نتطلع إلى حلم قريب يُحدث نقلة نوعية في ربوع الوطن الحبيب؛ حيث بذل جهود مضنية متوالية من أجل بناء محطة للطاقة النووية بمنطقة الضبعة على أحدث النظم التشغيلية والأمانية في العالم بالاستعانة بالخبرات الروسية، ومن ثم تتعالى الآمال حيال هذا الحدث الذي يفي بالاحتياجات المصرية من الطاقة الكهربائية أملًا في سد الفجوة المتزايدة بين المعروض والمتوافر منها وزيادة الطلب المتزايد عليها.
والدول المتقدمة ومنها جمهوريتنا الجديدة دومًا ما تتبنى مخططات استراتيجية لا تستهدف حل مشكلات بصورة مؤقتة، بل تسعى لتلبية الاحتياجات الآنية والمستقبلية على السواء؛ فلم تعد مقومات مصادر إنتاج الطاقة في صورتها التقليدية كافية لتضخم سكاني ممتد، ولصناعات متطورة فتح المجال وأطلق العنان لها بتوفير الدعم اللوجستي؛ لتحقق الهدف المنشود منها؛ فرصيد الكهرباء في مصر بات يتم توفيره اعتمادًا على الغاز الطبيعي بنسبة كبيرة، وبنسبة محدودة على الطاقة الكهرومائية.
ولدى الدولة مقومات فريدة من أجل حصولها على الطاقة النووية؛ فهناك البنية التحتية والمورد البشري المدرب على التكنولوجيا النووية، والخبراء من الدولة الروسية الذي يساهمون في تحقيق الحلم المصري وفق مخطط استراتيجي ترعاه الدولة المصرية، وتهتم به القيادة السياسية المصرية والروسية على السواء، ليس من أجل سد عجز الطاقة فقط، بل رغبة في استكمال نهضة التقدم في المجالات الاقتصادية المختلفة وفي مقدمتها التنمية الصناعية بتنوعاتها والاستثمار في تصدير الفائض منها.
وثمت ميزة في الطاقة الكهربائية التي يتم توليدها من محطة الضبعة النووية مشروع مصر القومي تتمثل في ثبات الأسعار مقارنة بتكاليف الوقود المتغيرة سواءً أكانت بترولًا، أم غازًا، أم فحمًا؛ فمن المعلوم أن تكلفة اليورانيوم كوقود نووي رئيس يعد نسبيًا قليل مقارنة بالتكلفة الإجمالية لإنتاج الطاقة في المحطات النووية.
ولندرك تمامًا أن الطاقة النووية باتت آمنة ومن المصادر المستدامة التي تحقق التنمية الشاملة في مجالاتها المختلفة، ومن ثم تزداد فرص العمل في شتى مجالاته، كما تؤثر إيجابيًا على التغيرات المناخية؛ إذ تسهم بصورة كبيرة في الحد من مركبات الكربون التي تسببها مصادر الطاقة الأخرى وخاصة الأحفورية، كما أن تأمين محطات الطاقة النووية أصبحت كبيرة وفق أقصى درجات الأمان ومواصفاته القياسية.
ومن ثمرات الطاقة النووية في بلادنا الغالية أنها تساعد في العمل على تنويع مصادر الطاقة ومن ثم استدامتها، وتزيد من المخزون الاستراتيجي لكل من النفط والغاز الطبيعي، وفي المقابل يتم توظيف المخزون المصري من اليورانيوم، ناهيك عن استثمار الكفاءات المصرية الماهرة في هذا المجال الذي أضحى يحمل الخير لمستقبل الأجيال باعتباره مصدرًا مهمًا من مصادر الطاقة المتجددة التي تحقق الفائدة المرجوة منها.
والدولة المصرية في خضم رؤيتها الاستراتيجية الطموحة تتبع المنهج الاستباقي في معالجة المشكلات التي عانت منها على مر سنوات طوال؛ فقيادتها الرشيدة دومًا ما تسعى جاهدة لتبني الخبرات العالمية المتقدمة التي ثبت بالتجربة نجاحها؛ فتوجه وتراعي وتتابع عن كثب تنويع مصادر الطاقة المتجددة في ربوع الوطن الكبير؛ لذا كان هناك اهتمام واضح حيال شراكة الدولة الروسية في تدشين مشروع الضبعة وفق أحدث النظم التي تجمع بين الكفاءة والأمان في آن واحد.
ومن بوادر تحقيق الحلم المصري في الحصول على الطاقة النووية أن الدولة تمتلك استراتيجية للطاقة تقوم على مبادئ واضحة من حيث ما تتبناه من تشريعات تسهم مواكبة تطوير مصادر الطاقة المتجددة في شتى قطاعات الدولة التنموية، كما أن هناك تنسيق بين وزرات وهيئات الدولة من أجل الحصول على الطاقة التي تلبي احتياجات المواطن، بل وتشجع على الاستثمار في كافة مناحيه، ناهيك عن توظيف موارد الوطن بشكل فاعل.
وحري بالذكر أن رؤى القيادة السياسية تقوم على مبدأ واضح وشفاف في مقصده، يتمثل في تلبية الاحتياجات الآنية مع الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة؛ حيث إن استشراف المستقبل من أولويات الدولة التي تسعى للنهضة والتقدم، ومن توفر مقومات الأمن والأمان سواءً ارتبطت بالمناخ والبيئة، أم تعلقت بالمقدرات المادية التي تعين الإنسان على البقاء والاستمرارية، ومن ثم تتبني فكر الاستدامة في مواردها الطبيعية وغير الطبيعية؛ فتعمل على تعظيمها بالطرائق والاستراتيجيات التي تعتمد في كليتها على التقدم التقني المتسارع.
ونثمن ما نره ونرصده من شفافية تجاه ما تقوم به الدولة من مشروعات قومية كبرى تستهدف نهضة الوطن وتحقيق جودة الحياة لقاطنيه، وهذا يؤكد على ضرورة الشراكة والتضافر مع مؤسسات الدولة؛ حيث إن الاصطفاف خلف الدولة وقيادتها بات فرض عين في ظل تحديات تزداد وطأتها يومًا تلو الأخر؛ لكننا نعي ونثق أن قيادتنا السياسية الرشيدة حريصة على استكمال مسار البناء والإعمار والنهضة مهما كره الكارهون وتآمر المتآمرون.. ودي ومحبتي.
حفظ الله أبنائنا ووطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.