ويدافع جسم الإنسان عن نفسه ضد المواد الكيميائية الضارة بدروع بيولوجية معقدة، ويعتبر أول خط دفاع خارجي هو الجلد، لكن الكثيرين لا يعرفون أن قوته تعتبر سمةً وراثية، كما أشار فريق من (معهد كارولينسكا وجامعة لوند السويدية)، حيث وجدت دراسة جديدة أن الأفراد الذين يرثون طفرة جينية معينة يمتصون ثلاث مواد كيميائية منزلية شائعة بسرعة أكبر عبر جلدهم مقارنة بغيرهم.
ووفق مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، يواجه معظم الناس عشرات المواد الكيميائية يومياً من منتجات التنظيف والعناية الذاتية المنزلية، ويشير العلماء إلى أنه من خلال التعرض الجلدي لهذه المنتجات، يمكن لبعض المواد الكيميائية المكونة لها أن تنتقل من السطح الخارجي للجلد إلى الداخل من خلال عملية تسمى الامتصاص الجلدي، وبمجرد امتصاصها يمكن للمواد الكيميائية أن تدخل مجرى الدم وتؤدي إلى سمية جهازية إذا كانت الجرعة ومدة التعرض عالية بدرجة كافية.
الجلد هو خط دفاعي أول
• طبقة القرنية في الجلد وأهميتها:
يعتمد امتصاص المواد الكيميائية إلى حد كبير على خصائص الطبقة الخارجية من الجلد، والتي تسمى بالقرنية، ولكن في حالة تلف الطبقة القرنية أو جفافها أو ضعفها بطريقة أو بأخرى، يمكن للمواد الكيميائية أن تدخل الجسم بسرعة، كما أن جين الفلاغرين، وهو الجين المكون للقرنية، ضروري للغاية لسلامة حاجز الطبقة القرنية وهو المفتاح للحفاظ على درع الجسم.
وقد كشفت دراسات سابقة أن الأشخاص الذين لديهم تباين في جين الفلاغرين، أكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض الجلدية، أي أنه يكون متوفر بعدد مختلف من قواعد الحمض النووي عن المتوسط، كما أن الأشخاص الذين يعانون من تباين الفلاغرين يكون لديهم زيادة في امتصاص بعض المواد الكيميائية، وقد أراد فريق البحث توضيح ما إذا كان امتصاص الجلد للمواد الكيميائية يزداد لدى الأشخاص الذين يعانون من طفرة في جين الفلاغرين أم لا.
وخلال الدراسة ركز الفريق على كيفية تأثير طفرات الفلاغرين على امتصاص الجلد لثلاث مواد كيميائية شائعة، وهي البيريميثانيل (مبيد حشري)، والأوكسي بنزوات (مرشح للأشعة فوق البنفسجية الموجود في واقي من الشمس)، والبيرين (الهيدروكربون الموجود في دخان الحطب).
كذلك قام الباحثون بفحص أكثر من 400 شخص في السويد لجمع معلوماتهم الجينية، وقد كان ما يقرب من 6.5 % من هؤلاء الأشخاص لديهم طفرة الفلاغرين، وقد أشار الباحثين أن هذه العينة تمثل غالبية السكان في شمال أوروبا، بالإضافة إلى ذلك قام الباحثون بعد ذلك بإحضار الأشخاص المصابين بطفرات الفلاغرين إلى المختبر لإجراء اختبار للجلد، ومن أجل الاختبار، قام الباحثون بوضع جرعة غير ضارة من المواد الكيميائية الثلاثة تلك على جلدهم لمدة أربع ساعات.
بعد ذلك، قام الباحثون بتحليل بول كل مشارك منهم لمعرفة كمية المواد الكيميائية التي يتم استقلابها وإفرازها بعد مرورها عبر الجلد، حيث اكتشفوا أن البيريميثانيل والبيرين ينتقل عبر الجلد بشكل أسرع لدى الأشخاص الذين يعانون من طفرات الفلاغرين، ومع ذلك تم امتصاص المزيد من البيريميثانيل والأوكسي بنزون أيضا، مما يشير إلى أن الأشخاص الذين يعانون من ضعف في حاجز الجلد يمتصون المبيدات الحشرية بشكل أسرع من أي شيء آخر.
وتقول الدكتورة (كارين بروبيرج)، المؤلفة الرئيسية للدراسة: " على سبيل المثال، لقد وجدنا أن جرعة عالية من المبيد الحشري الممتصة جلدياً كانت مضاعفة لدى الأشخاص الذين لديهم طفرة الفلاغرين مقارنة مع الآخرين، ففي الحقيقة إن الجلد يمتص كمية أكبر من بعض المواد الكيميائية نتيجة للاختلاف الجيني "