تعتقد إيران أن تأخير المحادثات النووية مع القوى العالمية الكبرى سيجعلها أكثر قوة على طاولة المفاوضات، بحسب تقرير لصحيفة "ذا ناشيونال إنترست"، ولكن التساؤل الذي تطرحه الصحيفة في تقريرها يتعلق بـ"الوقت الذي يمكن أن تنتظره الدول الغربية لانضمام طهران مرة أخرى إلى محادثات فيينا".
ومنذ يونيو الماضي، وفي الأيام الأخيرة لحكم الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، توقفت المفاوضات غير المباشرة التي بدأت في أبريل بين إيران والولايات المتحدة في فيينا بهدف إعادة إحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018.
وفي 3 أغسطس الماضي، تم انتخاب الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، الذي قال في حفل تنصيبه: "يجب رفع العقوبات عن الأمة الإيرانية، ونحن ندعم أي خطة دبلوماسية لتحقيق ذلك".
وبينما كان الدبلوماسيون الأميركيون قد استعدوا لاستئناف المحادثات عندما تولى رئيسي الرئاسة، أوقف المسؤولون الإيرانيون المفاوضات في وقت كانت الإدارة الجديدة في طهران تشكل حكومتها وتحدد سياساتها.
وتحتاج إيران إلى المفاوضات مع الغرب لتخفيف العقوبات المرهقة التي أعاقت اقتصادها، والتي جعلها رئيسي محور جدول أعماله، لكنها ليست في عجلة من أمرها لاستئناف محادثات فيينا، وليس لدى المحللين سوى القليل من الأدلة على رغبة إيران في التفاوض بسرعة مع القوى العالمية الكبرى، بحسب الصحيفة.
ويعتقد بعض المراقبين أن إيران تستفيد من إضاعة الوقت وتواصل بناء نفوذها على طاولة المفاوضات من خلال زيادة تخصيب اليورانيوم وتقييد وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويمنع الاتفاق إيران من تخصيب اليورانيوم بما يزيد على 3.67 في المئة، وهي نسبة أقل بكثير من عتبة 90 في المئة اللازمة لتطوير سلاح نووي.
وفي هذا السياق، يؤكد خبراء، بحسب الصحيفة، أن برنامج إيران النووي هو في المرحلة الأكثر تقدما على الإطلاق للحصول على القدرة على إنتاج أسلحة نووية، وأن النظام الإيراني يخطط للعودة إلى الصفقة مع مزيد من التأخير، والمزيد من أوراق المساومة.
في المقابل، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إن العودة إلى المفاوضات ستستغرق شهرين إلى ثلاثة أشهر حتى تتولى الحكومة الجديدة مهامها وتخطط لاتخاذ أي قرار.
وعلى عكس الإدارة السابقة في إيران، فإن مستشاري رئيسي للسياسة الخارجية هم من المعارضين الأقوياء للتقارب مع الغرب بما يتماشى مع أيديولوجية طهران المعادية للولايات المتحدة التي تشكلت بعد الثورة الإسلامية عام 1979.
ويبدو أن إدارة رئيسي تحاول إظهار أن التفاوض مع الغرب ليس أولوية في أجندة السياسة الخارجية الإيرانية. ومع ذلك، فقد أثار عدم استعداد إيران لاستئناف المحادثات ردود فعل من قادة العالم، الذين سئموا انتظار استئناف المفاوضات، تقول الصحيفة.
وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لرئيسي في مكالمة هاتفية، 5 سبتمبر الجاري، "يجب على إيران استئناف محادثات فيينا بسرعة للوصول إلى نتيجة ووضع حد، دون تأخير، لجميع الأنشطة النووية التي تنتهك اتفاقية 2015".
كما أعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، في اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلي، 12 سبتمبر الجاري، أن إيران "تتمادى، وعلينا تحديد موعد نهائي واضح".
بدوره، شدد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، على أن "الوقت ينفذ أمام إيران لإعادة الاتفاق"، مضيفا: "لن أحدد موعدا لذلك ولكننا نقترب من النقطة التي لا تؤدي فيها العودة الصارمة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة وإعادة إنتاج الفوائد التي حققتها الاتفاقية. "
من جهتها، تقول إيران إن "البلاد مستعدة لاستئناف المحادثات، لكن المفاوضات تحت الضغط لن تؤتي ثمارها".
وأكد السياسي الإيراني المحافظ، كاظم جلالي، في حديث إلى صحيفة "إزفستيا" الروسية، عزم طهران على مواصلة مفاوضات فيينا بشأن الاتفاق النووي، لكنه أشار إلى أن الأولوية بالنسبة لطهران تبقى رفع جميع العقوبات الأميركية، وليس "المفاوضات من أجل المفاوضات".
المجلس الأعلى بدل الخارجية
ووفقا للتقرير، هناك أنباء غير مؤكد من أن إمكانية استبعاد وزارة الخارجية الإيرانية من المحادثات، كما كان الحال قبل عهد روحاني، وأن يستأنف المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني المفاوضات.
على الرغم من أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده أعلن أن إيران ستستأنف محادثات فيينا في المستقبل القريب، فإن الافتقار إلى إطار زمني محدد لموعد استئناف المفاوضات يرقى إلى تكتيك تأخير آخر.
وبالنسبة لإيران، لم يؤد تمديد المحادثات وتأجيلها إلى مخاوف من أن تفوت طهران الحصول على تنازلات رئيسية من الغرب.
وبحسب إدارة رئيسي، ربما تكون البداية المتأخرة مع نتيجة معينة أفضل من البداية السريعة دون الوصول إلى النتيجة المرجوة، وفقا للتقرير.
الحرة