رفع حصانته البرلمانية ومن ثم ‏اعتقاله.‏

وفي شهادة أدلى بها عام 2023، انتقد دميرتاش القضية ‏ووصفها بأنها محاكمة "انتقامية"، وقال "لا يوجد دليل واحد ‏عني. هذه قضية انتقام سياسي، لم يتم اعتقالنا قانونيا، كلنا ‏رهائن سياسيون".‏

لكن السلطات حملته مسؤولية الوقوف وراء وراء ‏الاحتجاجات وأحداث الشغب ودعوة المتظاهرين للنزول إلى ‏الشوارع، وتحريضهم ضد الدولة التركية.‏

ما أصداء الحكم داخليا؟

وكان حزب "الشعوب الديمقراطي" قد تعرض لعدة ضغوط ‏ودعاوى قضائية خلال السنوات الماضية، بسبب الاتهامات ‏الموجهة له والمتعلقة بالارتباط بـ"العمال الكردستاني".‏

ولم يدخل في الانتخابات الأخيرة باسمه، وتحول بشكل غير ‏مباشر إلى اسم آخر حمل اسم حزب "المساواة وديمقراطية ‏الشعوب".‏

وجاء في بيان مشترك للرئيسان المشاركان له تونجر ‏باكيرهان وتولاي أوروج أنهم لا يعترفون بالأحكام الصادرة، ‏وبينها المتعلقة بدميرتاشز

واعتبر المسؤولان أنه وبالأحكام الصادرة "تمت محاولة محو ‏حزب الشعوب الديمقراطي والسياسيين الأكراد والثوريين ‏والديمقراطيين من المشهد السياسي".‏

وفي إشارة إلى أن الحكومة لم تفهم "رد فعل الشعب" في ‏انتخابات 31 آذار (مارس)، أضاف باكيرهان: "نحن الأكراد ‏والعمال والفقراء سنهزم هذه القرارات القذرة كما هو الحال ‏دائما".‏

وأضاف: "بالتأكيد سوف نحرر أصدقائنا يوما ما. وعلى من ‏يتخذ هذا القرار أن يعلم جيدا أن تلك الأيام ليست ببعيدة".‏

ووصفت تولاي أوروج الأحكام بأنها "مذبحة قانونية".‏

وقالت: "كما تمت كتابة لائحة الاتهام في القصر ومقر حزب ‏الحركة القومية، فقد تمت كتابة هذا القرار (الأحكام) أيضا من ‏قبل نفس المجموعات".‏

واعتبرت أيضا أنه "لا يوجد شيء اسمه قضاء في تركيا. ‏والآن حدث انقلاب قانوني آخر وانقلاب سياسي. أصدقاؤنا ‏الذين حوكموا برئوا في ضمير العالم أجمع. نحن لا نعترف ‏بقرارات الفاشية، فهي لاغية وباطلة".‏

وانتقد رئيس حزب "الشعب الجمهوري"، أوزغور أوزيل، في ‏لقاء أجرته قناة "سوزجو" التلفزيونية العقوبات المفروضة ‏على صلاح الدين دميرطاش وفيجن يوكسكداغ (الرئيسان ‏السابقان لحزب الشعوب).‏

واعتبر أن "قضية كوباني هي قضية سياسية".‏

في المقابل، قال النائب السابق لحزب "العدالة والتنمية" ونائب ‏وزير الداخلية بولنت توران: "تم تحقيق العدالة، وهناك تبرئة ‏وعقاب. حظا سعيدا".‏

واستشهد توران عبر حسابه في "إكس" بالخطاب الذي ألقاه ‏أمام البرلمان في أكتوبر 2021، وأضاف: "قلنا أنه ‏سيحاسب! ولا يمكن تمييع القانون والعدالة بتغريدات

رومانسية مرسلة من السجن، ولا يستطيع أحد استفزاز ‏الشوارع من أجل طموحاته السياسية".‏

يقرأون الآن