لا يخفي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضيقه من الدستور التركي، رغم تعديلاته التي أشرف عليها، لكنها حتى لم ترضِ رغبته العميقة بإحداث تغيير "جذري" يقضي على ما وصفه بـ"روح الوصاية" التي كتبها آباء الدستور التركي "الجمهوري".
لا نغفل أننا الآن في بحر عام 2024 الذي تحل فيه الذكرى المئوية الأولى لسقوط السلطنة العثمانية، أو "الخلافة" وهي ذكرى لها دلالتها الموحية!
قبل أيام جدد الرئيس إردوغان عزمه على وضع دستور جديد للبلاد قائلاً: إن الدستور الحالي الذي يحمل روح الانقلابات والوصاية لا يمكنه أن يحمل تركيا إلى قرنها الجديد، وإنه لا يريده من أجل نفسه. وقال إردوغان: إن الدستور الحالي "لا يناسب تركيا الجديدة، ورغم كل ما فعلناه وما أدخلناه من تعديلات على هذا الدستور، لم نتمكن من القضاء على روح الوصاية".
سنصدق كلام الرئيس إردوغان ونقول: إنه لا يسعى إلا لصالح تركيا فقط وليس لمنافعه الشخصية والحزبية، وإنه يضمر أجندة فكرية، مخططاً لها مسبقاً على مراحل، سنرفض كل هذه الشكوك والظنون، وأن بعض الظن إثم وإفك.
الرجل صادق، ونيته أصفى من قطرات المطر في قمم جبال السودة بعسير! لكن لماذا لا نعمل نفس هذه القراءة الصافية، ونفترض النية الصادقة في مراعاة الصالح العام للوطن في خطاب أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح الذي وجهه للكويتيين مؤخراً راسماً للبلاد خريطة طريق جديدة نحو المستقبل؟! الشيخ مشعل "الوالد العود" في الكويت قال في خطابه التاريخي حول إصلاح الدستور الكويتي إنه من أجل: "تصحيح المسيرة ومعالجة الاعوجاج وسد النواقص التي كشف عنها التطبيق العملي لنصوصه طوال 62 عاماً الماضية من دون تعديل".
ونبه أمير الكويت في خطابه هذا إلى أن: "الدستور الكويتي سُمح بتعديله وإعادة النظر في أحكامه بعد مرور 5 سنوات من العمل به مما يدل على حصافة أعضاء المجلس التأسيسي وبعد نظرهم... فكيف يجمد تعديل الدستور وهو يسمح بإعادة النظر بأحكامه"؟
لماذا يبيح بعض أتباع "الإخوان" خارج وداخل الكويت، وأتباع الحركات الشيعية الإسلاموية داخل وخارج الكويت، مع لفيف من المنتفعين من الوضع السابق، لأسباب شخصية وغير شخصية... لماذا يبيح كل هؤلاء التشكيك في صدق نية الخطاب الأميري، وشرعية هذه الخطوات (في نفس اللحظة التي يدافعون فيها عن صنيع إردوغان، المتكرر) بالدستور الكويتي... أو يتحالفون مع من يدافع عن الإردوغانية؟! لن نتحدث عن الفوارق الجوهرية الموضوعية بين الحكمين الكويتي والتركي.
فما لكم كيف تحكمون؟!
الشرق الأوسط